الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أحمد بنميمون >> أصوات الولد الضال والفراشات >>
قصائدأحمد بنميمون
أصوات الولد الضال والفراشات
أحمد بنميمون
- ـ1ـ صوتان مني
- (هل تتوقف في جذرك أم تجري ؟)
- ـ ينساب الوقت وهذا هديل في صدري
- لا يوشك أن يسكت حتى أسمع خلفي خطو الطعنة
- إن هناك الإرهاب يطارد هذا اللاهث إذ يرحل في الفطنة
- هذا الواهي لم يعرف في قفص الجسم سوى الخوف ،يطارده منذ
- طفولته الوحش ، وإذ يسمع زأرا يتجول مضطربا بحثا
- عن لغة في جهة من هذا القفص المظلم
- يكتب فيها بالصرخة ، تشرق بالدمعة صك ّ براءته
- 'رحماك...)أتمتم في سري (اللعنة) يا من أوغل في الهجران
- ولا أدري في وطن الزمن الهارب أرض إقامته
- (إني أتبرأ منك ...فلا تنزع عن جرحي الموبوء ضماد البحر ،
- لا تحرمني عري الصدق لتلبسني ديباج الوصمة
- لا تجعل في شفتيّ الورد الظامئ في أفياء النعمة
- إني أجري في الداخل نحو الناس
- وفي الخارج نحو القلب
- لا تحرمني في معتقل الأعماق عطاء الشمس
- حتى أسقط عني أستار الذنب
- ودليلي في عينيك قذى ً في الحلق شرقت به كلمة
- وتطاردني ـوأطارد فيك ـ لأثبت حقي ، نفي التهمة
- ويجيب الصوت الصارخ في بيدائي ممتلئا بالنار وبالألوان
- وتنطفئ الفرحة والأقمار ، شهابا ينساب على شفتيّ رمادا ،
- عرقا ممزوجا بيبوسة حنجرتي ، تصرخ نفسي في نفسي ،
- يصرخ في قفص ٍ مّا جسمي:
- (في الريح اللامرئية سرّ ٌ يتحرك هذا الموج به
- في النسمة زوبعة يربدّ لها وجه العالم
- لكن في الداخل ينمو ـ ويشبّ عن الطوق ـ جنين الفرحة
- الريح اللا مرئية تنساب فتملأ صدري المنحور هديلا
- وأنا حين أسير إلى الضوء يطاردني موال عزيف يمتدّ طويلا
- أهي الريح اللامرئية تنشد في ذات أخرى ما أعشق أن ينداح صهيلا
- خببا في صدري ؟
- ها أنذا في جذري
- لا أتوقف لا أجري
- كالموجة أطلب أن تخرج عن تكويني الرغوة
- أن أجني غبر الملح ،
- وأنزع عن جرحي
- موت زماني في الأزرق
- أتوالد في الأوجاع ،وأقتل في عريي لا فقر ولا ثروة
- 2 ــ صوت ثان
- أتضرع للعابر ـ أيّا كان (ث خارجي) ـ وفي أي ّ طريق
- أن يأكل من ذاتي ، حتى إن أنهى بهدوء أكلي
- أن يتجمهر ضدّ رغاب ٍكان يراها عين العقل
- أن يتجند هذا العام مع الحاجب والسيّاف
- مع العسس الليلي
- لمطارد المغضوب عليه :الطفل المجنون
- ذي الجسد الرخو ، المطفأ لاتشعلة إلا نار الفتنة
- يا هذا العار أطفئْ ما شبّ بقربك من أضواء حريق
- أيّا كان الوقت وفي أي ّ طريق
- 3 ــ صوت من حجر
- الذين جاءوا لقتلي أسكرهم ضلالي ، والذين رجموني
- تراكمت أحجارهم فوقي روائع منحوتات من أصابع
- كل العصور ، فسرى همس من جسدي إليهم :الرجم لن يهدمني
- فأنا من شفافية أبهى ربيع لم ينحدر بعد من ماء الحلم إلى أحشاء الهيولى ،
- أنا المصباح وأحجاركم الفراشات التي
- تعبدني، أنا من يشعل الأحجار رمادا ، وفي نيراني خلاصكم
- تعبدونني ... هكذا تشهد فراشاتكم
- تحت هذي الشهادة صوت الذي في الجبال
- تكلم فاستمعت مدن الأرض للغة النارية
- تحت هذي الحجارة أحلامكم
- طلقة واحدة
- وتفور الينابيع من حجر ٍ ، تصدح الأغنية
- ويسير الفراش إلى النار ،تكتمل الأغنية
- ***
- والهمس لا يشعل جسدي الرخو ،الذي يعيش شعورا
- ينكر على خطواتي السير وئيدا أو سريعا مع
- جداول الطفولةالتي تنحدر إلى أعماٌ في جهة
- ما مني ، جسدي الرخو يرحل إلى حيث يطارد
- الأحجار ،كما يطارد طفل لعبة حية : سلحفاة
- أو فراشة أ, قوس قزح، أو كما يجري مجنون وراء
- شئ ٍ يحسبه ذاكرته في ماضيه ، الهمس لا يشعل جسدي
- الرخو ـ الطفل ـ المجنون ،تبتسم الأحجار بطيبوبة
- فتملأني الكآبة والاشمئزاز من جسدي الذي لا يجاري
- الأحجار فيما تفعل ، ولو من قبيل مجاملة
- طيبوبنها ،لكن الأحجار في داخلي تصرخ بما لا يدع
- لي مجالا للريب في فقداني صوتي
- ***
- يالغةَ ًلا أعرف كيف أسميها
- منها لغتي في الرعشة والصورة
- تتداعى في ذاكرتي بمشاهد عن أزمنة
- عبرتْ ،عن حرب ٍ شبّت في أرضي المغدورة
- للرّيف ِ دوّيٌ ٌ في ذاتي يملأني بهتاف ٍ
- بين جبال تدعو بعتاد ٍ للثورة
- لجهات أخرى خلخلة ٌ
- لضلال الجسد الرخو ـ الطفل ـ المجنون الذاهل ِ
- في ظل قناعات موتورة .
- -
- الدار البيضاء :فبراير ـ مارس 1980
المزيد...
العصور الأدبيه