الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد حسن فقي >> أطوار >>
قصائدمحمد حسن فقي
- أحِسُّ بأنّي كنْتُ في غابِرِ الدَّهْرِ
- هِزازاً يُغَنِّي للثِّمارِ وللزَّهْرِ!
- وللنَّاسِ كانوا الطِّيِّبِينَ بِلا هَوىً
- يُضِلُّ وكانُوا الأوْفِياءَ بلا غَدْرِ!
- وللنَّهْرِ يجْرِي بالعُذُوبَةِ صافِياً
- نَميراً ولِلَّيْلِ البَهيمِ.. ولِلْبَدْرِ!
- ولِلْبَحْرِ والشَّمْسِ المُنِيرَةِ في الضُّحى
- وحِينَ الأَصيلِ الحُلْوِ. والأَنْجُمِ الزُّهْرِ!
- * * *
- وعِشْتُ كذا حِيناً من الدَّهْرِ شادِياً
- ولكنَّني طُورِدْتُ من جَارحِ الطَّيْرِ!
- فخفت من الصقر المحلق ضاريا..
- فَقُلْتُ أَلا يا لَيْتَني كنْتُ كالصَّقْرِ!
- فأمْسَيْتُ صقرا يَسْتَبِيحُ فرائِساً
- ويَفْتِكُ بالمِنْقار منه وبالظُّفْرِ!
- ولا يَنْثَنِي حتى عن الأُمِّ طُورِدَتْ
- فلاذَتْ بأَفْراخ وزُغْبٍ إلى الوَكْرِ!
- وأَزْعَجَني صَوْتُ الضَّمِير فَشَدَّني
- إلى الحِسَّ يَهْفو للْحنَانِ ولِلْفِكْرِ!
- فَحَوَّلَني دَهْري. وبُورِكَ صنْعُهُ من
- الطَّيْرِ للوَحْشِِ البَرِيءِ من الوِزْرِ!
- إلى الظَّبْي ذي الحُسْنِ المُضوِّىء والرِّضى
- وذِي الرَّكْضِ يُنْجبه من الخَتْل والغَدْرِ!
- فَطارَدني لَيْثٌ وذِئْبٌ فَأَخْفَقا
- ولم يُخْفِقِ السَّهُمُ المُسَدَّدُ لِلصَّدْرِ!
- فأَخْطَأني.. لكنَّني صِرْتُ راجِفاً
- ويا رُبَّ فَتْكٍ كانَ خَيْراً من الذُّعْرِ!
- أَخافُ على نَفْسي وظِئْرِي فَأَنْزَوِي
- عن النَّاسِ حتَّى لو تَرَدَّيْتُ في بِئْرِ!
- أَهِيمُ على وَجْهي فما أَنا مُنْتَم
- إلى الرَّوضينِ مِثْلَ الآمِنَينَ ولا الَقفْرِ!
- ويُسْلِمني خَوْفي إلى السُّهْدِ تارَةً..
- وأُخْرى إلى النَّوْمِ المُفزَّعِ بالشَّرِّ!
- وقُلْتُ لِنَفْسي ما الذي تَرْتَجِينَهُ
- من البَرِّ يُخْفي القاتِليك أَوِ البَحْرِ؟!
- من الوَحْشِ.. والطَّيْر الجَوارح.. والورَى
- فما شِمْتِ مِمَّا عِشْتِ فيه سِوى الخُسْرِا
- فقلتْ لقد أَسْلمْتُ أَمْرِيَ لِلَّذي
- يقَيني من اليُسْرِ المُبرِّحِ. والعُسْرِا
- كِلانا ضَنِينٌ بالحَياةِ. ولو سَطَتْ
- عَلَيْنا.. فما لِلْمَرْءِ فيها سِوى الصَّبْرِ!
المزيد...
العصور الأدبيه