الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> فدوى طوقان >> غب النوى >>
قصائدفدوى طوقان
- مضيت ؟ إلى أين؟ هلاّ تعود إليّ ، إلى روحي اللاّئب
- حنانك ، ضفت وضاقت حياتي بهذا الصدى المحرق اللاهب
- بأشواقي العاتيات تزلزل صدري ، في عنفها الصاخب
- حنانك ، قلبي يذوب وراءك ، أوّاه من قلبي الذّائب
- تلفّت ، وراع بقايا تذوي و تنفى مع الأمل الغارب
- مضيت ؟ و كيف ؟ ألا رجعة
- تردّ إلى القلب دنيا رؤاه
- لقد أقفز الكون في ناظري
- و غشّى الظلام مجالي ضياه
- وكيف أحسّ جمال الوجود
- ووجهك عني توارى سناه
- فما أقبح العيش يا موحشي
- وياما أشدّ سواد الحياه
- وأنت بعيد بعيد هناك ...
- وقلبي وحيد يعاني أساه
- مضيت ؟ فيا لحني إليك
- وواهاً لأمسي القريب البعيد
- زمان أمرّ بدرب الكروم
- وللدرب نفح جنان الخلود..
- ويشرد طرفي ويطوي المدى
- ولقياك غاية طرفي الشرود
- وفي القلب نار جموح الوقود
- ينادي بها الشوق : يا نار زيدي
- وطرفي قرير بذاك الشرود
- وقلبي سعيد بذاك الوقود
- ويفجأني وقع خطو بعيد
- ورائي ، إليه طويلا
- ويهتف قلبي : هذي خطاه
- أرى في صداها عليه دليلا
- خطى العنفوان ، خطى الكبرياء
- تنمّ عليه عظيماً نبيلا
- وتختطف الروح غيبوبةٌ
- وقد رحت تدنو قليلاً قليلا
- وأغرق في حلم ساحرٍ
- أحال حياتي فنّا ً جميلا
- وفي غمرات الذهول العميق
- تطالعني القامه الفارعه
- فأشخص ، ثم أغضّ حياءً
- واكسر من لهفتي الجائعه
- وأبدي جمود الخليّ كأن لم
- ترجّ دمي الطلعة الرائعه
- وتحت جمودي اضطراب عصوف
- أداريه مغضبةً وادعه
- وتحت جمودي من العاطفات
- أعاصير جارفة دافعه
- وتنهب عيناك وجهي وقد
- عرا مهجتي منهما ما عرا
- فيمحني بعينيّ كلّ الوجود
- ويمحي بعينيّ كلّ الورى
- وما لفتة النسر يا فتنتي
- تطلّع من عاليات الذرى
- وسلّط لحظاً على إلفه
- عنيف التوقّد مستكراً
- بأروع منك وعيناك فيّ
- أوارٌ تلظّى وسحر سرى
- وتمضي ، وأمضي مع العابرين
- وما بيننا غير نجوى النظر
- وطيف ابتسام على شفتيك
- ووهج هيام بعمقي استعر
- وقد هبط الليل حلو الغموض
- خلوب الرؤى ، عبقري الصور
- وماجت مع الريح خضر الكروم
- مشعشعة بضياء القمر
- وفاض الوجود شعوراً و شعراً
- وذاب من الوجد حتى الحجر !
- سل الدرب كم جئت غبّ النوى
- أجرّ الخطى في الغروب الحزين
- وحولي من الذكريات الخوالي
- طيوف تثير لهيب الحنين
- أخاف تكرّ عليها الليالي
- وتدفن تحت ركام السنين
- فيبسط قلبي جناحي هواه
- عليها ويحنو حنوّ الضنين
- وأنت بأعماقي روحي صلاة
- يسبّح باسمك روحي الأمين
- مضيت ؟ إلى أين ؟ هلاّ تعود
- لروحي اللهيف ، لقلبي الغريب؟
- توحّدت بعدك يا موحشي
- على الدرب ، درب الكروم الجديب
- أسير إلى غير ما غاية
- وكفّي على جرح قلبي الخضيب
- وفي مقلتي ّ غيوم حزانى
- وفوق جبيني وجوم كئيب
- وسمتك في خاطري ماثل
- يهيج الحنين ويذكي اللهيب
- إلى أين ؟ رحماك يا ابن الصحارى
- وبرّد ظماء الفؤاد العميد
- فما برمال عطاشى نمتك
- كهذا الغليل الملّح العنيد
- إلى أين؟ يا لك طيفاً ألمّ
- وعانق روحي بحلم سعيد
- ويا لك وهم سراب تألق
- في قفز عمري لقلبي الشريد
- حنانك عد؛ كيف أحيا الحياة ، وأنت هناك بعيد بعيد
المزيد...
العصور الأدبيه