الأدب العربى >> الشعر >> العصر الجاهلي >> طرفة بن العبد >> وكم دون سلمي >>
قصائدطرفة بن العبد
- أتعْرِفُ رسمَ الدارِ قَفْراً مَنازِلُهْ،
- كجَفْنِ اليمانِ زَخرَفَ الوشيَ ماثلُهْ
- بتثلِيثَ أوْ نَجرَانَ أوْ حيثُ تَلتقي،
- منَ النّجْدِ في قِيعانِ جأشٍ مسائلُه
- دِيارٌ لِسلْمى إذ تصِيدُكَ بالمُنى،
- وإذ حبلُ سلمى منكَ دانٍ توَاصُلُه
- وإذ هيَ مثلُ الرّئمِ، صِيدَ غزالُها،
- لـها نَظَرٌ ساجٍ إليكَ، تُوَاغِلُهْ
- غَنِينا، وما نخشى التّفرّقَ حِقبَةً،
- كِلانا غَريرٌ، ناعِمُ العيش باجِلُه
- لَيَاليَ أقْتادُ الصِّبا ويَقُودُني،
- يَجُولُ بنَا رَيعانُهُ ويُحاوِلُه
- سَما لكَ من سلْمى خَيالٌ ودونَها
- سَوَادُ كَثِيبٍ، عَرْضُهُ فأمايِلُهْ
- فذُو النّيرِ فالأعلامُ من جانبِ الحِمى
- وقُفٌّ كظَهْرِ التُّرْسِ تجري أساجلـه
- وأنّى اهْتَدَتْ سلمى وَسائلَ، بَيننا
- بَشاشَةُ حُبٍّ، باشرَ القلبَ داخِلُهْ
- وكم دُونَ سَلمى من عدُوٍّ وبلدةٍ
- يَحارُ بها الـهادي، الخفيفُ ذلاذلُه
- يَظَلُّ بها عَيرُ الفَلاةِ، كأنّهُ
- رقيبٌ يُخافي شَخْصَهُ، ويُضائلُهْ
- وما خِلْتُ سلمى قبلَها ذاتَ رِجلةٍ،
- إذا قَسْوَرِيُّ الليلِ جِيبَتْ سَرَابلـهْ
- وقد ذَهَبَتْ سلمى بعَقْلِكَ كُلّهِ،
- فهَلْ غيرُ صَيدٍ أحْرَزَتْهُ حَبائِلـه
- كما أحْرَزَتْ أسْماءُ قلبَ مُرَقِّشٍ
- بحُبٍّ كلمْعِ البَرْقِ لاحتْ مَخايلـه
- وأنْكَحَ أسْماءَ المُرَاديَّ، يَبْتَغي
- بذلكَ، عَوْفٌ أن تُصَابَ مُقاتِلـه
- فلمّا رأى أنْ لا قَرارَ يُقِرُّهُ،
- وأنّ هَوَى أسْماءَ لا بُدّ قاتِلـه
- تَرَحّلَ مِنْ أرْضِ العرَاقِ مُرَقِّشٌ
- على طَرَبٍ، تَهْوي سِراعاً رواحِلـه
- إلى السّرْوِ، أرضٌ ساقه نحوها الـهوى،
- ولم يَدْرِ أنّ الموْتَ بالسّرْوِ غائلـه
- فغودِرَ بالفَرْدَين: أرضٍ نَطِيّةٍ،
- مَسيرَةِ شهْرٍ، دائبٍ لا يُوَاكِلـه
- فيا لكَ من ذي حاجةٍ حِيلَ دونَها،
- وما كلُّ ما يَهوَى امرُؤ هو نائِلـه
- فوجدي بسلمى مثلُ وَجْدِ مُرَقِّشٍ،
- بأسْماءَ، إذ لا تَستفيقُ عَواذِلـه
- قضى نَحْبَهُ، وَجداً عليها مُرَقِّشٌ،
- وعُلّقْتُ مِنْ سَلمى خَبالاً أُماطلـه
- لعمري، لموْتٌ لا عُقوبةَ، بَعْدَهُ،
- لذي البثِّ أشْفى من هوًى لا يزَايِلـه
المزيد...
العصور الأدبيه