الأدب العربى >> الشعر >> العصر الجاهلي >> الاعشى >> من مبلغ كسرى؟ >>
قصائدالاعشى
من مبلغ كسرى؟
الاعشى
- أثْوَى، وَقَصّرَ لَيْلَةً لِيُزَوَّدَا،
- وَمَضَى وَأخلَفَ من قُتَيلَةَ مَوْعدَا
- وَمَضَى لحاجَتِهِ، وَأصْبَحَ حَبْلُهَا
- خَلَفاً، وَكانَ يَظُنّ أنْ لن يُنكَدَا
- وأرَى الغَوَانَي حِينَ شِبْتُ هَجَرْننَي
- أنْ لا أكوُنَ لَهُنّ مِثليَ أمْرَدَا
- إنّ الغَوَانيَ لا يُوَاصِلْنِ امْرَأً
- فَقَدَ الشّبَابَ وَقَدْ يَصِلْنَ الأمرَدَا
- بَلْ لَيْتَ شِعرِي هَلْ أعودَنَّ ناشئاً
- مِثْلي زُمَينَ أحُلّ بُرْقَةَ أنْقَدَا
- إذْ لِمّتي سَوْداءُ أتْبَعُ ظِلّهَا،
- دَدَناً، قُعُودَ غَوَايَةٍ أجْرِي دَدَا
- يَلْوِينَني دَيْني النّهَارَ، وَأجْتَزِي
- دَيْني إذا وَقَذَ النّعَاسُ الرُّقَّدَا
- هَلْ تَذْكُرِينَ العَهْدَ يا ابْنَةَ مالكٍ
- أيّامَ نَرْتَبِعُ السّتَارَ، فثَهْمَدَا
- أيّامَ أمْنَحُكِ المَوَدّةَ كُلّهَا،
- مِني وَأرْعَى بِالمَغِيبِ المَأحَدَا
- قالَتْ قُتَيْلَةُ ما لجِسْمِكَ سَايئاً،
- وَأرَى ثِيَابَكَ بَالِيَاتٍ هُمَّدَا
- أذْلَلْتَ نَفْسَكَ بَعْدَ تَكْرِمَةٍ لـها
- أوْ كُنْتَ ذا عَوَزٍ وَمَنْتَظِراً غَدَا
- أمْ غابَ رَبُّكَ فاعتَرَتْكَ خَصَاصَةٌ
- فَلَعَلّ رَبّكَ أنْ يَعُودَ مُؤيَّدَا
- رَبّي كَرِيمٌ لا يُكَدِّرُ نِعْمَةً،
- وَإذا يُنَاشَدُ بِالمَهَارِقِ أنْشَدَا
- وَشِمِلّةٍ حَرْفٍ كَأنّ قُتُودَهَا
- جَلّلْتُهُ جَوْنَ السّرَاةِ خَفَيْدَدَا
- وَكَأنّهَا ذُو جُدّةٍ، غِبَّ السُّرَى،
- أوْ قَارِحٌ يَتْلُو نَحائِصَ جُدَّدَا
- أوْ صَعْلَةٌ بِالقَارَتَينِ تَرَوّحَتْ
- رَبْدَاءَ، تَتّبِعُ الظّلِيمَ الأرْبَدَا
- يَتَجَارَيَانِ، وَيَحْسَبَانِ إضَاعَةً
- مُكثَ العِشاءِ، وَإنْ يُغيما يَفقِدَا
- طَوْراً تَكُونُ أمَامَهُ فَتَفُوتُهُ،
- وَيَفُوتُهَا طَوْراً إذا مَا خَوّدَا
- وَعُذَافِرٍ سَدَسٍ تَخَالُ مَحَالَهُ
- بُرْجاً، تُشَيّدُهُ النّبِيطُ القَرْمَدَا
- وَإذا يَلُوثُ لُغَامَهُ بِسَدِيسِهِ،
- ثَنّى، فَهَبّ هِبَابَهُ وَتَزَيّدَا
- وَكَأنّهُ هِقْلٌ يُبَارِي هِقْلَهُ،
- رَمْداءَ في خِيطٍ نَقَانِقَ أرْمَدَا
- أمسَى بذِي العَجْلانِ يَقْوُر رَوْضَةً
- خَضْرَاءَ أنْضَرَ نَبْتُهَا فَتَرَأْدَا
- أذْهَبْتهُ بِمَهَامِهٍ مَجْهُولَةٍ،
- لا يَهْتَدِي بُرْتٌ بهَا أنْ يَقْصِدَا
- مَنْ مُبْلِغٌ كِسْرَى، إذا مَا جاءَهُ،
- عَنّي مَآلِكَ مُخْمِشَاتٍ شُرَّدَا
- آلَيْتُ لا نُعْطِيهِ مِنْ أبْنَائِنَا
- رُهُناً فيُفسِدَهمْ كَمنْ قد أفْسَدَا
- حتى يُفِيدَكَ مِنْ بَنِيهِ رَهِينَةً
- نعشٌ، وَيَرْهَنَكَ السّماكُ الفَرْقَدَا
- إلاّ كَخارِجَةَ المُكَلِّفِ نَفْسَهُ،
- وَابْنَيْ قَبِيصَةَ أنْ أغيبَ وَيَشهَدَا
- أنْ يَأتِيَاكَ برُهنِهِمْ، فهُمَا إذَنْ
- جُهِدَا وَحُقّ لخَائِفٍ أنْ يُجْهَدَا
- كَلاّ! يَمِينَ اللـهِ حَتى تُنْزِلُوا
- مِنْ رَأسِ شَاهِقَةٍ إلَيْنَا الأسْوَدَا
- لَنُقَاتِلَنّكُمُ عَلى مَا خَيّلَتْ،
- وَلَنَجْعَلَنّ لِمَنْ بَغَى وَتَمَرّدَا
- مَا بَينَ عَانَةَ وَالفُرَاتِ، كَأنّمَا
- حَشّ الغُوَاةُ بِهَا حَرِيقاً مُوقَدَا
- خُرِبَتْ بُيُوتُ نَبِيطَةٍ، فَكَأنّمَا
- لمْ تِلْقَ بَعْدَكَ عَامِراً مُتَعَهِّدَا
- لَسْنَا كَمنْ جَعَلَتْ إيَادٌ دارَهَا
- تَكْرِيتَ تَمْنَعُ حَبّهَا أنْ يُحصَدَا
- قَوْماً يُعَالِجُ قُمّلاً أبْنَاؤهُمْ،
- وَسَلاسِلاً أُجُداً وَبَاباً مُؤصَدَا
- جَعَلَ الإلَهُ طَعَامَنَا في مَالِنَا
- رِزْقاً تَضَمّنَهُ لَنَا لَنْ يَنْفَدَا
- مِثْلَ الـهِضَابِ جَزَارَةً لسُيُوفِنَا،
- فإذا تُرَاعُ، فإنّهَا لَنْ تُطْرَدَا
- ضَمِنَتْ لَنَا أعْجازُهُنّ قُدُورَنَا،
- وَضُرُوعُهُنّ لَنَا الصّرِيحَ الأجْرَدَا
- فاقْعُدْ، عَلَيْكَ التّاجُ مُعْتَصِباً بهِ،
- لا تَطْلُبَنّ سَوَامَنَا، فَتَعَبّدَا
- فَلَعَمْرُ جَدّكَ لَوْ رَأيْتَ مَقَامَنَا
- لَرَأيْتَ مِنّا مَنْظَراً وَمُؤيَّدَا
- في عارِضٍ مِنْ وَائِلٍ، إنْ تَلقَهُ
- يَوْمَ الـهِيَاجِ، يكنْ مسيرُكَ أنكَدَا
- وَتَرَى الجِيَادَ الجُرْدَ حَوْلَ بُيُوتِنَا
- مَوْقُوفَةً، وَتَرَى الوَشِيجَ مُسَنَّدَا
المزيد...
العصور الأدبيه