الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> فدوى طوقان >> الروض المستباح >>
قصائدفدوى طوقان
- أين الغناء العذب يا طائري
- تسبق فيه كلّ شادٍ طروب
- وأين أفراح الصبّا الزاخر
- باللهو ، أم أين المراح الدؤوب
- مالك تلقي نظرة الحائر
- يريد يستجلي خفايا الغيوب ؟
- وما الذي في قلبك الشاعر
- قل لي ، فإن البثّ يشفي القلوب
- ما ترى حولك همس الورق
- يسكبه في أذن الجدول
- كأنه نجوى محبٍ سرق
- هنيهةً من غفلة العذ ّل
- والزّهر الرفاف إما عبق
- عبيره يسري مع الشمأل
- وهذه الدنيا ، وهذا الألق
- فمتّع النفس ولا تهمل
- بين الفراشات وزهر الربيع
- هيمنة الصبّ ، إذا يعتب
- ويح الفرشات ، هواها خدوع
- تلهو بهذا ، و بذا تلعب
- كم توهم الزهر هيام الولوع
- و قلبها يا طائري قلّب
- فيها إلى التبديل طبع نزوع
- و الطبع غلاّب فما يغلب
- وهذه الوردة ذات الرّواء
- كم تشتهي لحنك في حبها
- بلبلها اليوم إليها أفاء
- وأرسل العطر إلى قلبها
- وفيّ لها ، تلقى الوفاء
- أجمل ما تهداه من صحبها
- غنّّ ومتّعها بهذا الصفاء
- أو ، لا، فلن تنجو من عتبها
- سوا عجبي ! صمتك رهيب
- يا طائري ، ضمّن معنى الحذر
- ترمي بلحظ الصقر نحو الدروب
- كأنما أنذرت منها بشر
- ما تأتلي ترقب كالمستريب
- أشعر من حوليه وشك الخطر
- أقعى ، على أهبته للوثوب ،
- في كبرياء تتحدّى القدر!
- ماذا أرى ؟ هذاك (بومٌ) غريب
- منطلق ، حبهم المحيا ، وقاح
- يحوم في الروضة حوماً مريب
- غدوّه متّهم .. والرواح
- يطلّ من عينيه قلب جديب
- لكنه أرعن ، فيه جماح
- اقتحم الباب اقتحام الغصوب
- وجاس في الروض طليق الجناح !
- عيناه إذ ر أرأتا جمرتان
- قد شبّتا ، ما تطمعان الكرى
- عن وكرك المطول لا تحسران
- تطلّعاً يا طائري منكراً ..
- أشرع منقاراً كحد السنان
- مضاؤه ، ملتوياً أحمرا
- ومخلباً يصرع قلب الأمان
- يا ضيعة الوكر وقد أشهرا
- ما شأن ذيّاك الدعيّ الدخيل
- في الروض ، والروض حماك الحبيب
- وكيف يغدو مستباحا ذليل
- أو غرضاً يرمي بسهمٍ غريب
- أغضيت عن روضك دهراً طويل
- يا طائري ، مغرىً بحلم كذوب
- واليوم تصحو عن خيالٍ جميل
- مضى مع السّحرة ، غبّ الهبوب !
- أنفض جناحيك من الرقدة
- يا طائري ، أخشى عليك المصير
- لا تمكن (البوم ) من الروضة
- أرى لذاك (البوم ) شأناً خطير
- أضبّ اليوم للوكر على شرّة
- فيما أراه ، وأذى مستطير
- عليك بالحذر ، فكم غفلة
- يؤخذ منها المرء أخذاً نكير
- ويلك ، لا تأمن غريب الديار
- فخلفه من مثله معشر
- يا طائري ، إنّ وراء البحار
- مثل عديد الذرّ لو تنظر
- تربّصوا في لهفة وانتظار
- ودبّروا للأمر ما دبّروا . .
- تحفزهم تلك الأماني الكبار
- وأنت أنت المطمع الأكبر
المزيد...
العصور الأدبيه