الأدب العربى >> الشعر >> العصر الجاهلي >> الاعشى >> إلى هوذة الوهاب >>
قصائدالاعشى
إلى هوذة الوهاب
الاعشى
- أتَشْفِيكَ «تَيّا» أمْ تُرِكْتَ بدائكا،
- وَكَانَتْ قَتُولاً للرّجَالِ كَذَلِكَا
- وَأقصَرْتَ عن ذِكْرِ البَطالةِ وَالصِّبَى،
- وَكانَتْ سَفاهاً ضَلّةً مِنْ ضَلالِكَا
- وَمَا كانَ إلاَّ الحَيْنَ يَوْمَ لَقِيتَها،
- وَقَطْعَ جَدِيدٍ حَبْلُهَا من حِبالِكَا
- وَقَامَتْ تُرِيني بَعدَما نَامَ صُحبَتي
- بَيَاضَ ثَنَايَاهَا وَأسْوَدَ حَالِكَا
- وَيَهْماءَ قَفْرٍ تَخْرُجُ العَينُ وَسطَها،
- وَتَلْقَى بهَا بَيْضَ النّعَامِ تَرَائِكَا
- يَقُولُ بِهَا ذُو قُوّةِ القَوْمِ، إذْ دَنا
- لصَاحِبِهِ، إذْ خَافَ مِنها المَهالِكَا
- لكَ الوَيلُ أفشِ الطَّرْفَ بالعَينِ حوْلَنا
- عَلى حَذَرٍ، وَأبْقِ مَا في سِقَائِكَا
- وَخَرْقٍ مَخُوفٍ قد قَطَعتُ بجَسرَةٍ
- إذا الجِبسُ أعيَا أنْ يَرُومَ المَسالِكَا
- قَطَعتُ إذا مَا اللّيلُ كانَتْ نجُومُهُ
- تَرَاهُنّ في جَوّ السّمَاءِ سَوَامِكَا
- بِأدْمَاءَ حُرْجُوجٍ بَرَيْتُ سَنَامَها
- بِسَيرِي عَلَيها بَعدَما كانَ تَامِكَا
- لَهَا فَخِذَانِ تَحْفِزَانِ مَحَالَةً،
- وَصُلْباً كَبُنْيَانِ الصَّفَا مُتَلاحِكَا
- وَزَوْراً تَرَى في مِرْفَقَيْهِ تَجَانُفاً
- نَبِيلاً كَبَيْتِ الصّيْدَلانيّ دَامِكَا
- وَرَأساً دَقِيقَ الخَطْمِ صُلْباً مُذَكَّراً،
- وَدَأياً كَأعْنَاقِ الضّبَاعِ وَحَارِكَا
- إلى هَوْذَةَ الوَهّابِ أهْدَيْتُ مِدحتي
- أُرَجي نَوَالاً فَاضِلاً مِنْ عَطَائِكَا
- تَجانَفُ عَنْ جُلّ اليَمَامَةِ نَاقَتي،
- وَمَا قَصَدَتْ مِنْ أهلِها لِسِوَائِكَا
- ألَمّتْ بِأقْوَامٍ فَعَافَتْ حِيَاضَهُمْ
- قَلُوصي، وَكانَ الشَّرْبُ منها بمائكآ
- فَلَمّا أتَتْ آطَامَ جَوٍّ وَأهْلَهُ،
- أُنِيخَتْ، وَألقَتْ رَحْلَها بفِنائِكَا
- وَلَمْ يَسْعَ في الأقْوَامِ سَعْيَكَ وَاحدٌ،
- وَلَيْسَ إنَاءٌ للنّدَى كَإنَائِكَا
- سَمِعتُ بسَمعِ البَاعِ وَالجودِ وَالندى
- فأدلَيتُ دَلْوِي، فاستَقتْ برِشائِكَا
- فتىً يَحمِلُ الأعباءَ، لَوْ كانَ غَيرُهُ
- من النّاسِ لمْ ينهَضْ بها مُتَماسِكَا
- وَأنْتَ الّذِي عَوّدْتَني أنْ تَرِيشَني،
- وَأنْتَ الّذِي آوَيْتَني في ظِلالِكَا
- فَإنّكَ فِيمَا بَيْنَنَا فيّ مُوزَعٌ
- بخَيْرٍ، وَإنّي مُولَعٌ بِثَنَائِكَا
- وَجَدْتَ عَلِيّاً بَانِياً، فَوَرِثْتَهُ،
- وَطَلْقاً، وَشَيْبانَ الجَوَادَ، وَمالِكَا
- بُحُورٌ تَقُوتُ النّاسَ في كُلّ لَزْبَةٍ،
- أبُوكَ وَأعْمَامٌ هُمُ هَؤلائِكَا
- وَمَا ذاكَ إلاّ أنَّ كَفّيْكَ بِالنّدَى
- تَجُودانِ بِالإعْطاءِ، قَبلَ سُؤالِكَا
- يَقُولُونَ: في الإكْفَاءِ أكْبَرُ هَمّه،
- ألا رُبّ مِنْهُمْ مَن يَعِيشُ بمَالِكَا
- وَجَدْتَ انْهِدامَ ثُلْمَةٍ، فبَنَيْتَها،
- فَأنْعَمْتَ إذْ ألْحَقْتَها بِبِنَائِكَا
- وَرَبّيْتَ أيْتَاما، وَألْحَقتَ صِبْيَةً،
- وأدْرَكْتَ جَهدَ السّعيِ قبلَ عنائِكَا
- وَلمْ يَسْعَ في العَلْيَاءِ سَعيَكَ ماجِدٌ،
- وَلا ذُو إنِّى في الحَيّ مثلَ قَرَائِكَا
- وَفي كُلّ عَامٍ أنْتَ جاشِمُ غَزْوَةٍ،
- تَشُدّ لأِقْصَاهَا عَزِيمَ عَزِيمَ عَزَائِكَا
- مُوَرِّثَةٍ مَالاً، وَفي الحَمْدِ رِفْعَةَ،
- لِمَا ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوءِ نِسَائِكَا
- تُخَبّرُهُنّ الطّيْرُ عَنْكَ بِأوْبَةٍ،
- وَعَيْنٌ أقَرّتْ نَوْمَهَا بِلِقَائِكَا
المزيد...
العصور الأدبيه