الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> نازك الملائكة >> ثورة على الشمس >>
قصائدنازك الملائكة
- وقَفَتْ أمام الشمس صارخةً بها
- يا شمسُ، مثلُكِ قلبيَ المتمرِّدُ
- قلبي الذي جَرَفَ الحياةَ شبابُهُ
- وَسقَى النجومَ ضياؤه المتجدِّدُ
- مهلاً ، ولا يخدعْكِ حزنٌ جائرٌ
- في مقلتيَّ ، ودمعةٌ تتنّهدُ
- فالحزنُ صورةُ ثورتي وتمرُّدي
- تحت الليالي ؛ والألوهةُ تَشْهدُ
- ****
- ****
- مَهْلاً ولا يخدَعْكِ حزنُ ملامحي
- وشُحوبُ لوني وارتعاشُ عواطفي
- واذا لمحتِ على جبيني حَيْرتي
- وسُطورَ حزني الشاعريِّ الجارفِ
- فهو الشعورُ يُثيرُ في نفسي الأَسى
- والدمع في هول الحياةِ العاصفِ وهي النبوَّةُ لم تطِرْ فتمرّدَتْ
- ****
- ****
- شَفَتايَ مُطبْقَتان فوق أساهما
- عينايَ ظامئتانِ للأنداءِ
- تَرَكَ المساءُ على جبيني ظلَّهُ
- وقضى الصباحُ على جديدِ رجائي
- فأتيتُ أسكُبُ في الطبيعة حَيْرَتي
- بين الشَّذَى والوردِ والأفياء فسَخِرْتِ من حُزني العميقِ وأدمُعي
- ****
- ****
- يا شمسُ حتى أنتِ ؟ يا لَكَآبتي !
- أنتِ التي ترنو لها أحلامي
- أنتِ التي غّنى شَبَابي باِسمها
- وشَدَا بفَيضِ ضيائها البسَّامِ
- أنتِ التي قدّستُها وتَخِذْتُها
- صَنَماً ألوذُ به من الآلامِ
- يا خيبةَ الأحلامِ ، ما أبقَيْتِ لي
- الا ظلالَ كآبتي وظلامي
- ****
- ****
- سأحطِّمُ الصَنَمَ الذي شيّدْتُهُ
- لك من هَوَايَ لكلِّ ضوءٍ ساطعِ
- وأُديرُ عيني عن سَنَاكِ مُشيحةً
- ما أنتِ الاّ طيفُ ضوءٍ خادعِ
- وأصوغُ من أحلامِ قلبي جَنّةً
- تُغْني حياتي عن سَنَاكِ الّلامعِ
- نحنُ ، الخياليّينَ ، في أرواحنا
- سرُّ الأَلوهةِ والخُلودِ الضائعِ
- ****
- ****
- لا تَنْشُري الأضواءَ فوق خميلتي
- ان تُشرقي ، فلغيرِ قلبي الشاعرِ
- ما عاد ضوؤكِ يستثيرُ خوالجي
- حَسْبي نجومُ الليلِ تُلْهِمُ خاطري
- هنّ الصديقاتُ السواهرُ في الدُجَى
- يفهمن روحي وانفجارَ مشاعري
- ويُرِقْن في جَفْني خُيوطَ أشعَّةٍ
- فَضيَّةٍ ، تحتَ المساءِ الساحر
- ****
- ****
- ألليلُ ألحانُ الحياة وشِعْرُها
- ومَطَافُ آلهةِ الجَمالِ اُلملْهِمِ
- تهفو عليه النفسُ غير حبيسةٍ
- وتحلّق الأرواحُ فوقَ الأْنجُمِ
- كم سِرْتُ تحتَ ظَلامه ونجومِهِ
- فنسِيتُ أحزانَ الوجودِ المُظْلمِ
- وعلى فمي نَغَمٌ إِلهيُّ الصَدَى
- تُلْقيهِ قافلةُ النجومِ على فمي
- كم رُحْتُ أرقبُ كلَّ نجمٍ عابرٍ
- وأصوغُ في غَسَق الظلامِ ملاحني
- أو أرقبُ القَمَرَ المودِّعَ في الدُجى
- وأهيمُ في وادي الخيال الفاتنِ
- ألصمتُ يبعَثُ في فؤادي رعشةً
- تحت المساء المُدْلهمّ الساكنِ
- والضوءُ يرقُصُ في جفوني راسماً
- في عُمْقها أحلامَ قلبٍ آمنِ
- ****
- ****
- يا شمسُ ، اما أنتِ .. ماذا ؟ ما الذي
- تلقاهُ فيكِ عواطفي وخواطري ؟
- لا تَعْجَبي ان كنتُ عاشقةَ الدُجى
- يا ربَّةَ اللّهَبِ المذيبِ الصاهر
- يا من تُمَزِّقُ كلَّ حُلْمٍ مُشْرقٍ
- للحالمينَ وكلَّ طيفٍ ساحرِ
- يا من تُهدِّمُ ما يشيّدُهُ الدُجى
- والصمْتُ في أعماق قلب الشاعرِ
- أضواؤكِ المتراقصاتُ جميعُها
- يا شمسُ أضعفُ من لهيب تمرُّدي
- وجنونُ نارِكِ لن يمزّقَ نغمتي
- ما دام قيثاري المغرِّدُ في يدي
- فإِذا غَمرْتِ الأرضَ فَلْتَتَذكَّري
- أَني سأخلي من ضيائكِ مَعْبدي
- وسأدِفنُ الماضيْ الذي جَلَّلتِهِ
- ليخيِّمَ الليلُ الجميلُ على غَدِي
المزيد...
العصور الأدبيه