الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد حسن فقي >> صراع .. وإذعان >>
قصائدمحمد حسن فقي
- انتهتْ لُعْبَةُ الحياةِ التي ظلت طويلاً.. إلى خُواءٍ رهيبِ!
- كنْتُ فيها الجَنِينَ في المَهْبلِ المُظُلِمِ
- يَحُنو فيها عَلَيَّ حَبِيِبْي!
- هي أُمِّي التي تَجَشَّمَتِ الهَوْلِ
- وعانَتْ مِن وعْكَةٍ وطبيبِ!
- وأنا نُطْفَةٌ بِصُلْبٍ عَطُوفٍ
- يَتَمَنَّى قُدُومَ طِفْلٍ نَجيبِ!
- ***
- وتَحدَّرت مِن مَعينين صُلْبٍ
- عَلَويِّ.. ومَهْبَلٍ عَرَبِيِّ!
- وتّلَفَّفْتُ بالقِماطِ .. فما يُدْفيءُ
- مَهْدي غَيْرُ الحنَانِ الشَّجِيِّ!
- لّسْتُ أَدْرِي أأسْتَوي في حياتي
- كَرَشيدٍ. أَمْ أَسْتَوي كَغَوِيِّ؟!
- كيف يَدْرِي الطِّفْلُ العمِيُّ بِما يُفْضي إلَيْه.. مِن عاطِلٍ وسوِيِّ؟!
- ***
- وتَدَرَّجْتُ في الحياةِ صَبِيّاً وفّتىً
- ساهِماً .. وكَهْلاً حرِبيا!
- كان صَدْرِي كالأرض تَرْتَقِبُ القَطْرَ
- ليَغْدو الجدِيبُ مِنْها خصِيبا!
- ويَشِحُّ القَطْرُ السَّخِيُّ ولو جادَ
- لأمْسىَ اليَبِيسُ منها رطيبا!
- وتراهُ يَهْمي على غَيْرِها .. الرّوض
- وما احْتَاجُهُ .. فَتَشْكو النَّصيبا!
- ***
- وأَراني غَدَوْتَ مِن شَجَنِ الدُنْيا حَكِيماً.. يَرى من البُؤْسِ ُنعْمي!
- بَعْد أَنْ كنْتُ شاكِياً .. أَنْدُبُ الحَظَّ.. وأَطْوي غَمّاً. وأُنْكِرُ ظُلْما!
- عادَ غُرْمي الذي تخيَّلْتُ بالأَمْسِ
- بِرُوحي الذي تَرَفَّعَ.. غُنْما!
- وبَدَتْ لي الخُطُوبُ . وهي تُناغِيني وتَكْسو العِظامَ لَحْماً وشَحْما!
- ***
- كانَ وَهْماً ما خِلْتُه قَبْلُ مَجْداً
- وحُطاماً .. والماءُ كانَ سرابا!
- فَهُما يُشْقِيانِ إنْ لم يكونا
- عَمَلاً مُسْعِداً.. ورأْياً صَوابا!
- والكَثيرُ.. الكثيرُ مِنَّا شَحِيحٌ
- وعَنِيفٌ.. إذا اسْتَقَلَّ السَّحابا!
- في يَدَيْهِ الحُطامُ والمَجْدُ ما عاش
- على النَّاسِ.. أَسْهُماً وحِرابا!
- ***
- وتَفَكَّرْتُ فاسْتَبانَ لِيَ الَأمْرُ
- وقد كان خَلْفَ شتَّى السَّتائِرْ!
- رُبَّ تِبْرٍ هو التُّرابُ.. وما يُغْني فَتَيلاً .. ولا يَصُدُّ الفَواقِرْ!
- إنَّه كالهباءِ يُرخِصُهُ الشُحُّ
- ويُشْقي بحجزه في الغَرائِرْ!
- رَبُّهُ لا يَحُوزُ منه سوى الفقْرِ
- سوى المَقْتِ. واحْتِواءِ المآثِرْ!
- ***
- أيُّ فَقْرٍ أَنْكى من الجَشَع المُزرِي وَجَمْع الحُطامِ .. لا إنْفاقِهْ!
- بِئْسَما المَرْءُ وهو يَلْهَثُ في السَّقي لئيماً .. يَخافُ مِن إمْلاقِهْ؟!
- وهو في ذُرْوَةِ الثَّراءِ. فَلَوْ أغْدَقَ
- لاقى المزيد من إغْداقِهْ!
- رُبَّ جَدْبٍ يَعودُ خَصْباً
- بَعْدَ تَشْذِيبِهِ. وبعد احْتراقِهْ!
- ***
- يا عَبِيدَ المَجْدِ الحَقِيرِ تَرَخَّصْتُمْ
- فلم تَسْلكُوا السَّبِيلَ القَوِيما!
- لم تَنالُوا المَجْدَ اللُّبابَ وهَيْهاتَ فإنَّ القُشُورَ تُرْضي اللَّئيما!
- ورَضِيتُمْ بِها. وخُضْتُم إِليْها
- لُجَجاً واصْطَفى الرَّميمُ الرَّمِيما!
- رُبَّ مَجْدٍ يَقُول سُحْقاً لِراعِيهِ
- فَإنِّي وأَنْتَ نَصْلى الجحيما!
- ***
- إنَّ في اثنَيْكُما .. حُطاماً ومَجْداً
- ما يُزَكِّي الضَّمِيرَ.. أَوْ ما يَغُولُ!
- ما يَرى النَّاسُ فيه خَيْراً وشَرّاً
- من نُفُوسٍ تَطْغَى عَمًى وتَصُولُ!
- ونُفُوسٍ أَوَّابةٍ تَشْتَهي العَوْنَ
- فَتَروِي به الصَّدى .. وَتَعُولُ!
- كم تُضِيءُ الحُلُولُ سَودَ الدّياجِير
- وكم تَنْشُرُ الظَّلامَ الحُلُولُ!
- إنَّ نَفْسي ما بَيْنَ تلْكَ وهذي
- فهي نَفْسٌ غَوِيَّةٌ. وبَتُولُ!
- فَصُعُوداً حِيناً إلى النَّجْم بالخَيْرِ
- وحيناً يحْلُو لَديْها النّزُولُ!
- آهِ مِمَّا عانَيْتُ مِنْها فأجْهشتُ
- ولكنَّها العليمُ.. الجَهُولُ!
- طال ما بَيْنَنا الصِّراعُ ولَمَّا
- تؤْثِر السَّلْمِ فَهي حَرْبٌ تَطُولَ!
- ***
- يا إلهي لو أَنَّني كنْتُ مُخْتاراً.. لما اخْتَرْتُ غَيْرَ نَهْجِ الرَّشادِ!
- غَيْرَ أنِّي مِن بَعْدِ عَجْزي تَنَوَّرتُ سَبِيلَيَّ في الذُّرى والِوِهادِ!
- فَتَطَلَّعْتً لِلسَّماءِ.. وأَلْقَيْتُ إلى رَبِّها العلِيِِّ قِيادي!
- فإذا بي قَلْبٌ شَجِيٌّ.. وفِكْرٌ
- عَبْقَرِيٌّ طابا بِطِيبِ المعَادِ!
المزيد...
العصور الأدبيه