الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> يحيى السماوي >> لي ما يبرر وحشتي هذا الصباح >>
قصائديحيى السماوي
لي ما يبرر وحشتي هذا الصباح
يحيى السماوي
- «قراءة في رسائل من داخل الوطن»
- ------------
- لي ما يُبَرِّرُ وحشتي هذا الصباحَ
- كأنْ أَغضُّ الطَرْفَ عن وردِ الحديقةِ
- وابتهاجِ ابني بأفْراخِ الحَمامِ
- لي ما يُبَرِّرُ وحشتي هذا الصباحَ
- فإنَّ أمي تشتكي صَمَماً وقد عَشِيَتْ
- لماذا لا أكفُّ عن اتصالي الهاتفيِّ بها
- هل يرى الأعمى من القنديلِ أكثرَ من ظلامِ؟
- ***
- لي ما يبرر وحشتي هذا الصباحَ
- فإنَّ جارَتَنا «حسيبةَ»
- باعت الثورَ الهزيلَ
- وقايَضَتْ ثَوْبَينِ بالمحراثِ
- وابنتها - التي فُسِخَتْ خطوبتُها - اشترتْ نولاً
- ولكنَّ الخِرافَ شحيحةٌ..
- كادَتْ تُزَفُّ إلى ثريٍِ جاوَزَ السبعينَ
- لولا أنَّ داءَ السُكّريّ أتى عليه
- ولم يكن كتبَ الكتابَ
- فلم تَرِثْ غيرَ العباءَةِ والسِوارِ
- وَوَهْمِ بَيْتٍ من رُخامِ
- ***
- لي ما يُبرّرُ وحشتي هذا الصباحَ
- كأنْ أصيخ السَمْعَ
- للماضي الذي لم يأتِ بَعْدُ
- وأنْ أُعيد صياغةَ النصِّ الذي
- أَهْمَلْتُهُ عامينِ
- لا أدري لماذا لا أكفُّ
- عن التَلَفُّتِ للوراءِ
- ولا أَملُّ من التأَمُّلِ في حطامي
- ***
- وإرسالي المزيدَ
- لي ما يُبَرِّرُ وحشتي هذا الصباحَ
- فإنَّ «نهلةَ» جاءها طفلٌ له رأسانِ..
- «نَهْلَةُ» كانتِ القنديلَ في ليلِ الطفولةِ
- ضاحَكَتْني مرةً ... فكبرتُ!
- أذكر أنني - في ذاتِ وجدٍ -
- قد كتبت قصيدةً عنها...
- وحين قَرَأْتُها في الصَفِّ
- صَفَّقَ لي المُعَلّمُ
- غير أَنَّ بَقِيَّةَ الطلابِ
- أَضْحَكَهُمْ هُيامي
- ***
- من التصاويرِ الحديثةِ
- لي ما يبررُ وحشتي هذا الصباحَ
- يقولَ «رفعتُ» في رسالته الأخيرةِ:
- إنَّ «محمود بن كاظمَ» بات - بعد العفوِ - حُرّاً
- غير أَنَّ حديثَهُ يُفْضي الى رَيْبٍ بعقلٍ
- فهو يُطْنِبُ في الحديثِ
- عن التقدمِ للوراءِ
- أو
- التراجعِ للأَمامِ
- ***
- لي ما يُبَرِّرُ وحشتي هذا الصباح
- وما سَيَذْبَحُ في رياضِ فمي
- أزاهيرَ ابتسامي
- فـ «حَمادةُ الحمّالُ» مات حمارُهُ
- وأنا أُرَجِّحُ أنْ يكونَ «حمادةُ الحمّالُ»
- قد قتل الحمارَ
- تَدَبُّراً لـ «بطاقةِ التموينِ»
- والسوقِ التي كسُدَتْ
- وللحقلِ الذي ما عادَ يعرفُ خضرةَ الأعشابِ
- كان «حمادةُ الحمّالُ» مُخْتَصّاً بنقلِ الخضرواتِ
- وكان أشْهَرَ في «السماوةِ»
- من وزيرِ الخارجيةِ..
- غير أَنَّ حكومةَ «البطل المجاهدِ» عاقَبَتْهُ
- لأنه
- تَرَكَ الحمارَ يَبولُ تحتَ مِنَصَّةٍ
- رُفِعَتْ عليها صورةُ «الركن المهيبْ»
- و«حمادةُ الحمّالُ» يجهلُ في السياسةِ..
- لم يشاركْ في انتخابِ البرلمانِ..
- وحين يُسأَلُ لا يُجيبْ
- ويُقالُ:
- إنَّ كبير مسؤولي الحكومةِ في «السماوةِ»
- كان يخطبُ في اجتماعٍ حاشدٍ
- في عيدِ ميلادِ «ابنِ صبحةَ»
- ثمَّ صادفَ أَنْ يَمُرَّ «حمادةُ الحمّالُ»
- فاحْتَفَلَ الحمارُ
- (وربما ارتبكَ الحمارُ)
- فكانَ
- أنْ غَطّى النهيقُ على الخطيبْ
- ولذا
- أُرَجِّحُ أنْ يكون «حمادةُ الحمالُ»
- قد قَتَلَ الحمارَ
- او الحكومةُ أَرْغَمَتْهُ
- بأَمْرِ قائدِها اللبيبْ
- فـ «حمادةُ الحمّالُ» مَتَّهَمٌ
- بتأليب الحمارِ على الحكومةِ
- و«المهيبْ»
- ***
- لي ما يُبَرّرُ وحشتي....
- بغداد تُطْنِبُ في الحديث عن الربيعِ
- ونشرة الأخبارِ تُنْبِيءُ عن خريفٍ
- قد يدوم بأرضِ دجلةَ ألف عامِ!
- وأنا ورائي جُثَّةٌ تمشي..
- ومقبرةٌ أمامي!
- ***
المزيد...
العصور الأدبيه