الأدب العربى >> الشعر >> العصر الجاهلي >> الاعشى >> نبي يرى ما لا ترون >>
قصائدالاعشى
نبي يرى ما لا ترون
الاعشى
- ألَمْ تَغتَمِضْ عَيناكَ لَيلَةَ أرْمَدَا،
- وَعَادَكَ مَا عَادَ السّلِيمَ المُسَهَّدَا
- وَمَا ذاكَ مِنْ عِشْقِ النّسَاءِ وَإنّمَا
- تَناسَيتَ قَبلَ اليَوْمِ خُلّةَ مَهدَدَا
- وَلكِنْ أرىَ الدّهرَ الذي هوَ خاتِرٌ،
- إذا أصْلَحَتْ كَفّايَ عَادَ فأفْسَدَا
- شَبَابٌ وَشَيْبٌ، وَافتِقارٌ وَثَرْوَةٌ،
- فَلِلّهِ هَذَا الدّهْرُ كَيْفَ تَرَدّدَا
- وَما زِلْتُ أبغي المَالَ مُذْ أنَاَ يَافِعٌ،
- وَلِيداً وَكَهْلاً حيِنَ شِبْتُ وَأمْرَدَا
- وَأبْتَذِلُ العِيسَ المَرَاقَيلَ تَغْتَلي،
- مَسَافَةَ مَا بَينَ النّجِيرِ فَصَرْخَدَا
- فإنْ تَسْألي عَنّي فَيَا رُبّ سَائِلٍ
- حَفّيٍ عَنِ الأعشَى به حَيثُ أصْعَدَا
- ألا أيّهَذا السّائِلي: أينَ يَمّمَتْ،
- فَإنّ لَهَا في أهْلِ يَثْرِبَ مَوْعِدَا
- فأمّا إذا مَا أدْلَجَتْ، فَتَرَى لـهَا
- رَقِيبَيْنِ جَدْياً لا يَغِيبُ وَفَرْقَدَا
- وَفيها إذا مَا هَجّرَتْ عَجْرَفِيّةٌ،
- إذا خِلْتَ حِرْبَاءَ الظّهِيرَةِ أصْيَدَا
- أجَدّتْ برِجْلَيْهَا نَجَاءً وَرَاجَعَتْ
- يَدَاهَا خِنَافاً لَيّناً غَيرَ أحْرَدَا
- فَآلَيْتُ لا أرْثي لـهَا مِنْ كَلالَةٍ،
- وَلا مِنْ حَفًى حتى تَزُورَ مُحَمّدَا
- مَتى مَا تُنَافي عندَ بابِ ابنِ هاشِمٍ
- تُرِيحي وَتَلْقَيْ مِنْ فَوَاضِلِهِ يَدَا
- نَبيٌّ يَرَى مَا لا تَرَوْن، وَذِكْرُهُ
- أغَارَ، لَعَمْرِي، في البِلادِ وَأنجَدَا
- لَهُ صَدَقَاتٌ مَا تُغِبّ، وَنَائِلٌ،
- وَلَيْسَ عَطَاءُ اليَوْمِ مَانِعَهُ غَدَا
- أجدِّكَ لمْ تَسْمَعْ وَصَاةَ مُحَمّدٍ،
- نَبيِّ الإلَهِ، حِينَ أوْصَى وَأشْهَدَا
- إذا أنْتَ لمْ تَرْحَلْ بِزَادٍ مِنَ التّقَى،
- وَلاقَيْتَ بَعْدَ المَوْتِ مَن قد تزَوّدَا
- نَدِمْتَ على أنْ لا تَكُونَ كمِثْلِهِ،
- وَأنّكَ لمْ تُرْصِدْ لِما كَانَ أرْصَدَا
- فَإيّاكَ وَالمَيْتَاتِ، لا تَأكُلَنّهَا،
- وَلا تأخُذَنْ سَهْماً حَديداً لتَفْصِدَا
- وَذا النُّصُبِ المَنْصُوبَ لا تَنسُكَنّهُ،
- وَلا تَعْبُدِ الأوْثَانَ، وَاللـه فَاعْبُدَا
- وَصَلِّ على حِينِ العَشِيّاتِ وَالضّحَى،
- وَلا تَحمَدِ الشّيطانَ، وَاللـه فاحمَدَا
- وَلا السّائِلَ المحْروُمَ لا تَتْرُكَنّهُ
- لِعاقِبَةٍ، وَلا الأسِيرَ المُقَيَّدَا
- وَلا تَسْخَرَنْ من بائِسٍ ذي ضَرَارَةٍ،
- وَلا تَحْسَبَنّ المَرْءَ يَوْماً مُخَلَّدَا
- وَلا تَقْرَبَنّ جَارَةً، إنّ سِرّهَا
- عَلَيكَ حَرَامٌ، فانكِحَنْ أوْ تأبَّدَا
المزيد...
العصور الأدبيه