الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد حسن فقي >> آبق .. يتضرع >>
قصائدمحمد حسن فقي
- وحياتي شَجَنٌ في شَجَنٍ
- ما لها في بُرْئِها من أَمَلِ!
- فَكَأَنّي مدرج في كَفَنٍ
- وكأَنِّي غائِصٌ في وَحَلِ!
- * * *
- وَيْحَ نَفْسٍٍ لا تُحِسُّ الأَلَما
- يَنْخَرُ العَظْمَ. ولا تَخْشَى الرَّدِّي!
- فَلَوْ أنَّ الدَّهْرَ شَبَّ الضَّرَما
- في حَناياها.. لأَعْياها التَّصَدِّي!
- * * *
- كم تَمَنَّيْتُ لِطَبْعي أن يَشِفَّا
- لِيرَى الحَقَّ.. ويَسْتَوْحي رُؤاهُ!
- لم يُصِخْ له. وانْتأى عَدْلاً وصَرْفا
- وشَجاهُ الغَيُّ فاسْتَحْلى لُهاهُ!
- * * *
- ومضى يَرْكُضُ في اللَّيْلِ البَهيمْ
- في الدُّرُوبِ الغُلْفِ. لا تُفْضِي لِرُشْدِ!
- يَصْطَفي من صَحْبِهِ العِلْجَ الزَّنِيمْ
- فهو في سِجْنٍ من اللَّهْوِ.. وقَيْدِ!
- * * *
- وأنا مِنْه بِهَمِّ مُوجِع
- حِيَنما يُكْشَفُ عن عَيْني الغِطاءْ!
- وإذ أُسْدِلَ عادَتْ أَضْلُعي
- جَلْمَداً.. لا نَبْض فيه.. لا دِماءْ!
- * * *
- فَأَنا ما بَيْن نُورٍ وظَلامْ
- أَسْتَوي بَيْنَ حياةٍ ومَواتْ!
- بَيْنَ بُغُضٍ يَتَلظىَّ.. وهُيامْ
- وأُجاجٍ لَيْسَ يَرْوِي.. وفُراتْ!
- * * *
- يا لنَفْسٍ ما لَها مِن مَطْمَحٍ
- غَيْرَ أن كانَتْ –فَلَمْ تَحْيَ- هَباءً!
- رُبَّ خُسْرِ يَشْتَفي من مَرْبح
- حين يَسْتَشْرِي بِنا الدَّاءُ العُياءْ!
- * * *
- حِينَما نُؤثِرُ عن هذا الوُجُودْ
- عَدَماً يَفْرِضُهُ.. العانِي الضَّمِيرْ!
- حِينما نَرْسُفُ في شَتَّى القُيُودْ
- ونُحِسُّ الرُّعْبَ من هَوْلِ المَصِيرْ!
- * * *
- لِمَ هذا؟! إنَّه صَوْتُ النَّذِيرْ
- من ضَمِيرٍ أَثْقَلَتْهُ المِحَنُ..!
- شاهَدَ العُمْرَ تَرَدىَّ في الحَفِيرْ
- بَعْدما غالَتْ هُداهُ المِنَنُ!
- * * *
- مِنَنٌ جاءَتْه مِن عِهْرٍ وَوِزْرِ
- وطَوَتْهُ فاسْتَوى في الدَّرَكِ..!
- فَجَنى أَرْباحَهُ من دَرْبٍ خُسْرِ
- وَرأَى لَذَّتَهُ في الحَسَكِ..!
- * * *
- وانْطَوى العُمْرُ سِنيناً فَسِنينْ
- فإذا الضَّعْفُ يُوافي والمشِيبْ!
- وإذا القُوَّة تَمْضي.. والحَنِينْ
- وإذا بالحُبِّ يَجْفُو.. والحبِيبْ!
- * * *
- وإذا الهَمْسُ. دَوِيٌّ صاخِبٌ
- ورَعُودٌ قاصفاتٌ.. وُبرُوقْ!
- زَلْزَلَتْ مِنه.. وبُومٌ ناعِبٌ
- بِهَوانٍ لِتَماثِيلِ العُقُوق!
- * * *
- كانَ لم يَسْمَعْهُ. لم يَشْعُرْ بِهِ
- فلقد حالَتْ سُدُودٌ عن سماعِهْ!
- وشبابٌ عارِمٌ مِن صَحْبِهِ
- وغُرُورٌ كانَ يَلْهو بِضَياعِهْ!
- * * *
- وصَحا مُرْتَجِفاً يَشْكو الوَنى
- يذْرِفُ الدَّمْعَ. وما يُجْدِيه دَمْعُ!
- يَتَمنىَّ.. لو أفادَتْهُ المُنَى..
- بَعْد أَن جَفَّ مِن الشَّقْوَةِ – نَبْعُ!
- * * *
- تَوْبَةٌ – لكنَّه ليْسَ بِقادِرْ
- كيف.. والشِّقْوَةُ أَمْسَتْ رَبَّهُ؟!
- أَوْرَدَتْهُ فاسْتَوى لَيْس بِصادِرْ
- فَهُنا الحُسْنُ الذي يَمْلِكُ صَبَّهْ!
- * * *
- فهو البائِسُ يَدْرِي أَنَّهُ
- ضَلَّ والعُقْبى عَذابٌ هاصِرُ!
- ويَرى فِرْدَوْسَه لكِنَّهُ
- عنه ناءٍ. فهو غِرٌّ سادِرُ!
- * * *
- يا رَسِيفاً في قُيُودٍ صَرَفَتْ
- نَفْسَهُ – رَغْمَ أذاها- من جَناهْ!
- وسَجِيناً.. خُطاهُ انْحرَفَتْ
- عن طَرِيقٍ.. وهو لا َيثْني خُطاهْ!
- * * *
- إِضْرَعِ اليَوْمَ لِمَنْ يَهْدِي الخُطا
- فَعَسى أَن يَسْبِقَ الصَّفْحُ الحُتُوفْ!
- وعَساهُ أَنْ يَرُدَّ الشَّطَطا
- رَشَداً.. كالنُّورِ مِن بَعْدِ الكُسُوفْ!
المزيد...
العصور الأدبيه