الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد حسن فقي >> الطائر الحزين >>
قصائدمحمد حسن فقي
- عُدْتُ بلا حِسَّ ولا خاطِرِ..
- كأنًّني عُشٌ بلا طائِرِ!
- عُشٌّ كَثيبٌ نالَ منه الِبلَى
- يَفِيضُ بالبؤسِ على الناظِر!
- واهٍ على ماضٍ قطفتُ المُنَى
- ريَّانَةً مِن رَوْضِهِ النَّاضِرِ!
- وَلَّى فلم يَبْقَ سوى مُهْجَةٍ
- .. غابِرُها يَبْكِي على الحاضِرِ.. !
- يَبْكي عليه.. ثم يَرْضى البِلى
- كلاهما.. من أَلَمٍ صاهِرِ!
- ولا يَضيقانِ بَلاُوائِهِ
- ولا يًثُورانِ على الواتِِرِ!
- فرُبَّما كانتْ بِطَيَّاتهِ
- نُعْمى تُعيدُ الرِّبْحَ للخاسِرِ!
- مُضاعَفاً يَنْسى بآلائِهِ
- ما كانَ من ناهٍ.. ومن آمِر!
- ورُبَّ حَظِّ عاثِرٍ يَنْتَهي
- بِرَبِّهِ لِلأَمَلِ الزَّاهِرِ!
- خواطِرٌ هذي جَلاها الأَسى
- بعد الدُّجى الحالِكِ للشّاَعِرِ!
- لكنَّهُ صابَرَ حتى اسْتَوَتْ
- وضَّاءَةَ الباطِنِ والظَّاهِرِ!
- حقائِقاً عادَ بِها ناعِماً
- باللاَّبِنِ المُغْدِقِ والتَّامِرِ!
- يا ذاتَ أَمْسى.. يا جَلاَل الهوى
- يا ذاتَ حُبِّي الوامقِ الطاَّهِرِ!
- يا رّبَّةَ السِّحْر الذي قادني
- إلى الذُّرى ذاتِ السَّنا الباهِرِ!
- ثُمَّ إلى الدّرْكِ.. إلى شِقْوَةٍ
- أوَّلُها يَعْثُرُ بِالآخِر!
- كيف طَوى ذاك الجمالَ الرَّدى
- وانْقَلَبَ السِّحْرُ عَلى السَّاحِرِ؟!
- عاد به المَهْجُورُ في جَنّةٍ
- ولَيْسَ بالباكي ولا السَّاخِرِ
- وليس بالتَّاعِسِ من جَوْرِهِ
- وليس بالآسِي على الجائِرِ!
- وأَنْتِ ما عُدْتِ سوى لِلأسَى
- بعد الخَنى. بعد الضُّحى العابِرِ!
- ما أَرْوَعَ القِصَّة هذي الَّتي
- تَرْوِي عن المَهْجُورِ والهَاجِرِ!
- * * *
- وسأَلْتُ نَفْسي. ما الذي يُجْدي الهوى
- في حالّتيْه.. بِوَصْلِهِ وبِصَدِّهِ؟!
- هل لو سَعِدْتُ بِقُرْبِهِ ونَوالِهِ
- أغدْو الرَّفِيعَ بِمَجْدِهِ. وبِرَغْدِهِ؟!
- أغْدو أَسيرُ وما أخافُ من الرَّدى
- ولو استطال بِبَرقِهِ. وبِرَعْدِهِ؟!
- أم أَنَّني أغْدُو الهَلُوعَ لأنَّني
- بِعْتُ الحياةَ على الحَبِيبِ ورِفِدِهِ؟!
- فَغَدَوْتُ مَمْلوكاً يُفَزّعُهُ النَّوى
- فيَوَدُّ أن يَبْقى الحُسامُ بِغِمْدِه؟!
- لَنَجَوْتُ مِن طَيْشِ الغَرامِ وهَزْلهِِ
- وخَرَجْتُ منه بِصَدِّه.. وبِجِدِّه!
- لو أَنَّني اسْترسَلْتُ فيه لَرَدَّني
- بِحُسامِهِ عن مَطْمَحي.. وبِجُنْدِهِ!
- وّلكُنْتُ في يَوْمي الأَسيرَ.. وبِئْسَما
- يَلْقى الأسِيرُ من الهوانِ بِوَجْدِهِ!
- وأنا الطَّلِيقُ بما اسْتَخْرَتُ. أنا الذي
- ناوَأْتُهُ.. فَنَجا الكريمُ بجِلدِه!
- ولقد يُحَلِّقُ عاشِقٌ بِتَرَفُّع
- عن دَعْدِهِ.. وتَمَنُّع عن هِنْدِه!
- ولقد يَظَلُّ بسَفْحِهِ. ولو أنَّهُ
- شَحَذَ العَزِيمةَ لاسْتَوى في نَجْدِهِ!
- الحُرَّ لا يَرْضَى بِرَغْمِ شُجُونِهِ
- حتى ولو نَخَرَتْ حَشاهُ بِقيْدِهِ!
- شَتَّانَ بَيْنَ مُنافِحٍ عن حُبِّهِ
- يهْوِي بهِ.. ومُنافِحٍ عن مَجْدِهِ!
- * * *
- مُدِّي يَدَيْكِ.. فَإنَّني من عَنْصُرٍ
- زاكٍ. وشافٍ صَدْرَهُ مِنْ حُقْدِهِ!
- ما إنْ شَمِتُّ بٍفاخرٍ مُتَنفِّجٍ
- بالحُسْنِ.. بعد سُقُوطِهِ في لَحْدِهِ!
- فلقد بَرِئْتُ من الشَّماتِ وعَسْفِهِ
- ولقد بَرِئْتُ من الغَرُورِ وكَيْدِهِ!
- ليْتَ الجمالَ إذا اسْتوى في عَرْشِهِ
- لم يَسْتَبِدَّ على ضراغِمَ أُسْدِهِ!
- أَوْ يَطْغَ.. فالعُشَّاقُ في حُسْبانِهِ
- كحِجارةٍ يَلهوَ بهمْ في نَرْدِهِ!
- فلقد يَوَدَّ إذا هَوى عن عَرْشِهِ
- أنْ لو أَنالَ بِجَزْرِهِ وبِمَدِّهِ!
- لو أنَّه جَذَبَ المشَاعِرَ والنُّهيَ
- المُسْتَهامَةَ. لاسْتَعَزَّ بِخَلْدِهِ!
- دُنْيا.. فهذا رابِحُ من غَيِّهِ
- فاعْجَبْ. وهذا خاسِرٌ مِن رُشْدِهِ!
المزيد...
العصور الأدبيه