الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد حسن فقي >> أطوار .. وأطوار >>
قصائدمحمد حسن فقي
- وأَصْغَيْتُ لِلَّريح المَدَ مْدِم في الدُّجى
- وقد نامَت الدَّنيا سوى مَعْشَرٍ مِثْلي
- فأسْمَعَني هَمْساً يكادُ رَسِيسُهُ
- يَكُونُ سكُوناً لا يُبِينُ ولا يُمْلى!
- ولكنَّه يَخْتارُ من صَفْوَةِ الوَرى
- قليلاً .. قليلاً من أُولي الحَمْدِ والفَضْلِ!
- ويُفْضي بِسرِّ من أُلُوفٍ تَحَجَّبَتْ
- عن الخَلْق ما بَيْن الغياهِبِ تَسْتَعْلي!
- وقد رِاعَني السَّرُّ الذي خِلْتُ أَنَّني
- تكشَّفْتهُ بالرَّغْم من شِدَّةِ الجَهْلِ!
- وأَنْذَرني أَنْ لا أَبُوحَ بِبَعْضِهِ
- وإلاَّ دَهاني بالعمى . ودَها أَهْلي!
- فما يَصْطَفي الغَيْبُ المُنِيفُ لِسرِّه
- سوى كلَّ ذي قَلْبٍ سليم. وذي عَقْلِ!
- وهل أنا هذا؟! إنَّني كنْتُ حائِراً
- أَأَنَّي على طَوْدٍ.. أَو أنِّي على سهلِ؟!
- أَأَنَّي طَوْدٌ شامِخٌ في فَدافِدٍ
- وإلاَّ حَضِيضُ يَسْتَقرُّ به رَحْلي؟!
- فأيْقَنْتُ أنَّ سادِرٌ في عمايَةٍ..
- وأنِّي من الأّهْواءِ أَرْسُفُ في غُلَّ؟!
- وأَّنيَ لو طَهَّرْتُ رُوحي مِن القذى
- لأخْرَجْتُها للْجِدَّ من جَنَفِ الهزْلِ!
- فحاوَلْتُ ما أَدْري أَأَسْتَنْفِرُ الهُدى
- فأَفْلِحُ؟! أم أهْوِي إلى دَرَكِ الوَحْلِ!؟
- وأصْغَيْتُ لِلصَّوْتِ المُدَمْدِم ثانِياً
- لَعَلَّي أرى المُشْتارَ من عَسَلِ النَّحْلِ!
- فأَلْفَيْتُ أَّني تارةً فَوقَ قِمَّةٍ
- وأخْرى بوادٍ مُجْدِبٍ. مُخْصِبِ الرَّمْلَ!
- وأَوْمضَ نُورٌ من دُجُنَّةِ مُقْلَي
- إلى الطُّهِرِ يَدْعُو هامِساً . وإلى الغُسْلْ!
- فما يرْتَضي للنَّجْم قَلْبٌ مُدَنَّسٌ
- وفِكْرٌ قَميءٌ يَخْلِطُ العِلْمَ بالجَهْلِ!
- وخِفْتُ فقد أَهْوِي إلى الأَرضِ من عَلٍ وقد أسْتوي فَوْق السَّحابِ وأسْتَجْلي!
- تَراوحَ قَلْبي بَيْن خَوْفٍ وغِبْطَةٍ
- وفاءَ إلى النُّورِ المُرَفْرِفِ من حَوْلي!
- عسانِي أرى فِكْري وحِسَّي كِلْيهما
- قَريَبيْنِ من فَرْضٍ وضِيءٍ ومن نَفْلِ!
- فقد عِشْتُ في الحَضِيضِ مُضَلَّلاً
- فَخِفْتُ العَمى يُشْقِي وَيُنْقِضُ من غَزْلي!
- وقد كنْتُ أعدو راكضاً ثم راعني
- من الشيب ضَعْفٌ سِرتُ فيه على مَهْلِ!
- ونادَيْتُ رَبَّي في الدُّجى يُوسِعُ الخُطا
- إلَيَّ. فمالي من أَبي العُذْرَ أَوْ نَجْلي!
- كَلا اثْنَيْهِما يُؤْذِيه دَركي فَيَنْثَنِي
- عَليَّ بِحُبٍّ ضارعٍ شِيبَ بالعَذْلِ!
- يقولان لي أخطأت. ياليت أنَّني
- سَمٍعْتُ لما قالاهُ فانعَطَفَتْ رِجْلي!
- ***
- تمَنَّيْتُ أَنَّي ما خُلِقْتُ فَرَدَّني
- إلى أَمَلي في الله .. ما رَدَّ مَن قَبْلي..!
- نَدائي له سُبْحانَه رَغْم شِقْوتي
- حَماني من السَّجن الرَّهِيبِ. ومِن غُلَّي!
- وها أنا لا أَرْجُو بدُنْيايَ غَيْرَ ما
- يُكَرِّمني من قَوْلِ خَيْرٍ. ومن فِعْلِ!
- إذا سِرْتُ في أَرْضِ القداساتِ طَهَّرَتْ
- يدِي جَسَدي حتى تُطَهَّرَ من نَعْلي!
- زَهِدْتُ فما أَبْغِي الحُطامَ ولا العُلا
- ولا المَنْصِبَ السامي يقود إلى العَزلِ!
- وسِرْتُ بِدَرْبٍ لا حِب ما يُخِيفُني
- به أَسَدٌ ضارٍ يَتُوقُ إلى القَتْلِ!
- ولا الدَّجْنُ أخْشى أَنْ أَضِلَّ بِليْلِهِ
- سبيلي . وأخشى أن يجِفَّ به نَخْلي!
- ***
- تَمَجَّدْتَ رَبَّي كم أَنَلْتَ من النَّدى
- بسُؤْلٍ مُلِحَّ ضارع . أَوْ بِلا سُؤْلِ!
- فأنْتِ هو السٍّرَّاءُ والجُودُ والغِنى
- لمنا . رَغْم أنَّا دارِجون على البُخْلِ!
- فما البَذْلُ إلاّ مِنْكَ يَشْفي جِراحَنا
- وإلاَّ فما يَشْفي سِواهُ من البَذلِ!
- أنِلْني الرِّضا. إنَّي إليه لَتائِقُ
- وقد عشت أَشقى بالفِعالِ وبالقَوْلِ!
- سألْقاكِ في الأُخْرى فَأَسْجُدُ ضارعاً
- إلَيْكَ . فَهِبْنِيهِ لأَنْجُو مِن العَدْلِ!
المزيد...
العصور الأدبيه