الأدب العربى >> الشعر >> العصر الجاهلي >> الاعشى >> الواهب الكوم الصفايا >>
قصائدالاعشى
الواهب الكوم الصفايا
الاعشى
- خَيَالٌ مِنْ قُتَيْلَةَ بَعْدَمَا
- وَهَى حَبْلُهَا مِنْ حَبْلِنا فتَصَرّمَا
- فَبِتُّ كَأنّي شَاربٌ بَعْدَ هَجْعَةٍ
- سُخامِيّةً حَمْرَاءَ تُحسَبُ عَندَمَا
- إذا بُزِلَتْ مِنْ دَنّهَا فَاحَ رِيحُهَا،
- وَقد أُخرِجَتْ من أسَودِ الجَوْفِ أدهمَا
- لـهَا حَارِسٌ مَا يَبْرَحُ الدّهرَ بَيْتَها،
- إذا ذُبِحَتْ صَلّى عَلَيها وزَمْزَمَا
- بِبابِلَ لمْ تُعْصَرْ،فجاءتْ سُلافَةً
- تُخَالِطُ قِنْدِيداً وَمِسكاً مُختَّمَا
- يَطُوفُ بهَا سَاقٍ عَلَيْنَا مُتَوَّمٌ،
- خَفيفٌ ذَفِيفٌ مَا يَزَالُ مُفَدَّمَا
- بِكَأسٍ وَإبْريقٍ كَأنّ شَرَابَهُ،
- إذا صُبّ في المِصْحَاةِ خالَطَ بَقّمَا
- لَنَا جُلَّسَانٌ عِنْدَهَا وبَنَفْسَجٌ،
- وَسِيسِنْبَرٌ، وَالمَرْزَجُوشُ مُنَمنَمَا
- وَآسٌ وَخيرِيٌّ، وَمَرْوٌ وَسَوْسَنٌ،
- إذا كان هِنْزمْنٌ وَرُحْتُ مُخَشَّمَا
- وَشَاهَسْفَرِمْ وَاليَاسَمِينُ وَنَرْجِسٌ
- يُصَبّحُنَا في كلّ دَجْنٍ تَغَيّمَا
- وَمُسْتُقُ سِينينٍ وَوَنٌّ وَبَرْبَطٌ
- يُجَاوِبُهُ صَنْجٌ إذَا مَا تَرَنّمَا
- وَفِتْيَانُ صِدْقٍ لا ضَغائِنَ بَيْنَهُمْ،
- وَقَدْ جَعَلُوني فَيسَحاهاً مُكَرَّمَا
- فَدَعْ ذا وَلكِن رُبّ أرْضٍ مُتِيهَةٍ
- قَطَعتُ بحُرْجُوجٍ، إذا اللّيلُ أظلَمَا
- بِنَاجِيةٍ كَالفَحْلِ فيها تَجَاسُرٌ،
- إذا الرّاكِبُ النّاجي استَقى وَتَعَمّمَا
- تَرَى عَيْنَها صَغْوَاءَ في جَنْبِ مؤقها
- تُرَاقبُ في كَفّي القَطيعَ المُحرَّمَا
- كَأنّي وَرَحْلي وَالفِتَانَ وَنُمْرُقي
- عَلى ظَهْرِ طَاوٍ أسْفَعِ الخَدّ أخثَمَا
- عَلَيْهِ دَيَابُوذٌ تَسَرْبلَ تَحْتَهُ
- أرَنْدَجَ إسْكَافٍ يُخالِطُ عِظلِما
- فَبَاتَ عَذُوباً للسّماءِ كَأنَّمَا
- يُوَائِمُ رَهْطاً للعزُوبَةِ صُيَّمَا
- يَلُوذُ إلى أرْطَاةِ حِقْفٍ تَلُفّهُ
- خَرِيقُ شَمَالٍ تَترُكُ الوَجهَ أقْتَمَا
- مُكِبّاً عَلى رَوْقَيْهِ يَحْفِرُ عِرْقَها
- عَلى ظَهْرِ عُرْيَانِ الطّرِيقَةِ أهْيَمَا
- فَلَمّا أضاء الصّبْحُ قامَ مُبَادِراً،
- وَحانَ انطلاقُ الشّاةِ من حيثُ خيّمَا
- فَصَبّحَهُ عِنْدَ الشرُوقِ غُدَيّةً
- كِلابُ الفتى البكرِيّ عوْفِ بن أرْقَمَا
- فأطْلَقَ عَنْ مَجْنِوبِها، فاتّبَعنَهُ
- كمَا هَيّج السّامي المُعَسِّلُ خَشرَمَا
- لَدُنْ غُدْوَةً حتى أتَى اللّيلُ دونَهُ
- وَجَشّمَ صَبْراً رَوْقَهُ، فَتَجَشّمَا
- وَأنْحَى عَلى شؤمَى يَدَيْهِ، فذادها
- بأظْمَأ مِنْ فَرْعِ الذّؤابَةِ أسْحَمَا
- وَأنْحَى لـهَا إذْ هَزّ في الصّدْرِ رَوْقَهُ
- كما شكَّ ذو العُودِ الجَرَادَ المُخَزَّمَا
- فَشَكّ لـهَا صَفْحاتِهَا صْدْرُ رَوْقِهِ
- كما شَكّ ذو العُودِ الجَرَادَ المُنظَّمَا
- وَأدْبَرَ كالشّعرَى وُضُوحاً وَنُقْبَةً،
- يُوَاعِنُ مِنْ حَرّ الصّرِيمَةِ مُعظَما
- فَذلِكَ، بَعدَ الجَهدِ، شَبّهتُ ناقَتي
- إذا الشّاةُ يَوْماً في الكِناسِ تَجَرْثَمَا
- تَؤمّ إيَاساً، إنّ رَبّي أبَى لَهُ
- يَدَ الدّهْرِ إلاّ عِزةً وَتَكَرُّمَا
- نَمَاهُ الإلَهُ فَوْقَ كُلّ قَبِيلَةٍ،
- أباً فأباً، يَأبَى الدّنِيَّةَ أيْنَمَا
- وَلمْ يَنتَكِسْ يَوْماً فيُظلِمَ وَجْهُهُ
- ليَرْكَبَ عَجْزاً أوْ يُضَارِعَ مأثَمَا
- وَلَوْ أنّ عزَ النّاسِ في رَأسِ صَخرَةٍ
- مُلَمْلَمَةٍ تُعْيِي الأرَحَّ المُخَدّمَا
- لأعْطَاكَ رَبُّ النّاس مِفْتَاحَ بابِها،
- وَلَوْ لمْ يَكُنْ بَابٌ لأعطاكَ سُلّمَا
- فَما نِيلُ مِصْرٍ إذْ تَسامَى عُبَابُهُ
- وَلا بَحْرُ بَانِقْيَا إذا رَاحَ مُفْعَمَا
- بِأجْوَدَ مِنْهُ نَائِلاً، إنّ بَعْضَهُمْ
- إذا سُئِلَ المَعْرُوفَ صَدّ وَجَمْجمَا
- هُوَ الوَاهِبُ الكُومَ الصّفَايا لجَارِهِ،
- يُشَبَّهْنَ دَوْماً، أوْ نَخيلاً مُكَمَّما
- وَكُلَّ كُمَيْتٍ، كالقَنَاةِ مَحالُهُ،
- وَكُلَّ طِمِرِ كَالـهِراوَةِ أدْهَمَا
- وكُلَّ مِزَاقِ كالقَنَاةِ مَحالُهُ،
- وأجردَ جياشَ الأجاري مِرجَمَا
- وَكُلَّ ذَمُولٍ كَالَنِيقِ، وَقَيْنَةٍ
- تَجُرّ إلى الحَانُوتِ بُرْداً مُسَهَّمَا
- وَلمْ يَدْعُ مَلْهُوفٌ مِنَ النّاسِ مثلَهُ
- ليَدْفَعَ ضَيْماً، أوْ ليَحمِلَ مَغرَمَا
المزيد...
العصور الأدبيه