الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد حسن فقي >> أطوار.. >>
قصائدمحمد حسن فقي
- تخَيَّلْتُ أَنَّي عِشْتُ مِن قَبلُ حِقْبَةً
- وأَنَّ حَياتي واقِعٌ يَتَكَرَّرُ!
- فقد كُنْتُ طَيْراً في الفضاءِ مُحَلَّقاً
- يَفِىءُ إلى إِلْفٍ به العُشُّ أَخْضَرُ!
- حَنُون. فما تَلْقاه إلاَّ مُغَرِّداً
- ومِن حَوْلِهِ الأَّشجارُ تُشْذِي وتُثْمرُ!
- ولكنَّه يَخْشى الجوارحَ تَرتَمي..
- عليه . وتَنْقَضُّ انْقِضاضاً يُدَمِّرُ!
- ***
- ومَرَّتْ سنُونٌ أو قُرونٌ تَصَرَّمَتْ
- عَلَيَّ. وما أّدرِي. فَإِنِّي مُسَيَّرُ!
- فإِذْ أنا صَقْرٌ في الفضاءِ مُحَوِّمٌ
- له صَوْلَةٌ مُخْتالَهٌ تَتَبَخْتَرُ!
- يُفَتَّشُ في أَجْوائِهِ عن فَرِيسَةٍ
- بلاَ رَحْمَةٍ يَنْقَضُّ ثم يُسَيْطِرُ!
- يُصيدُ.. ويَطْوى جُوعَهُ غَيْرَ آبِةٍ
- بِشيءٍ. فإَنَّ الصَّيْدَ رِزْقٌ مُقَدَّرُ!
- ويأْوي إلى عُشَّ مُرِيحٍ مُنَعَّم
- بأفراخِهِ . وهو الحَصِينُ المُسَوَّرُ!
- ***
- وضِقْتُ بهذا العَيْشِ ذَرْعاَ فَرَدَّني
- قَضائِي إلى ما كنْتُ أَخشى وأَحذَرُ!
- غَدَوْتُ هِزَبْراً يسْتبِيحُ بِحَوْلهِ
- وقُوَّته ما شاءَ .. يَنْهى وَيأْمُرُ!
- كما المَلِك الجَبَّار تَعْنو لِحُكْمِهِ
- رَعِيَّتُهُ. لو غاصَ في الصَّدْرِ خَنْجَرُ!
- له مَأْكَلٌ منهم. لهُ خَيْرُ مَشْرَبٍ
- وهم طَوْعُ ما يُملي وما يَتَخَيَّرُ!
- وقد يَسْتوي ما بَيْنَهُم فَتَرُوهُمْ
- بَراثِنُ حُمْرٌ تَسْتذِلُّ وتُنْذَرُ!
- ***
- شَقِتُ فَناداني غَدٌ مُتَذَمِّرٌ
- خَسئْتَ فَبِئْسَ الظَّالِمُ المُتَجَبِّرُ!
- فقُلْتُ له مَهْلاَ فإِنِّي لَكارِهٌ
- حَياتي فإِني الخاسِرُ المُتَبَطَّرُ..!
- وأَسْدُرُ في غَيِّ الحياة وأَرْعَوي
- فَاَبْكِي.. وتَطْوِيني رُؤاها وتَنْشُرُ!
- وإنِّي على ما كانَ مِنِّي لَنادِمٌ
- فهل ندمِي يُجْدي.ويُجْدي التَّدَبُّرُ؟!
- فقال .. بَلى . إنَّ التَّدَبُّرَ نِعْمَةٌ
- عَلَيْكَ. وقد يَتْلُو.. فَيَهْدِي التَبصُّرُ!
- وأَغْضَيْتُ لا أّدْرِي أَقَرْناً صَرَمْتُهُ
- وإلاَّ قُروناً .. ثم كانَ التَّغَيُّرُ..!
- فَألْفَيْتُنِيِ ظَبْياً غريراً .. وظَئْرُهُ
- بِجانِبي . فارتْاحَ مِنَّي التَّصَوُّرُ!
- ولكِنَّني أَحْسَسْتُ خَوْفاً مُمَزَّقاً
- حَشاي . ولَوْلا الله ما كنْتُ أَصْبِرُ!
- فَلِلًّهِ ذِئْبٌ مُشْرَئِبٌ لِصَيْدِهِ
- ولّلِه ما يَلقى من الذَّئْبِ جُؤْذَرُ!
- ولكِنَّني رَغْمَ الرَّدى كنْتُ راضِياَ
- بضَعْفي. فَكَمْ أَشقى ودَمَّرَ عَنْتَرُ!
- وشاءَتْ مقاديري نَجاتي. ورُبَّما
- نجا الضَّعْفُ مِن كِسْرى. وحاباهُ قَيْصرُ!
- ***
- قُرُونٌ مَضَتْ ثم انْتَهَتْ بي لِصَحْوَةٍ
- مُغاضِبَةٍ.. تُبْدِي الأُمورَ وتَسْتُرُ!
- تراءى بها رُوحي العَجيبُ وهَيْكَلي
- كما كانَ إنساناً بَراهُ التَّطَوُّرُ!
- فَأَطْرَقْتُ ما أَدرِي. أَأَرْبِحُ بالَّذِي
- رَجَعْتُ إليه اليَوْمَ؟أَو سوْف أَخْسَرُ!
- أَرى في حَناياي الضَّلالةَ والهُدى
- خَصِيمَيْنِ من سَيْفَيْهما أَتَقَطَّرُ..!
- تَحَيَّرتُ ..أَطْواري العَدِيدَةْ كُلُّها
- سلامٌ وحَرْبٌ. نَعَجَةٌ وغَضَنْفَرُ!
- وأَنْكِرُ مِنْها حَالَتَيْها.. وأَنْثْني
- وقد مَسَّ أَعْصابِي الوَنى والتَّوَتُّرُ!
- فأَيُّ سَبِيلَهْا أَنُوءُ بِكَلْكَلٍ
- إذا سرْتُ فِيه . شَدَّ ما أَتَحَسَّرُ..!
- لقد كانَ يَلْوي من خُطاي تَرَدّدِي
- وعادَ فألوى من خُطايَ التَّهَوُّرُ!
- وأَتْخَمنَي مِن بَعْد مَخْمَصتي الغِنى
- ومِن بَعْد فَقْرِي نالَ مِنِّي التَّضَوُّرُ!
- كفَانيِ من العَيْش الرَّضِيَّ. وَضِدَّهِ
- كَفاني وإنْ لم يَسْتَذِلَّ التَّعَثُّرُ!
- ***
- متى أَهْتَدِي لِلرُّشْدِ دُونَ غِوايَةٍ
- وأَحْظى بِوِرْدٍ حِينَما شِئْتُ أَصْدُرُ؟!
- متى قَلِقِي هذا يَعودُ سِكِينَةً
- فَأَرْتَدُّ مِنْها بالحقيقةِ أَجْهَرُ؟!
- لقد كنْتُ قَبْلَ اليَوْم أَهْدى تَفَكَّرا
- فما لي بهذا اليَوْمِ لا أتفكَّرُ؟!
المزيد...
العصور الأدبيه