الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البرعي >> تجلتْ لوحدانية ِ الحقِّ أنوارُ >>
قصائدالبرعي
تجلتْ لوحدانية ِ الحقِّ أنوارُ
البرعي
- تجلتْ لوحدانية ِ الحقِّ أنوارُ
- فدلتْ على أنَّ الجحودَ هوَ العارُ
- وأغرتْ لبداعي الحقِّ كلَّ موحدٍ
- لمقعدِ صدقٍ حبذا الجارُ والدارُ
- وأبدتْ معانيَ ذاتهِ بصفاتهِ
- فلمْ يحتملْ عقلَ المحبينَ إنكارُ
- تراءى لهمْ في الغيبِ جلَّ جلالهُ
- عياناً فلمْ يدركهُ سمعٌ وأبصارُ
- معانٍ عقلنَ العقلَ والعقلُ ذاهلٌ
- وإقبالهُ في برزخِ البحثِ إدبارُ
- إذا همَّ وهمُ الفكرِ إدراكَ ذاتهِ
- تعارضَ أوهامٌ عليهِ وأفكارُ
- و كيفَ يحيطُ الكيفُ ادراك حدهِ
- وليسَ لهُ في الكيفِ حدٌّ ومقدارُ
- وأينَ يحلُّ الأينِ منهُ ولمْ يكنْ
- معَ اللهِ غيرَ اللهِ عينٌ وآثارُ
- ولا شيءَ معلومٌ ولاَ الكونُ كائنٌ
- ولاَ الرزقُ مقسومٌ ولاَ الخلقُ إفطارُ
- ولا الشمسُ بالنورِ المنيرِ مضيئة ٌ
- ولا القمرُ الساري ولاَ النجمُ سيارُ
- فأنشأَ في سلطانهِ الأرضَ والسما
- ليخلقَ منها ما يشاءُ ويختارُ
- وزينَ بالكرسيِّ والعرشِ ملكهُ
- فمنْ نورهِ حجبٌ عليهِ وأستارُ
- فسبحانَ منْ تعنو الوجوهُ لوجههِ
- ويلقاهُ رهنَ الذلِّ منْ هوَ جبارُ
- ومنْ كلِّ شيءٍ خاضعٌ تحتَ قهرهِ
- تصرفهُ في الطوعِ والقهرِ أقدارُ
- عظيمٌ يهونُ الأعظمونَ لعزهِ
- شديدُ القوى كافٍ لذي القهرِ قهارُ
- لطيفٌ بلطفِ الصنعِ فضلنا على
- خلائقَ لا تحصى وذلكَ إيثارُ
- يرى َ حركاتِ النمل ِفي ظلمِِ الدجى
- ولمْ يخفَ إعلانٌ عليهِ وإسرارُ
- و يحصى عديدَ النملِ والقطرِ والحصى
- وما اشتملتْ نجدٌ عليهِ وأغوارُ
- ووزنَ جبالٍ كمْ مثاقيلَ ذرة ٍ
- ذراها وكيلُ البحرِ والبحرُ تيارُ
- أضاءتْ قلوبُ العارفينَ بنورهِ
- فباحتْ بأحوالِ المحبينَ أسرارُ
- وشقَّ علاَ أسمائهمْ منْ علاَ اسمهِ
- على الأصلِ فهو البرُ والقومُ أبرارُ
- فذاكَ الذي يلجأْ إليهِ توكلاً
- عليهِ ويعصى َ وهوَ بالحلمِ ستارُ
- فأدنى للخلق منَ بابَ فضلهِ
- لتحمى إساءاتُ وتغفرَ أوزارَ
- وضامئة ُ الآمالِ تسعى َ حوائباً
- إلى موردِ استغفارهِ وهو غفارُ
- تسبحُ ذراتُ الوجودِ بحمدهِ
- ويسجدُ بالتعظيمِ نجمٌ وأشجارُ
- و يبكي غمامُ الغيثِ طوعاً لأمرهِ
- فتضحكُ مما يفعلُ الغيثُ أزهارُ
- و ينشقُّ وجهُ الأرضِ عنْ معشبِ الثرى َ
- وتجري ولا يجري سوى َ الله أنهارُ
- وإنْ غردَ القمريُّ شكراً لربهِ
- تجاوبهُ بالسجعِ أيكٌ وأطيارُ
- وإنْ نفحتْ هوجُ النسيم ِ تعطرتْ
- بهِ خلعُ الأكوانِ فالكونُ معطارُ
- تباركَ ربُّ الملكِ والملكوتِ منْ
- عجائبَ يرويهنَّ بدوٌ وحضارُ
- فيا نفسُ للإحسانِ عودي فربما
- أقلتِ عثاراً فابنُ آدمَ معثارُ
- ويا فرنة َ الأحبابِ بالرغمِ لا الرضا
- لعلَّ بلطفِ اللهِ تجمعنا الدارُ
- فأصبحَ في الأرضِ البعيدة ِ عهدها
- فلا ثمَّ أوطانٌ ولا ثمَّ أقطارُ
- وأدركَ منْ ريحانة ِ القلبِ نظرة ً
- وراها لصومِ القلبِ عيدٌ وإفطارُ
- إلهي أذقني بردَ عفوكَ واهدني
- إليكَ بما يرضيكَ فالدهرُ غرارُ
- وصلْ حبلَ أنسي باجتماعِ أحبتي
- ففي صرم ِحبلِ الأنسِ يشمتُ غدارُ
- وصنْ ماءَ وجهي عنْ مقامِ مذلة ٍ
- وحصنهُ منْ جورِ الطغاة ِ إذا جاروا
- فإني بتقصيري وفقري وفاقتي
- على أملٍ منْ مصرِ جودكَ أمتارُ
- خلعتُ عذارى واعتذرتكَ سيدي
- ولمْ يبقَ لي بعدَ اعتذاريَ أعذارُ
- فقلْ فزتَ يا عبدَ الرحيمِ برحمتي
- وطبتَ ولا خزيٌ لديكَ ولا عارُ
- وأكرمْ لأجلي منْ يليني وأعطنا
- منَ النارِ أمناً يومَ تستعرُ النارُ
- وصلِّ على روحِ الحبيبِ محمدٍ
- حميدِ المساعي فهوَ في الخلقِ مختارُ
- وأزواجهِ والآل والصحبِ إنهمْ
- لهُ ولدينِ الحقِّ بالحقِ أنصارُ
المزيد...
العصور الأدبيه