الأدب العربى >> الشعر >> العصر الجاهلي >> زهير بن ابي سلمى >> ألم تر للنعمان >>
قصائدزهير بن ابي سلمى
- ألا ليتَ شعري: هل يرَى النّاسُ ما أرَى
- من الأمْرِ أوْ يَبدو لـهمْ ما بَدا لِيَا؟
- بَدا ليَ أنّ اللَّهَ حَقٌّ فَزادَني
- إلى الحَقّ تَقوَى اللَّهِ ما كانَ بادِيَا
- بَدا ليَ أنَ النّاسَ تَفنى نُفُوسُهُمْ
- وَأمْوالـهُمْ وَلا أرَى الدّهرَ فانِيَا
- وَإنّي متى أهْبِطْ من الأرْضِ تَلْعَةً
- أجِدْ أثَراً قَبلي جَديداً وعافِيَا
- أراني إذا ما بِتُّ بِتُّ على هَوًى
- وأنّي إذا أصبَحتُ أصبَحتُ غادِيَا
- إلى حُفْرَةٍ أُهْدَى إليْها مُقِيمَةٍ
- يَحُثّ إليها سائِقٌ من وَرَائِيا
- كأنّي وقدْ خَلّفْتُ تسعينَ حِجّةً
- خَلَعْتُ بها عَنْ مَنكِبَيّ رِدائيا
- بدا ليَ أني لَستُ مُدْرِكَ ما مَضَى
- ولا سابِقاً شَيْئاً إذا كان جائِيَا
- أراني إذا ما شِئْتُ لاقَيْتُ آيَةً
- تُذكّرُني بعْضَ الذي كنْتُ ناسِيا
- وما إنْ أرَى نَفْسي تَقِيهَا كَريهَتي
- وما إنْ تَقي نَفْسي كَرائم مالِيا
- ألا لا أرى على الحَوَادثِ باقِياً
- ولا خالِداً إلاّ الجِبالَ الرّواسِيَا
- وإلاّ السّماءَ والبِلادَ وَرَبَّنَا
- وأيّامَنَا مَعْدُودَةً واللّيالِيَا
- ألمْ تَرَ أنْ اللَّهَ أهْلَكَ تُبَّعاً
- وأهْلَكَ لُقمانَ بن عادٍ وعَادِيا
- وأهلَكَ ذا القَرْنَينِ من قبْلِ ما تَرَى
- وفرْعوْنَ، جبّاراً طَغى، والنّجاشِيَا
- ألا لا أرَى ذا إمّةٍ أصْبَحَتْ بِهِ،
- فتَترُكُهُ الأيّامُ، وهْيَ كما هيا
- ألمْ تَرَ للنّعمانِ، كان بِنَجْوَةٍ
- مِنَ الشّرّ، لو أنّ امرأً كان ناجِيا
- فَغَيّرَ منْهُ مُلْكَ عِشرِينَ حِجّةً
- منَ الدّهرِ، يوْمٌ واحدٌ كانَ غاوِيَا
- فلَمْ أرَ مَسلوباً، لـهُ مثلُ مُلكِه،
- أقَلَّ صَديقاً باذِلاً، أوْ مُؤاسِيَا
- فأينَ الذينَ كانَ يُعطي جِيادَهُ،
- بأرْسانِهِنّ، والحِسانَ الغَوَالِيَا
- وأينَ الذينَ كانَ يُعطيهِمُ القُرَى،
- بغَلاّتِهِنّ، والمِئينَ الغَوادِيَا
- وأينَ الذينَ يَحضُرُونَ جِفَانَهُ،
- إذا قُدّمَتْ ألْقَوْا عَلَيها المَراسِيَا
- رَأيْتُهُمُ لم يُشْرِكُوا، بنُفوسِهِمْ،
- مَنِيّتَهُ، لمّا رَأوْا أنّها هِيَا
- خَلا أنّ حَيّاً منْ رَوَاحَةَ حافَظُوا،
- وكانُوا أُنَاساً يَتّقُونَ المَخازِيَا
- فَساروا لـهُ، حتى أناخُوا، بِبابِهِ،
- كِرامَ المَطايا والـهِجانَ المَتالِيَا
- فقالَ لـهمْ خَيراً، وَأثْنى عَلَيهِمُ،
- وَوَدّعَهُمْ وَداعَ أنْ لا تَلاقِيَا
- وأجْمَعَ أمْراً كانَ ما بَعدَهُ لَهُ،
- وكانَ، إذا ما اخلَوْلجَ الأمرُ، ماضِيَا
المزيد...
العصور الأدبيه