الأدب العربى >> الشعر >> العصر الجاهلي >> الاعشى >> إني لترّاك الضغينة >>
قصائدالاعشى
إني لترّاك الضغينة
الاعشى
- ألا حَيّ مَيّاً، إذْ أجَدّ بُكُورُهَا،
- وَعَرِّضْ بقَوْلٍ: هلْ يُفادى أسيرُهَا
- فَيا مَيّ لا تُدْلي بِحَبْلٍ يَغُرّني
- وَشَرُّ حِبَالِ الوَاصِلينَ غَرُورُهَا
- فإنْ شئتِ أنْ تُهدَيْ لقَوْميَ فاسألي
- عَنِ العِزّ وَالإحْسانِ أينَ مَصِيرُهَا
- تَرَي حامِلَ الأثْقالِ وَالدّافعَ الشّجَا
- إذا غُصّةٌ ضَاقَتْ بِأمْرٍ صُدُورُهَا
- بهِمْ تُمتَرَى الحَرْبُ العَوَانُ وَمنهُمُ
- تُؤدّى الفُرُوضُ حُلْوُها وَمَرِيرُهَا
- فَلا تَصْرِمِيني، وَاسألي مَا خَليقَتي
- إذا رَدّ عَافي القِدْرِ مَنْ يَسْتَعِيرُهَا
- وَكانُوا قُعُوداً حَوْلَها يَرْقُبُونَهَا،
- وَكَانَتْ فَتاةُ الحَيّ مِمّنْ يُنِيرُهَا
- إذا احْمَرّ آفَاقُ السّماءِ وَأعْصَفَتْ
- رِيَاحُ الشّتاءِ، وَاستَهَلّتْ شُهورُها
- تَرَيْ أنّ قِدْرِي لا تَزَالُ كَأنّهَا
- لِذِي الفَرْوَةِ المَقْرُورِ أُمٌّ يَزُورُهَا
- مُبَرَّزَةٌ، لا يُجْعَلُ السّتْرُ دُونَهَا،
- إذا أُخْمِدَ النّيرَانُ لاحَ بَشِيرُهَا
- إذا الشّوْلُ رَاحَتْ ثمّ لمْ تَفْدِ لحمَها
- بِألْبَانِهَا، ذاقَ السّنَانَ عَقِيرُهَا
- يُخَلّى سَبيلُ السّيْفِ إنْ جالَ دونَها،
- وَإنْ أنْذِرَتْ لمْ يَغْنَ شَيئاً نَذِيرُهَا
- كَأنّ مُجَاجَ العِرْقِ في مُسْتَدارِها
- حَوَاشِي بُرُودٍ بَينَ أيْدٍ تُطِيرُهَا
- وَلانَلْعَنُ الأضْيَافَ إنْ نَزَلُو بِنَا،
- وَلا يَمْنَعُ الكَوْمَاءَ مِنّا نَصِيرُهَا
- وَإنّي لَتَرّاكُ الضّغِينَةِ قَدْ أرَى/
- قَذَاهَا مِن المَوْلى، فَلا أستَثِيرُها
- وَقُورٌ إذا مَا الجَهْلُ أعْجَبَ أهْلَهُ
- وَمِن خَيرِ أخْلاقِ الرّجالِ وُقُورُهَا
- وَقَدْ يَئِسَ الأعداءُ أنْ يَستَفِزّني
- قِيَامُ الأُسُودِ، وَثْبُهَا وَزَئِيرُها
- وَيَوْمٍ مِنَ الشّعْرَى كَأنّ ظِبَاءَهُ
- كَوَاعِبُ مَقْصُورٌ عَلَيها سُتُورُهَا
- عَصَبْتُ لَهُ رَأسي، وَكَلّفتُ قَطعَه
- هُنالِكَ حُرْجُوجَاً، بَطِيئاً فُتورُهَا
- تَدَلّتْ عَلَيْهِ الشّمْسُ حتى كأنّها
- مِنَ الحَرّ مَرمي بالسّكينه قُورُها
- وَمَاءٍ صَرىً لمْ ألْقَ إلاّ القَطَا بِهِ،
- وَمَشهورَةَ الأطَواقِ، وُرْقاً نحُورُهَا
- كَأنّ عَصِيرَ الضَّيْحِ، في سَدَيَانِهِ،
- دَفُوناً وَأسْداماً، طوِيلاً دُثُورُهَا
- وَلَيْلٍ، يَقُولُ القَوْمُ من ظُلُماتِهِ:
- سَوَاءٌ بَصِيرَاتُ العُيُونِ وَعُورُهَا
- كَأنّ لَنَا مِنْهُ بُيُوتاً حَصِينَةً،
- مُسُوحٌ أعَاليهَا وَسَاجٌ كُسُورُهَا
- تَجَاوَزْتُهُ حَتّى مَضَى مُدْلَهِمُّهُ،
- وَلاحَ مِنَ الشْمسِ المُضِيئَةِ نُورُهَا
المزيد...
العصور الأدبيه