الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> يحيى السماوي >> أعجزت نثري >>
قصائديحيى السماوي
- دعيني من أماسيكِ العِذاب
- فما أبقى التشردُ من شبابي
- قَلبْتُ موائدي ورميتُ كأسي
- وشيَّعْتُ الهوى ورَتجْتُ بابي
- خبَرْتُ لذائذ الدنيا فكانت
- أمرَّ عليَّ من سمٍّ وصاب
- وجدْتُ حلاوة الإيمان أشهى
- وأبقى من لُماكِ ومن إهابي
- إذا يبُسَ الفؤادُ فليس يُجدي
- ندى شفة مُطيَّبةِ الرضابِ
- أنا جرحٌ يسير على دروبٍ
- يتوه بها المصيبُ عن الصوابِ
- سُلبْتُ مسرَّتي واسْتفردتني
- بدار الغُرْبتينِ مدى ارتيابي
- وحاصَرَتِ الكهولة بعد وهْنٍ
- يَدُ النكباتِ جائعة الحِرابِ
- وما أبقتْ لي الأيامُ إلاّ
- حُثالتها بأبريقٍ خَرابِ
- ترَشَّفْتُ اللظى حين اصطباحي
- وأكملتُ اغتباقي بالضبابِ
- أُطلُّ على غدي بعيونِ أمسي
- فما شرَفي إذا خنْتُ انتسابي؟
- تُحرِّضُني على جرحي طيوفٌ
- فأنْبشُهُ بسكيني ونابي
- وربَّ لذاذةٍ أوْدَتْ بنفسٍ
- وحرمانٍ يقودُ إلى الطلاب
- أظلُّ العاشقَ البدويَّ.. أهفو
- إلى شمسٍ وللأرضِ الرَغابِ
- أنا البدويُّ لا يُغري نِياقي
- رُخامُ رُبىً.. وناطحةُ السحابِ
- أنا البدويُّ.. لا يُغوى صُداحي
- سوى عزف السواني والرَّبابِ
- ودلَّةُ قهوةٍ ووجاقُ جمرٍ
- تَحَلَّقَ حوله ليلاً صحابي
- وبيْ شوقٌ إلى خبزٍ وتمر
- كما شوق البصيرِ إلى شِهابِ
- وَلِلَبَنِ الخضيضِ وماءِ كوزٍ
- وظلِ حصيرةٍ في حَرِّ آبِ
- فُطِرْنا قانعينَ بفقرِ حالٍ
- قناعةَ ثغرِ زِقٍّ بالحَبابِ
- أبٌ صلَّى وصامَ وحَجَّ خمساً
- وأمٌ لا تقومُ عن «الكتابِ»
- ألا ياأمس أين اليوم مني
- صباحاتٌ مُشَعْشعةُ القِبابِ؟
- وفانوسٌ خجولُ الضوءِ تخبو
- ذؤابتُهُ فَيُسْرِجُها عتابي؟
- وأين شقاوتي طفلاً عنيداً
- أبى إلاّ انتهالاً من سرابِ؟
- أُشاكِسُ رفقتي زهْواً بريئاً
- ومن خَيْشٍ و«جُنْفاصٍ» ثيابي!
- ألوذُ بحضنِ أمي خوفَ ذئبٍ
- عوى ليلاً وخوفاً من عُقابِ!
- كبرتُ ولايزال الخوفُ طفلاً
- وقد صار «الرفاقُ» إلى ذئابِ!
- تطاردُ مقلتي منهم طيوفٌ
- فعزَّ عليَّ ياأمي إيابي
- وعزَ على يديك تَمَسُّ وجهي
- لتمسحَ عنه وَحْلَ الاغترابِ!
- وعزَّ .. وعَزَّ.. حتى أنَّ عِزّي
- غدا ذُلاً فيالي من مُصابِ!
- وعاقبني الزمان ـ وهل كنأيٍ
- بعيدٍ عن بلادي من عِقابِ؟
- تقاسَمَتِ المنافي بعض صحبي
- وبعضٌ آثَرَتْهُ يدُ الغيابِ
- ولولا خشيتي من سوءِ فهمٍ
- وما سيقالُ عن فقدي صَوابي
- لَقلتُ: أَحِنُّ يابغداد حتى
- ولو لصدى طنينٍ من ذُبابِ!
- لِوَحْلٍ في العراقِ وضُنْكِ عيشٍ
- جِوارَ أبي المُدَثَّرِ بالترابِ
- جوارَ أُخيَّةٍ وأخٍ وأمٍ
- وأحبابٍ يُعَذِّبُهم عذابي!
- أبا الحرف البليغ وهل جوابٌ
- كصمتي حين أعجزني جَوابي؟
- بلى.. لم ألقَ مثل عرارِ نجدٍ
- ولا كرحابِ مكةَ من رحابِ
- ولا كعشيركم أهلاً وصحباً
- ولا كحصونكم دِرْعاً لما بي
- عشقتُ ديارَ ليلى قبل ليلى
- فَمِنْ رَحمِ الصِّبا وُلِدَ التصابي
- ولكن شاءتِ الأيامُ مني
- وشاءَ جنونُ طيشي من لُبابي
- ولستُ بِمُبْدلٍ كأساً بكوزٍ
- ولا لهواً بِعِفَّةِ «ذي نِقابِ»
- أنا البَدويَّ.. في قلبي عِقالٌ
- و(َيَشْماغٌ)ولستُ بِمَنْ يُحابي
- إذا كان العراقُ رغيفَ روحي
- فإنَّ عَرارَ واديكم شرابي
المزيد...
العصور الأدبيه