الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد حسن فقي >> آلام وآمال >>
قصائدمحمد حسن فقي
- "مَنازِِلُ أَياتٍ خَلَتْ من تِلاوَةٍ
- ومَنْزِلُ أُنْسٍ مُقْفِرُ العرصَاتِ!"
- وَقَفْتُ بِها أسْتَنْشِدُ الرَّبْعَ ماضِياً
- كئيباً.. فلم أَسْمَعْ سوى الزَّفَراتِ!
- فقلتُ له.. يا رَبْعَ مالَكَ مُوحِشاً..
- شَجِيّاً .. فلم أُبْصِر سوى العَبَراتِ!
- فقال.. وكَلاَّ لم يَقُلْ.. إنَّهُ احَتَمى
- بِصَمتِ بَلِيغ غامِضِ النَّبرَاتِ!
- ويا رُبَّ صَمْتِ كانَ أَسمَعَ للورى
- من الصَّوْتِ يَعْلُو.. أو من الهَمَسَاتِ!
- لقد كانَ لي أَهْلَونَ شَوسٌ تَرحَّلوا
- وأَبْقَوْا صَدّى يَهْوِي إلى الدَّرَكاتِ!
- فما تَمَّ لي مِن مُتْعَةٍ أَسْتطيبُها..
- ولا ثَمَّ لي حُلْوٌ مِن الضَّحِكاتِ!
- شَجاني الأَسى مِن بَعْدِهم. وتَأَلَّبَتْ
- عَلََيَّ الرَّزايا.. من نَوًى وشَتاتِ!
- وكيف.. وقد كانوا البُطُولَةَ والنَّدى
- وكنْتُ بهم في أّرْفَعِ الدَّرَجاتِ..!
- يَخافُ الخُصومُ اللٌّدُ مِن سَطَواتهم
- فَيَنأَوْنَ عنِ حَيْفٍ بهم.. وأذاةٍ!
- ويَهْفو إلى ساحاتِِهم كُلُّ بائِسٍ
- ضَعِيفٍ. فَيْلقى يانِعَ الشَّجَراتِ!
- يلُوذُ بها طَعْماً وظلاًّ.. ويَرتوي
- من العَذْبِ يُطفىء لاعِجَ الجَمَراتِ!
- وقد رَحَلوا عَنِّي.. إلى غَيْرِ رَجْعَةٍ..
- ولم يبق مِمَّا كان عَيْرُ فُتاتِ!
- أتَعْجَبُ منِّي.. مِن دُمُوعي ولَهْفَتي..
- على ذلك الماضِي.. ومِن حَسَراتي؟!
- فَقُلْتُ له.. يا رَبْعُ ما أنا لائِمٌ
- ولكنَّني راثٍ لِكَسْر قَناةِ!
- فما أنا إلاَّ مِنْكِ بضعٌ يرُوعُني
- ويُفْزِعُني رَوْضٌ غدا كَفَلاةِ!
- به العذبُ مِلْحٌ بَعْدما كانَ جارياً
- زُلالاً كَنِيل سائِغٍ.. وفُراتِ!
- يُدِلُّ ويَزْهو بالكُماةِ وَ.. وأَيْنَهُمْ؟!
- فما عَزَّتِ الدُّنيا بِغَيْرِ كُماةِ!
- وما طابَ عَيْشٌ يَحْتمي بِظَلامِهِ
- ولا ضاءَ إلاّ مِن شُمُوسِ حُماةِ!
- وها هو يُقَِْصيهِ السُّباتُ عن العُلا
- فهل سوف يَصْحُو بَعْد طُولِ سُباتِ؟!
- لٍيفَتَرعَ الأَوْجَ الرَّفيعَ. ويَسْتَوِي
- عليه كريماً دُونَ خَوْفِ جُناةِ!
- لقد كانت الأَسْلافُ مِنَّا أماجِداً..
- ولكنَّهم بِالْمْجدِ غَيْرُ عُتَاةِ!
- جَنى غَيْرُهم. واسْتَأسَدوا بِسُيُوفِهمْ
- بما حَصَدَتْ من سُوقَةٍ وسَراةِ!
- وما وَجَدَ النَّاسُ الأمانَ بِقُرْبِهِمْ
- ولا أَخْصَبت المَرْعى بِشرِّ رُعاةِ!
- وهم أَخْصَبوا الإجْدابَ دُونَ تَطاولٍ
- ولا طمع في طَيِّبِ الثَّمراتِ!
- فَطَابَ الجَنَى.. واسْتَمْتَعَ النَّاس بالْغِنَى
- وعادَتْ سُفُوحُ الأرْضِ كالسَّروَاتِ!
- لَشَتَّانَ ما بَيْن الفَرِيقيْن.. راشدٌ
- وآخَرُ غادٍ عاثِرُ الخَطَواتِ!
- وحَدَّجَني الرَبْعُ الحَزينُ بِنظْرَةٍ
- تفيض أسىً أَعْيا بَليغَ لُغاتِ!
- وقال. لقد واسَيْتَني وَتَرَكْتَني..
- على غِبطَةٍ مِن مُقْبِلِ السَّنَواتِ!
- كِلانا يُريدُ الخَيْرَ.. لا أنا يائِسٌ
- ولا أَنْتَ مِن بُشْرى بِما هو آتى!
- شَكاتُكَ ما تُجْدِي عَلَيْكَ بِلا صَدًى
- مُجِيبٍ ولا تجدي عَلَيَّ شَكاتي!
- سأَصْبِر حتَّى أطمَئنَّ بصَحْوةٍ
- تُبَلِّلُ بالعَذْبِ الفُراتِ لَهاتي!
- فقد أَيبَسَتْها الحادثات فَأَصْبَحَتْ
- كَشَنِّ.. وما يَلْقى حَنانَ أُساةِ!
- عَسانا نَرى مِن مُقْبِلِ الدَّهْر آتياً
- كماضٍ مُخصِبِ الجَنَباتِ!
- * * *
- أيا صَبْوَةً أَدْمَتْ حَشاي.َ وأَرَّقَتْ
- عُيُوني.. وكانَتْ أَكْرَمَ الصَّبواتِ!
- لقد أَجَّجَتْ مِنِّي الشُّعُورَ فَألْهَمَتْ
- وقد أَيقَظَتْني مِن عَميقِ سُباتي
المزيد...
العصور الأدبيه