الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> كعب بن زهير >> وهاجِرة ٍ لا تَسْتَرِيدُ ظِباؤها >>
قصائدكعب بن زهير
وهاجِرة ٍ لا تَسْتَرِيدُ ظِباؤها
كعب بن زهير
- وهاجِرة ٍ لا تَسْتَرِيدُ ظِباؤها
- لأعلامها من السَّرابِ عمائمُ
- ترى الكاسعاتِ العفرِ فيها كأنما
- شواها فصرها من النارِ جاحمُ
- نصبتُ لها وجهي على ظهرِ لاحبٍ
- طَحِينِ الحَصَى قد سَهَّلَتْه المَنَاسِمُ
- تراه إذا يعلو الأحزة َ واضحاً
- لمن كان يسري وهو بالليل طاسمُ
- زجرت عليه حرة َ اللِّيطِ رفَّعتَ
- على ربذٍ كأنهنّ دعائمُ
- تَخَالُ بضَاحِي جِلْدِهَا ودُفوفِها
- عَصِيمُ هِناءٍ أعْقدتْه الحَنَاتِمُ
- يَظَلُّ حَصَى المَعْزاءِ بين فُروجِها
- إذا ما ارْتَمتْ شَرْواتهنّ القَوَائمُ
- فضاضاً كما تنزو دراهمُ تاجرٍ
- يُقَمِّصُها فَوْقَ البَنانِ الأَباهِمُ
- كأنِّي كَسَوْتُ الرَّحْلَ جَوْباً رَبَاعِياً
- تَضَمَّنَه وادِي الجَبَا والصَّرَائمُ
- أَتَى دُونَ ماءِ الرَّسِّ بادٍ وحاضَرٌ
- وفيها الجِمامُ الطامِياتُ الخَضارِمُ
- فصَدّ فأَضْحَى بالسَّلِيلِ كأنّه
- سَلِيبُ رِجالٍ فَوْقَ عَلْياءَ قائمُ
- يقلب للأصواتِ والريج هادياً
- تَمِيمَ النَّضِيِّ بَرَّصَتْهُ المَكَادِمُ
- وغائرة ً في الحنو دارَ حجاجها
- لَهَا بَصَر تَرْمِي به الغَيْبَ سَاهِمُ
- ورَأْساً كَدَنِّ التَّجْرِ جَأْباً كأنَّما
- رمى حاجبيهِ بالجلاميدِ راجمُ
- وفوهُ كشرخِ الكورِ خانَ بأسرهِ
- مَسامِيرُه فحِنْوُه مُتَفاقِمُ
- كلا منخريه سائفاً ومعشراً
- بما انصبّ من ماءِ الخياشيمِ راذمُ
- فَهُنَّ قِيامٌ يَنتظِرْنَ قَضاءَه
- وهنَّ هوادٍ للركيِّ نواظمُ
- وفي جانبِ الماءِ الذي كان يَبتَغِي
- به الرِّيَّ دَبَّابٌ إلى الصَّيْدِ عالِمُ
- ومِنْ خَلْفِه ذُو قُتْرَة ٍ مُتَسَمِّعٌ
- طويلُ الطّوى خفُّ بها متعالمُ
- رَفِيقٌ بتنضِيدِ الصَّفَا ما تَفُوتُه
- بمرتصدٍ وحشية ٌ وهو نائمُ
- فلمّا ارتدى جلاَّ من الليل هاجها
- إلأى الحائر المسجونِ فيه العلاجمُ
- فلمّا دَنَا للماءِ سافَ حِياضَه
- وخافَ الجبانُ حَتْفَه وهو قائمُ
- فوافَيْنَه حتّى إذا ما تَصَوَّبتْ
- أكارعه أهوى له وهو سادمُ
- طليحٌ من التَّسعاءِ حتى كأنه
- حديثٌ بحمّى أسأرتها سلالمُ
- لَطِيفٌ كَصُدَّادِ الصَّفَا لاتَغُرَّه
- بمرتقبٍ وحشية ٌ وهو حازمُ
- أخو قُتُراتٍ لا يَزَالُ كأنّه
- إذا لم يُصِبْ صَيْداً من الوَحْشِ غارِمُ
- يقلِّبُ حشراتٍ ويختارُ نابلٌ
- من الرِّيشِ ما التَفَّتْ عليه القَوَادِمُ
- صَدَرْنَ رِوَاءً عن أسِنَّة صُلَّبٍ
- يَقِئْنَ ويَقْطُرْنَ السِّمَامَ سَلاَجِمُ
- وصفراءَ شكّتها الاسّرة ُ عودها
- على الطلِّ والأنداءِ أحمرُ كاتمُ
- إذا أُطرَ المربوعُ منها ترنّمت
- كما أرزمت بكرٌ على البوّ رائمُ
- فاوردها في عُكوة ِ الليليِ جوشناً
- لأكْفالِها حتّى أتَى الماءَ لازمُ
- فلما أراد الصوتَ يوماً وأشرعت
- زَوَى سهْمَه عاوٍ من الجِنِّ صارمُ
- فمرَّ على مُلْسِ النَّواشِرِ قَلَّمَا
- تثبطهنَ بالخبار الجراثمُ
- ومر بأكنافِ اليدينَ نضَّيهُ
- ولِلْحَتْفِ أَحْياناً عن النَّفْسِ عَاجِمُ
- يَعُضُّ بإِبْهامِ اليَدَيْنِ تَنَدُّماً
- ولهَّف سِراً أمه وهو نادمُ
- وقال ألا في خيبة ٍ أنتِ من يدٍ
- وجذّ بذي إثرٍ بنانك جاذمُ
- وأصْبَحَ يَبْغِي نَصْلَه ونَضِيَّهُ
- فَرِيقَيْنِ شَتَّى وهو أَسْفَانُ وَاجِمُ
- وصاحَ بها جأبٌ كأن نسوره
- نوى ً عضَّهُ من تمرِ قرَّان عاجمُ
- وقفّى فأضحى يالسِتارِ كأنهُ
- خَلِيعُ رِجَالٍ فَوْقَ عَلْيَاءَ صَائِمُ
- قليلُ التأني مستتبٌّ كأنه
- لَها واسِقٌ يَنْجو بِها اللَّيلَ غانِمُ
- فَوَرَّكَ قَدْراً بالشَّمالِ وضَلْفَعاً
- وحَاذَتْهُ أعْلامٌ لها ومَخارِمُ
- وأمّ بها ماء الرّسيسِ فصوّبت
- لِلِينَة َ وانْقَضَّ النُّجُومُ العَوَائِمُ
- فلم أر موسوقاً أقلَّ وتيرة ً
- ولا واسقا ما لم تخنه القوائمُ
المزيد...
العصور الأدبيه