الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> فدوى طوقان >> حلم الذكرى >>
قصائدفدوى طوقان
- إلى روح شقيقي إبراهيم
- أخي ، يا أحب نداء يرفّ
- على شفتيّ مثقلاً بالحنان
- أخي ، لك نجواي مهما ارتطمت
- بقيد المكان وقيد الزمان
- أحقاً يحول الردى بيننا
- ويفصلني عنك سجن كياني
- فمالي إذا ما ذكرتك أشعر
- إنك حولي بكل مكان
- أحسّ وجودك أؤمن أنك
- تسمع صوتي هنا وتراني
- وكم طائف منك طاف بروحي
- إذا ما الكرى لفّني واحتواني
- أخي ، أمس والليل يعمق غورا
- ويحضن قلب الوجود الكبير
- وذكراك تعمر أقطار نفسي
- وتملأ قلبي بفيض غمير
- تفلّت بين انعتاق الرؤى
- خيالك في غفوة من شعوري
- تحدّر من فاشرت الخلود
- على هودج من غمام وثير
- وقوس السحاب على الأفق تحتك
- تطويه معبر لون ونور
- كأن يد الله مدّته درباً
- إلى الخلد بين حقول الأثير
- أخي ! وهتفت بها واندفعت
- إليك بكل حناني وحبي
- أخي ! غير أنك رحت تصوّب
- عينيك نحو المدى المشرئبّ
- وكنت حزيناً وكانت على
- جبينك مسحة غمّ وكرب
- وجرح عتيق بجنبك يدمى
- شعرت به يتنزّى بجنبي
- وأرسلت عينيّ حيث رنوت
- وقد دبّ ثقل خقيّ بقلبي
- خلال دخان علا واستدار
- رأيت الحمى خربةً ماحله
- على العتبات تدبّ هوام
- وتعبر قافلة قافلة
- وبين الزوايا عناكب تحبو
- وتمعن في زحفها واغلة
- وأبصرت أشلاء قومي هنا
- وهناك على طرق السابلة
- عيون مفقّأة بعثرت
- على الأرض حباتها السائله
- وأيدٍ مقطّعة ووجوه
- غزا الترب ألوانها الحائلة
- وكان هناك وراء الدخان
- قطيع تشتت في كل بيد
- قطيع وديع . . . بقية قومي
- فهذا شريد وهذا طريد
- تظللهم في العراء الخيام
- وقد أخلدوا في هدوء بليد
- براكين خامدة لا تفور
- استحال اللظى في حشاها جليد
- قصارى مطامحهم لقمة
- مغمّسة بهوان العبيد
- تجود بها كفّ جلادهم
- لتخديرهم كل صبح جديد
- وأرجعت نحوك طرفأً ثقيلاً
- وفي شفتيّ سؤال كئيب :
- (( أخي أرأيت القضية كيف
- انتهت ، أرأيت المصير الرهيب
- أتذكر إذ أنت ترسل شعرك
- يطوي الحمى عاصفاً من لهيب
- تحذّرهم من هوان المآل
- كأنك تقرأ لوح الغيوب ))
- ولكن طيفك كان يغيب
- وراء المدى صامتاً لا يجيب
- وجرحك يقطر أزكى دماء
- همت في حواشي غمام خضيب
- وراحت تعانق جرح الحمى
- حمانا المسمّر فوق الصليب
المزيد...
العصور الأدبيه