الأدب العربى >> الشعر >> العصر الجاهلي >> الاعشى >> إليك أبيت اللعن >>
قصائدالاعشى
إليك أبيت اللعن
الاعشى
- أتَرْحَلُ،من لَيْلى وَلمّا تَزَوّدِ،
- وكنتَ كَمنْ قَضّى اللُّبَانَةَ مِنْ دَدِ
- أرَى سَفَهاً بِالمَرْءِ تَعْلِيقَ لُبّهِ
- بِغَانِيَةٍ خَوْدٍ، مَتى تَدْنُ تَبْعدِ
- أتَنْسَينَ أيّاماً لَنَا بِدُحَيْضَةٍ،
- وَأيّامَنَا بَينَ البَدِيّ، فَثَهْمَدِ
- وَبَيْدَاءَ تِيهٍ يَلْعَبُ الآلُ فَوْقَهَا،
- إذا ما جَرَى، كالرّازِقّي المُعَضَّدِ
- قَطَعْتُ بِصَهْبَاءِ السّرَاةِ، شِمِلّةٍ،
- مَرُوحِ السُّرَى وَالغِبّ من كلّ مَسأدِ
- بَناها السّوَادِيُّ الرّضِيخُ مَعَ الخَلى،
- وَسَقْيي وَإطْعامي الشّعِيرَ بمَحْفَدِ
- لدى ابنِ يَزِيدٍ أوْ لَدى ابنِ مُعَرِّفٍ
- يَفُتّ لـهَا طَوْراً وَطَوْراً بمِقْلَدِ
- فَأضْحَتْ كَبُنْيَانِ التّهَاميّ شَادَهُ
- بِطِينٍ وَجَيّارٍ، وَكِلْسٍ وَقَرْمَدِ
- فَلَمّا غَدَا يَوْمُ الرّقَادِ، وَعِنْدَهُ
- عَتَادٌ لذي هَمٍّ لمَنْ كانَ يَغتَدي
- شَدَدْتُ عَلَيها كُورَهَا فتَشَدّدَتْ
- تَجُورُ عَلى ظهْرِ الطّرِيقِ وَتَهْتَدي
- ثَلاثاً وَشَهْراً ثمّ صَارَتْ رَذِيّةً،
- طَلِيحَ سِفَارٍ كَالسّلاحِ المُفَرَّدِ
- إلَيكَ، أبَيْتَ اللّعْنَ، كانَ كَلالُها،
- إلى المَاجِدِ الفَرْعِ الجَوَادِ المُحَمّد
- إلى مَلِكٍ لا يَقْطَعُ اللّيْلُ هَمَّهُ،
- خَرُوجٍ تَرُوكٍ، للفِرَاشِ المُمَهَّدِ
- طَوِيلِ نِجَادِ السّيْفِ يَبعَثُ هَمُّهُ
- نِيَامَ القَطَا باللّيْلِ في كلّ مَهْجَدِ
- فَما وَجَدَتْكَ الحَرْبُ، إذْ فُرّ نابُهَا،
- عَلى الأمْرِ نَعّاساً عَلى كُلّ مَرْقَدِ
- وَلكِنْ يَشُبّ الحَرْبَ أدْنَى صُلاتِها
- إذا حَرّكُوهُ حَشَّهَا غَيرَ مُبرِدِ
- لَعَمرُ الذي حَجّتْ قُرَيْشٌ قَطينَهُ،
- لقد كِدتَهمْ كَيدَ امرِىءٍ غيرِ مُسنَدِ
- أُولى وَأُولى كُلٌّ، فَلَسْتَ بِظَالِمٍ،
- وَطِئْتَهُمُ وَطْءَ البَعِيرِ المُقَيَّدِ
- بمَلمومةٍ لا يَنفُضُ الطّرْفُ عَرضَها،
- وَخَيْلٍ وَأرْمَاحٍ وَجُنْدٍ مُؤيَّدِ
- كَأنَّ نَعَامَ الدّوّ بَاضَ عَلَيْهِمُ،
- إذا رِيعَ شَتّى للصّرِيخِ المُنَدِّدِ
- فَمَا مُخْدِرٌ وَرْدٌ كَأنّ جَبِينَهُ
- يُطَلّى بِوَرْسٍ أوْ يُطَانُ بمُجْسَدِ
- كَسَتْهُ بَعُوضُ القَرْيَتَينِ قَطِيفَةً،
- مَتى مَا تَنَلْ مِنْ جِلْدِهِ يَتَزَنّدِ
- كَأنّ ثِيَابَ القَوْمِ حَوْلَ عَرِينِهِ،
- تَبابِينُ أنْباطٍ لَدى جَنبِ مُحصَدِ
- رَأى ضَوْءَ نَارٍ بَعدَما طافَ طَوْفَةً
- يُضِيءُ سَناها بَينَ أثْلٍ وَغَرْقَدِ
- فَيَا فَرَحَا بالنّارِ إذْ يَهْتَدِي بِهَا
- إلَيْهِمْ، وَأضْرَامِ السّعِيرِ المُوَقَّدِ
- فَلَمّا رِأوْهُ دُونَ دنْيَا ركَابِهِمْ،
- وَطَارُوا سِرَاعاً بِالسّلاحِ المُعَتَّدِ
- أتِيحَ لَهُمْ حُبُّ الحَيَاةِ فأدْبَرُوا،
- وَمَرْجاةُ نَفْسِ المَرْءِ ما في غَدٍ غدِ
- فَلَمْ يَسْبِقُوهُ أنْ يُلاقي رَهِينَةً،
- قَلِيلَ المَساكِ عِندَهُ غَيرَ مُفْتَدي
- فَأَسْمَعَ أُولى الدّعوَتَينِ صِحَابَهُ،
- وَكَانَ الّتي لا يَسْمَعونَ لـهَا قَدِ
- بأصْدَقَ بأساً منكَ يَوْماً، وَنَجْدَةً،
- إذا خامَتِ الأبْطالُ في كلّ مَشْهَدِ
- وَمَا فَلَجٌ يَسْقي جَداوِلَ صَعْنَبَى،
- لَهُ شَرَعٌ سَهْلٌ عَلى كُلّ مَوْرِدِ
- وَيُرْوِي النّبِيطُ الزّرْقُ من حَجَرَاتِهِ
- دِيَاراً تُرَوّى بِالأتّي المُعَمَّدِ
- بِأجْوَدَ مِنْهُ نَائِلاً، إنّ بَعْضَهُمْ
- كَفى ما لَهُ باسْمِ العَطاءِ المُوَعَّدِ
- تَرَى الأُدْمَ كالجَبّارِ وَالجُرْدَ كالقنا
- مُوَهَّبَةً مِنْ طَارِفٍ وَمُتَلَّدِ
- فَلا تَحْسَبَنّي كافِراً لَكَ نِعْمَةً،
- عَليّ شَهِيدٌ شَاهِدُ اللـهِ، فاشهَدِ
- وَلكنّ مَن لا يُبصرُ الأرْضَ طَرْفُهُ،
- متى ما يُشِعْهُ الصّحْبُ لا يَتَوَحّدِ
المزيد...
العصور الأدبيه