الأدب العربى >> الشعر >> العصر الجاهلي >> زهير بن ابي سلمى >> الجواد، على علاته، هرم >>
قصائدزهير بن ابي سلمى
- قِفْ بالدّيارِ التي لم يَعفُها القِدَمُ
- بَلى وَغَيّرَها الأرْواحُ والدِّيَمُ
- لا الدّارُ غَيّرَها بَعدي الأنيسُ ولا
- بالدّارِ لوْ كَلّمَتْ ذا حاجَةٍ صَمَمُ
- دارٌ لأسماءَ، بالغَمْرَينِ، ماثِلَةٌ،
- كالوَحْيِ ليسَ بها من أهلِها أرِمُ
- وَقَد أراها حَديثاً غَيرَ مُقْوِيَةٍ،
- السّرُّ منها فَوَادي الجَفْرِ فالـهِدَمُ
- فلا لُكانُ إلى وادي الغِمارِ فَلا
- شَرْقيُّ سَلمَى فَلا فَيْدٌ فَلا رِهَمُ
- شَطّتْ بهِمْ قَرْقَرَى بِرْكٌ بأيْمنِهِم
- والعالِياتُ وعَنْ أيسارِهمْ خِيَمُ
- عَوْمَ السّفينِ، فلَمّا حالَ دونَهُمُ
- فِنْدُ القُرَيّاتِ فالعِتكانُ فالكُرَمُ
- كأنَّ عَيني وقدْ سالَ السّليلُ بهِمْ
- وعَبرَةٌ ما هُمُ لَوْ أنّهُمْ أَمَمُ
- غَرْبٌ على بَكْرَةٍ أوْ لُؤلُؤٌ قَلِقٌ
- في السِّلْكِ خانَ بهِ رَبّاتِهِ النُّظُمُ
- عَهْدي بهِمْ يوْمَ بابِ القَرْيَتَينِ وقَد
- زالَ الـهَماليجُ بالفُرْسانِ واللُّجُمُ
- فاسْتَبدَلَتْ بَعْدَنَا داراً يَمَانِيَةً
- تَرْعى الخَرِيفَ فأدْنَى دارِها ظَلِمُ
- إنّ البَخيلَ مَلُومٌ حيثُ كانَ ولكنّ
- الجَوَادَ على عِلاّتِهِ هَرِمُ
- هوَ الجَوادُ الذي يُعطيكَ نائِلَهُ
- عَفْواً ويُظْلَمُ أحْياناً فيَظّلِمُ
- وَإنْ أتَاهُ خَليلٌ يَوْمَ مَسْئَلَةٍ
- يَقُولُ: لا غائِبٌ مالي وَلا حَرَمُ
- القائِدُ الخَيْلَ مَنكُوباً دَوَابِرُها
- مِنها الشَّنُونُ ومنها الزّاهِقُ الزّهِمُ
- قد عُولِيَتْ فَهْيَ مَرْفُوعٌ جَوَاشِنُها
- على قَوَائِمَ عُوجٍ لحْمُها زِيَمُ
- تَنْبِذُ أفلاءَها في كُلّ مَنزِلَةٍ،
- تَنتِخُ أعيُنَها العِقبانُ والرَّخَمُ
- فَهْيَ تَبَلَّغُ بالأعناقِ يُتْبِعُهَا
- خَلْجُ الأجِرّةِ في أشْداقِها ضَجَمُ
- تَخْطُو على رَبِذاتٍ غَيرِ فائِرَةٍ
- تُحذَى وتُعقَدُ في أرْساغِها الخَدَمُ
- قد أبْدَأتْ قُطُفاً في المَشْيِ مُنشَزَةَ الأ
- كتافِ تَنكُبُها الحِزّانُ والأكَمُ
- يَهْوي بها ماجِدٌ سَمْحٌ خَلائِقُهُ،
- حتى إذا ما أناخَ القوْمُ فاحتَزَمُوا
- صَدّتْ صُدوداً عن الأشوال واشترَفَتْ
- قُبْلاً تَقَلْقَلَ في أعناقِها الجِذَمُ
- كانوا فَريقَينِ يُصْغونَ الزِّجاجَ على
- قُعْسِ الكَواهلِ في أكتافِها شَمَمُ
- وآخَرينَ تَرَى الماذِيّ عُدّتَهُمْ،
- مِنْ نَسْجِ داودَ أوْ ما أوْرَثَتْ إرَمُ
- هُمُ يَضرِبُونَ حَبيكَ البَيض إذ لحقوا
- لا يَنكصُونَ إذا ما استُلحموا وحَموا
- يَنظُرُ فُرْسانُهُمْ أمرَ الرّئيسِ وقَدْ
- شَدّ السّرُوجَ على أثْباجِها الحُزُمُ
- يَمْرُونَها ساعَةً مَرْياً بأسوُقِهِمْ،
- حتى إذا ما بَدا للغارَةِ النَّعَمُ
- شَدّوا جَميعاً وكانَتْ كلّها نُهَزاً
- تَحْشِكُ دِرّاتِها الأرْسانُ والجِذَمُ
- يَنزِعنَ إمّةَ أقوامٍ لذي كَرَمٍ
- بحرٍ يَفيضُ على العافِينَ إذْ عَدِمُوا
- حتى تَآوَى إلى لا فاحِشٍ بَرَمٍ
- وَلا شَحيحٍ إذا أصحابُهُ غَنِمُوا
- يَقْسِمُ ثمّ يُسَوّي القَسْمَ بَيْنَهُمُ،
- مُعتَدِلُ الحُكْمِ لا هارٍ ولا هَشِمُ
- فَضّلَهُ فَوْقَ أقْوَامٍ ومَجّدَهُ
- ما لم يَنالُوا وَإنْ جادوا وإن كَرُمُوا
- قَوْدُ الجيادِ وإصْهارُ المُلوكِ وصَبرٌ
- في مَواطِنَ لو كانوا بها سَئِمُوا
- يَنْزِعُ إمّةَ أقْوَامٍ ذَوي حَسبٍ
- ممّا يُيَسّرُ أحياناً لَهُ الطُّعَمُ
- ومِنْ ضَريبَتِهِ التّقَوى ويَعْصِمُهُ
- مِنْ سيّءِ العَثَراتِ اللَّهُ والرّحِمُ
- مُوَرّثُ المَجْدِ لا يَغتالُ هِمّتَهُ
- عَنِ الرّياسَةِ لا عَجْزٌ وَلا سَأمُ
- كالـهُنْدُوانيّ لا يُخزيكَ مَشْهَدُهُ
- وَسطَ السّيوفِ إذا ما تُضرَبُ البُهُمُ
المزيد...
العصور الأدبيه