الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> فدوى طوقان >> أنشودةٌ للحبِّ >>
قصائدفدوى طوقان
- كان وراء البنت الطفلةِ
- عشرةُ أعوامْ
- حين دعته بصوتٍ مخنوقٍ بالدمعِ:
- حنانك خذني
- كن لي أنت الأبَ
- كن لي الأمّ
- وكن لي الأهلْ
- وحدي أنا
- لا شيء أنا
- أنا ظلّ
- وحدي في كون مهجور
- فيه الحبُّ تجمّدْ
- فيه الحسُّ تبلّدْ
- وأنا الطفلةُ تصبو للحبِّ وتهفو
- للفرحِ الطفْليِّ الساذجْ
- للنطّ على الحبلِ
- وللغوصِ بماءِ البركةِ
- للّهو مع الأطفالْ
- لتسلّق أشجارِ الدارْ
- القمعُ يعذبني
- والسطوة ترهبني
- والجسم سقيمٌ منهار
- أرفعُ وجهي نحو سماءِ الليلْ
- أهتفُ
- أرجُو
- أتوسّل:
- ظلّلني تحت جناحيكَ
- أغثني
- خذني من عشرة أعوامِي
- من ظلمةِ أيامي خذنِي
- وسّعْ لي حضنَك دَعْني
- أتوسَّدُ صدرَك امنحني
- أمنًا وسلام
- يا بلسمَ جرحِ المطحونينْ
- وخلاص المنبوذين المحرومينْ
- خذني!
- خذني!
- يجري نهرُ الأيام يمرُّ العامُ
- وراءَ العامِ وراءَ العامِ
- الطفلةُ تكبَرُ والأنثى
- وردةُ بستانْ
- تتفتّح والأطيارُ تطوفْ
- وتحوم رفوفًا حول الوردةِ
- بعد رفوفْ
- الزّمنُ الصعْبُ يصالحها
- ومجالي الكوْن تضاحكها
- والحبُّ يفيضُ عليها
- من كلّ جهات الدنيا
- ويطوّقها بتمائمه
- ويباركها بشعائِرِه
- ويساقيها من كوثرِهِ
- ما أحلى الحبّ وما أبهاه!
- الأنثى الوردةُ بعد سُراها
- وتخبّطها في ليلِ متاههْ
- تتربَّعُ في ملكوتِ الحبّْ
- تصير إلههْ
- هالاتُ النورِ تتوّجُها
- وتلاطفها قُبَلُ الأنسامْ
- ما أحلى الحبّ وما أبهاهْ!
- فيه الليلُ سماءٌ تَهْمِي
- تُمطر موسيقى وقصائدْ
- وقناديلُ الكلماتِ تصبُّ
- الضوءَ على أملٍ واعدْ
- ما أحلى الحبّْ!
- تتفتح فيه عيون القلبْ
- ما أحلاه حين يمسُّ شغافَ القلبِ
- فيبصرُ ما لا يبصرهُ العقلُ ويدرِكُ
- ما لا يدركه الفكرُ ويسبرُ ما لا
- تبلغُهُ الأفهامْ
- ما أحلى الحبّ وما أبهاهْ!
- كونٌ مكتملٌ ومعافى
- لم يتشظَّ ولم يتمزَّقْ
- يتناسق فيه العمرُ ويمسي
- إيقاعًا كونيّ الأنغامْ
- تتماهى فيهِ (أنا) مع (أنتْ)
- تزهو بحوارٍ موصولٍ
- حتى في الصمتْ
- ما أحلى الحبّ وما أبهاهْ!
- يحيا بين يديْه رميمْ
- تندى أرضٌ, تحضرُّ عظامْ
- فيه الزمنُ المسحورُ يقاسُ
- بدقّاتِ القلبِ المبهورْ
- لا بالسَّاعاتِ يُقاس ولا
- بتوالي الأشهرِ والأعوامْ
- ما أحلى الحبّْ!
المزيد...
العصور الأدبيه