الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> فدوى طوقان >> الشاعرة والفراشة >>
قصائدفدوى طوقان
- هناك فوق الربوة العالية
- هناك في الأصائل الساجيه
- فتاة أحلام خالية
- تسبح في أجوائها النائيه
- الصمت والظلّ وأفكارها
- رفاقها ، والسرحة الحانية
- *
- حياتها قصيدة فذّة
- منبعها الحسّ ونيرانه
- وحلم محيّر تائه
- من قلق اللهمة ألوانه . .
- حياتها بحر نأى غوره
- وإن بدت للعين شطآنه
- *
- رنت فتاة الشعر مأخوذةً
- بصور الطبيعة الخالية
- والأفق الغربي تطفو به
- ألوانه الورديه اللّاهبه
- كأنه أرض خرافيّةٌ
- هوت اليها شمسه الغاربه
- *
- ودّت وفيها لهفٌ كاسح
- لو تأخذ الكون الى صدرها
- تحضنه وتشبع الروح من
- آياته الكبرى ومن سحرها
- تعانق الأرض . . تضمُ السنا
- تقبّل الغيوم في سيرها
- *
- ودفعت بعينها في المدى
- تنهبه بالنظرة الواغله
- ما أجمل الوجود ! واستغرقت
- في نشوة فائضة شامله
- تلتهم الكون بإحساسها
- بقلبها، بروحها الذّاهلة
- *
- ما أجمل الوجود !! لكنها
- أيقظها من حلو أحساسها
- فراشة تجدَ لت في الثرى
- تودعه آخر أنفاسها
- تموت في صمت كأن لم تفض
- مسارح الروض بأعراسها
- *
- دنت إليها و انثنت فوقها
- ترفعها مشفقة حانيه:
- أختاه ، ماذا ؟هل جفاك الندى
- فمتّ في أيامك الزاهية ؟
- هل صدّ عنك الزهر ؟هل ضيّعت
- هواك أنسام الربى اللاهيه؟
- *
- كم أشعلت روحك حمّى الصبى
- وأنت سكرى بالشذى و الرضاب
- طافرةً بين رياض الهوى
- راقصة فوق الربى و الهضاب
- توشوشين الزهر حتى يُرى
- منفعلاً من هذيانِ الشباب
- *
- كم بلبل بالورد ذي صبوةٍ
- ألهبت فيه الغيرة السّاعرة
- كم زنبق عانقته كم شذى
- روّيت منه روحك الفائره.
- فأين منك الآن دنيا الهوى
- وأين أحلام الهوى الساحره!!
- *
- ماذا ؟ تموتين ؟ فوا حسرتا
- على عروس الروض بنت الربيع
- أهكذا في فوران الصّبى
- يطويك إعصار الفناء المريع
- وحيدةً ، لا شيّعتك الربى
- ولا بكى الروض بقلب صديع
- أختاه لا تأسي فهذي أنا
- أبكيك بالشعر الحنون الرقيق
- قد أنطوي مثلك منسيّةً
- لا صاحب يذكرني أو رفيق
- أواه : ما أقسى الردى ينتهي
- بنا الى كهف الفناء السحيق !
- واضطربت اعماقها مثلما
- دوّم إعصارٌ بقلب الخضم
- و انتفضت مذعورة في أسىً
- و ارتعدت مرعوبة في ألم
- فلم يكن يصدم أحلامها
- إلا رؤى الموت وطيف العدم
- وحدّقت في غير شيء وقد
- حوّمت الأشباح في رأسها
- ولا صور الوجود خلابة
- تنبعث النشوة في نفسها
- ولا رؤى الخيال رفّافة
- تخدّر المحموم من هجسها
- و دفق الليل كبحر طغى
- فانحدرت تحت عباب المساء
- تخبط في الدرب و قد غمغمت
- شاخصة المقلة نحو السماء
- يا مبدع الوجود ، لو صنته
- من عبث الموت و طيش الفناء !.
المزيد...
العصور الأدبيه