الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد حسن فقي >> الأغوار .. والقمم >>
قصائدمحمد حسن فقي
- العوالي تَحِنُّ للأَغْوارِ
- والدَّياجى تُطيحُ بالأَنْوارِ!
- فَصَباحي يَطوِي الخُطى لرَباحٍ
- ومَسائي يَطْوِي الخطى لِخَسَارِ!
- حيَّرَتْني نَفْسي فما أعْرِفُ ما تَحْتَوِيهِ مِن أَسْرارِ!
- أَلِرُشْدٍ تَميِلُ. أَمْ لِضَلالٍ
- ولِنَفْعٍ تَمِيلُ أَمْ لِضِرارِ؟!
- مِن صِبايَ الغَرِيرِ كنْتُ أُعانِي
- قَلَقاً مِن شُذُوذِها وعِثاري!
- * * *
- يا لَ نَفْسي من الضلالة والرشدِ
- ومن صولتي بها وانْدِحاري!
- إنَّ حَوْلي مِن الأَنام كَثيرينَ
- أَراهُمْ في نَشْوَةٍ وافْتِرارِ!
- ما يُبالُونَ ما أَصابُوا مِن الرُّشْدِ أو الغَيِّ.. في دُجًى أَوْ نَهارِ!
- ليْتَ لي مِن خَلائِقِ القَوْمِ ما
- يَدْفَعُ عَنِّي غَوائِلَ الأَفْكارِ!
- أَقْلَقَتْ مَضْجَعي.. فحالفني
- السُّهْدُ. ومالي عن هَوْلِها مِن فِرارِ!
- كِشفارٍ تُدْمي وتُمْعِنُ في السَّطْوِ
- وهل نَامَ مُثْخَنٌ بالشِّفارِ؟!
- يا ضَمِيري وأّنْتَ تُمْعِنُ في اللَّوْمِ
- وتُشْقي الجَريحَ بالأَفْكارِ!
- أَتُراني أَطَقْتُ أَنْ أَسْلُكَ الدَّرْبَ قَوِيماً.. كَمَعْشَرِ الأَبْرارِ؟!
- ثُمَّ كابَرْتُ واجْتَوَيْتُ وأَثَرْتَ اعْوِجاجي.. كَمَعْشرِ الفُجَّارِ؟!
- لا. فَما اسْطَعْتُ عن عَمايَ انْحِرافاً
- أَوْ أَطَقْتُ النَّجاةَ مِن إعْصارِي!
- لَمَ لَمْ تَأْسَ يا خَدِيني على
- الآبِقِ لَمْ تَحْمِهِ مِن الأَوْزارِ؟!
- بِالَّذي فيكَ من شَعاعٍ. ومن رُشْدٍ
- يُضيئانِ دَرْبَهُ كالمَنارِ؟!
- أَنْتَ مِثْلي الخَلِيقُ بالشَّجْوِ واللَّوْمِ. فَما ذُرْتَني عن الأَخْطارِ!
- * * *
- يا شَقائي الذي يُمَزِّقُ رُوحي
- لَسْتُ أَشْكُو مِن خَيْبَتي واعتِساري!
- فلقد كُنْتُ أَسْتَبِيحُ حِمى الطُّهْرِ
- كَأَنِّي كَلْبٌ ثَوى في وجارِ!
- وكَأَنِّي أَسِيرُ لِلْعالَمِ الأّحْمَرِ رَكْضاً كأَنَّني في قِطارِ..!
- ثم أَقْعَيْتُ مِن وِنى.. وتأمَّلْتُ حياتي.. فقلت وَاهاً لعاري!
- وحَوَالِيَّ ثُلَّةٌ عَرَفوا الدَّرْبَ سَويّاً.. فَلَيْلُهُمُ كالنَّهارِ!!
- لَفَّهُمْ قَبْلُ ظُلُمَةٌ واعْتِكارٌ
- فَتَناءَوْا عن ظُلْمَةٍ واعْتِكارِ!
- وأَنا ما أَزالُ في عُتْمَةِ اللَّيْلِ
- فَمَن لي مِنْها بِقُرْبِ انْحِسارِ!
- رُدَّني مِثْلَهُمْ عن الغي.. يا رب
- فإِنِّي أَوَدُّ رَدَّ اعْتِباري!
- فلقد ضِقْتُ بالمجُونِ وبَلْواها
- وأَدْمى رِجْلَيَّ طُولُ عِثارِي!
- وانْكِساري أَخْنى عَلَيَّ وأَشْقى
- فَأَذِقْني لَذَاذَةَ الانْتِصارِ!
- يا سَنى الرُّوح.. ما أَراكَ سِوى الحاني فَأَطْلِقْ مِن الأَثامِ إساري!
- كنْتَ لِي الذُّخْرَ في الشَّدائِدِ والعَوْنَ.. فَيا طَالَما فَكَكْتِ حِصارِي!
- ما تَخَلَّيْتَ.. والنَّوائِبُ تَتْرى والأَفَاعِي تُنُوشُني.. والضَّوارِي!
- وأنا اليَوْمَ بَيْنَها قد تَعَرَّيْتُ
- وقد لَوَّثَتْ دِمائي إزَارِي!
- لا تَذَرْني فَرْداً. ولَسْتُ بِفَرْدٍ.. وأنا مِنْكَ بَيْنَ أَهْلي ودَاري!
- * * *
- أَيُّهَذا النُّورُ الذي يَتَغَشَّانِي
- تَبارَكْتَ مِن ولِيٍّ وجَارِ!
- كُنْتُ قَفْراً فَعُدْتُ رَوْضاً نَضِيراً
- بِزُهُورٍ شَذِيَّة.. وثِمارِ!
- راحَ عَنْه اصْفِرارُهُ فَزَها الرَّوْضُ
- بِخُلْوٍ مِن سَلْسَلٍ واخْضِرارِ!
المزيد...
العصور الأدبيه