الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> نازك الملائكة >> أغنية للإنسان >>
قصائدنازك الملائكة
- -1-
- "نظمت هذه القصيدة عام 1950"
- - - -
- طاش عصف الرياح والتهب البر
- ق وثارت على السكون الرعود
- ثورة ثورة تمزّق قلب ال
- ليل والصمت بالصدى بالبريق
- صرخات الإعصار أيقظت الرع
- ب بقلب الطبيعة المدلهمّ
- تتلوّى الأشجار ضارعة وال
- مطر البارد الشتائيّ يهمي
- تتلوّى كأنها روح إنسا
- ن يريد الخلاص من أحزانه
- كل شيء في ثورة وانفعال
- كلّ شيء في ليلي المحزون
- أنا حيث الآلام تطبق جنحي
- ها المخيفين في الدياجير حولي
- أدمع في محاجري , ولهيب
- في دمي واكتآبة فوق ظلّي
- في عيوني لآثار حلم جميل
- كان يوما وأصبح الآن ذكرى
- في جمود وقفت أرقب من نا
- فذتي ثورة الدجى وجنونه
- يا أعاصير من دمائي خذي النا
- ر ومن حزني العميق الشديد
- يا دياجير من فؤادي خذي الظل
- مة إني في غيهب ممدود
- كل شىء يلوح لي عدما مرّا
- ولغزا مكفنّا بالشكاة
- كلّ شيء تلفّه ظلمة أع
- مق من أن ينيرها قطّ ضوء
- ظلمة في امتدادها يخبط الأح
- ياء في غفلة من الأقدار
- أين نمشي ما عدت أحتمل الجه
- ل متى الفجر ؟ طال بي انتظاري
- ودفنت الشباب والحبّ من أج
- ل طموحي ولم أزل في هيامي
- حرقة الاطّلاع تصهر أحلا
- مي واحساس فكري المترامي
- كيف أنجو من الأحاسيس من ح
- ّبي وكرهي ؟ من هدأتي ولهيبي
- كيف أنجو من الأسى إن يكن حو
- لي وجود مقّيد موبوء
- وأكفّ الحياة تجرحني وال
- لغزا عميقا خفيّا
- تتحدى الأحياء قهقهة المو
- ت وتبقى الحياة ليلا دجيّا
- لا صدى من غنائهم لا لهيب
- من أحاسيسهم يثور ويخبو
- ليس منهم إلا قبور حزينا
- ت تبقّت على ضفاف الحياة
- المساء الجميل حدّثني عن
- هم أقاصيص كلهّا أحزان
- شهد الليل أنّه مثلما كا
- ن فاين الذين بالأمس كانوا ؟
- كيف تحيا الأشواك , والزهر الفا
- تن يذوي في قبضة الإعصار ؟
- كيف تمضي إلى الفناء الأناشي
- د وتبقى مرارة الأقدار ؟
- في ربيع الشباب ما أعمق الجر
- ح إذا كانت الحياة شبابا
- الشباب الذي يسمّونه نع
- مى شباب الشعور والرغبات
- الشباب الكئيب حين يفيق ال
- حالم القلب شاردا مستطارا
- ويرى في تفجّع جثّة الما
- ضي الغريق الثاوي وكيف توارى
- وظلال البساطة الفجّة الحل
- وة ذابت في منحنى الأيّام
- والفؤاد الرقيق يصدمه الإح
- ساس بالواقع الغريب الجديد
- ليس يدري ماذا يحسّ لماذا
- تتبقّى أعماقة في انتفاض
- مثل في تمزّق واصطراع
- وأحاسيس ما وعاها ماضي
- رغبات كالليل غامضة الأص
- داء ترغي فيما وراء الشعور
- وشعور بفورة في الدم الجا
- رف تبقى كناقم موتور
- واندفاع إلى محان وراء ال
- حسّ في المستحيل في الأعماق
- كل هذا يحسّه قلبي الدا
- مي بجرح الشباب والإحساس
- ليتني لم أزل كما كنت قلبا
- ليس فيه إلا السّنا والنقاء
- كلّ يوم أبني حياتي أحلا
- ما وأنسى إذا أتاني المساء
- لا أحسّ المأساة حولي ولا أس
- مع في الرمل ألف ألف سؤال
- كالعصافير لم أحيّر أحاسيس
- سي يوما بما تقول الرياح
- وتمرّ الساعات بي وأنا اب
- ني خفايا مدينة الأحلام
- أيّ يوتوبيا فقدت وعزّ الآ
- ن إدراكها على أيّامي
- إيه تلّ الرمال ماذا ترى أب
- قيت لي من مدينة الأحلام؟
- هوذا أنت , مثلما كنت تّلاّ
- شاعريا مكللا بالجمال
- كنت عرشي بالأمس كنت لي الأو
- لمب والآن لم تعد غير تلّ
- كان في هذه الرمال وجود
- شاعريّ يلفّه ألف ظل
- لم أعد أبصر الحياة كما كا
- نت رحيقا يذوب في أقداحي
- لم أعد في الشتاء لأرتقب الأم
- طار من مهدي الجميل الصغير
- لم أعد أستطيع أن أحكم الزه
- ر وأرعى النجوم في كلّ ليل
- لم أعد أمزج الوجود بقلبي
- وأعدّ الحياة قصّة طفل
- كل ما في الوجود يجرحني الآ
- ن ولون الحياة يطعن نفسي
- أين شعر الوجود ؟ أسفر عن شيء
- طوى سرّه ذبول الرماد
- النشيد القديم ضاع صداه
- حين مرت به يد الأعوام
- كلّ شيء ينهار إلا عنادي
- وحنين الجمال في أحلامي
- أيها الواقع الثقيل حناني
- ك أهذي عقبى المنى والحنين ؟
- رعشات الأزهار لم تعد الآ
- ن نشيدا وضحكة استبشار
- وغناء الطيور لم يعد ال
- آن شفاء لأدمعي وخلاصا
- بعض شيء فيه يذكّرني الأق
- ياد والصائدين والأقفاصا
- بعض شيء فيه يذكّرني الأ
- موات تحت السكون والنسيان
- واختلاج الأمواج في النهر ما عد
- ت أراه إلا دجى مدلهّما
- ومرور الأيام ما عاد يبدو
- لي ربيعا ملّونا سحريّا
- بعض شيء فيه يذكّرني الأ
- قدار والموت والأسى الآدميا
- بعض شيء فيه يلخّص لي القّص
- ة في لفظتين : مهد ولحد
- عدت أخشى الحياة , أفرق منها
- وأراها دعابة لا تطاق
- حسبها أنّنا دفعنا إليها
- ثمن العيش حرقة ودموعا
- أي ذنب جناه آدم حتى
- نتلّقى العقاب نحن جميعا؟
- ليتها لم تمسّ دوحتها قطّ
- ولم تصب للجنى المسموم
- ليتها لم تحسّ بالشر والخي
- ر ولم تدر للتمرّد طعما
- وليكن آدم وحواء قد ثا
- را وداسا السماء في إصرار
- أو لم يكف أن أضاعا جنان ال
- خلد ؟ لم تكف سورة الإحتقار ؟
- السماء التي أضاعا خلود
- وهنا يحكم الردى الجبّار
- هبطا في تعثر صامت الآ
- هات غرقان في جمود الذهول
- إيه حواء ! كيف عوقبت بالنف
- ي ولولاك ما عرفنا النورا
- أنت يا من بعت الخلود بأحزا
- ن لياليك واشتريت الشعورا
- كخطايا الربّ الذي سرق النا
- ر لعّباده ونال الشقاء
- آهة في الوجود تسمع يا حوّ
- اء روحي حديثك المجهولا
- وعلى بعد خطوتين حنا آ
- دم في صمته الرهيب الحزين
- شعره الأشقر الجميل تهاوى
- خصلات على شحوب الجبين
- بعض ذكرى من السماء غدا تم
- حى بذرّية من الأشقياء
- في الجبال التي تموت بها الأص
- داء رجع من ماضيات القرون
- شبه أقصوصة يرجّعها الوا
- دي حديثا عن سيرة بشريّه
- مسحتها الأيام لم تبق منها
- غير همس في الأنفس الشاعريّه
- عندما كان في الوجود فتى را
- ع يغنّي الرياح فوق الجبال
- كان يدعى هابيل كان يسوق ال
- غنم الظامئات كلّ صباح
- مقلتاه حلمان بالشعر والحب
- يذوبان في صفاء المراعي
- شفتاه ارتعاشتان لما يب
- صر من فتنة ومن إبداع
- ذلك الحلم , ذلك الأبد النا
- ئم هابيل في صفاه وطهره
- كان يوما ينام في ظّلة الجو
- ز على شط جدول نعسان
- نشوة ملء روحه , روحه الظم
- أى إلى كل فاتن مسحور
- ليس يصغي إلا إلى همسة الما
- ء وخطو القطيع قوى الصخور
- في يديه سكّينه الحاقد المس
- موم في مقلتيه طيف جريمه
- لم تكن غير صرخة , غير تأوي
- هة حزن غير اضطراب قصير
- وأتت ظلمة المساء على الحق
- ل وعاد القطيع من دون راع
- ليس إلا قابيل يمشي رهيب ال
- خطو نهب الأفكار والأوجاع
- كلما قاتل الأسى عاودته
- في الدجى صرخة القتيل البريء
- أو لم تسمع الحقول صدى أنّ
- ة هابيل حين خرّ قتيلا
- أين هابيل ؟ أين وقع خطى أغ
- نامه في الجبال والوديان
- ليس منه إلا ضريح كئيب
- شاده في العراء أول جان
- أيها المستطار لن تردع الأق
- دار حنى إذا بكيت طويلا
- استرح أنت , نم دع القاتل الآ
- ثم يسكر على نشيش الدماء
- لعنات تظل تصرخ بالثأ
- ر وتبقى تحزّ في الأعصاب
- وتحيل الأيدي مخالب والأر
- ض قبورا والناس محض ذئاب
- يتمنى لو كانت الأرض لحما
- ليصبّ المزيد من طعناته
- وانبثاق الدماء يغريه ما لذ
- ة هذي الثمالة المسمومه ؟
- ذلك النبض لن ينام إلى أن
- يترك الكون في الفضاء شظايا
- ذلك النبض لو يحدّث عما
- سال في الأرض من دماء الضحايا
- عن جنون الطموح يقتات من ضوء
- المآقي ويرتوي بالدماء
- عن جمود الرجاء في أعين القت
- لى ولون الشرود والنسيان
- عن عيون كأنّ فيها فتورا
- ساخرا من وجودنا المجنون
- وعيون كأنها تقذف اللعنة
- والموت في لظى وجنون
- وعيون أخرى يضج أساها
- ترمق الموت في ابتهال وذعر
- والعيون التي تحدّق لا قع
- ر لها لا بداية لا نهايه
- والعيون التي تحقّر في صم
- ت وتلك التي تلوح ذهولا
- والعيون التي يغلفها الحز
- ن وتبكي شبابها المقتولا
- والعيون التي تحدّق في الأر
- ض كأن ليس في الوجود حياة
- وعيون العدل الصريع مع ال
- وات بين الدماء والأشلاء
- أين أين المفرّ من هاته الأ ع
- ين من لونها العميق الرهيب
- إنها لا تنام لا تعرف المو
- ت وتبقى في حقدها المشبوب
- إنها في السماء في الأرض في كل
- مكان يحسّ بالميتينا
- في هدوء العروق تصرخ في اللي
- ل وتعوي في كلّ قلب أصم
- ليس يقوى على فظاعتها النس
- يان فهي ارتجافه في الشعور
- وانعصار في الروح يغلي جنونا
- وسياط تنصبّ فوق الضمير
- كلما أخلد الضمير إلى النو
- م أفاقت من كهفها المسحور
- ودعت موكب الخطايا فخفّت
- من أقاصي الدجى المخيف الجديب
- أين أين المنجى ؟ وكيف تنام الر
- وح في ضجّة الضمير المهان ؟
- أيّ نوم يذوق راحته الجلاّ د ؟
- هل للذنوب من نسيان ؟
- انسجيها من رجع أغنية الأم
- وات من لعنة الجراح الدوامي
- اجمعيها من كل عمر طوته
- كفّ (آريس) وهو ما زال غضّا
- من شفاه الأطفال تحلم بالمأ
- وى وبالدفء في رياح الشتاء
- من عيون الصبيان ترسم في الظل
- ماء أحلام عودة الآباء
- حيث كانت تقوم أبراج تلك ال
- مدن العبقّرية المسحوره
- حيث أمست تمتدّ مملكة الغر
- بان والليل والمنايا السود
- وأماسيه لا تمرّ كما كا
- نت عليها الأوتار والأقداح
- إنها الآن مسكن الرعب تأوي
- لذراها الرياح والأشباح
- تتهاوى أحجارها السود في صم
- ت وتنهار في سكون الليالي
- ذلك الحلم في عيون الصبايا ال
- ناعسات الأجفان والأعمار
- والشفاه العذراء أطبقها المو
- ت على لحن حبّها المبتور
- والجباه التي ذوت قبل أن يل
- مسها إصبع الهوى المسحور
- غار فيها جرح التراب عميقا
- وذوت قبل أن تذوق الرحيقا
- والعيون الظمآى التي تشرب الأن
- جم منها وتستعير سناها
- والأكفّ التي انطوت وهي ما زا
- لت تحوك الطموح والأهواء
- لم تزل غضّة أصابعها اللد
- نة تستعصر الحصى والهواء
- من ضباب الأحلام من ملمس الور
- د ومن روعة الدجى الوسنان
- في جنون ظلت تصفّق شوقا
- لرحيق المستقبل المجهول
- وأطّلت إلهة الفجر أورو
- را على المشهد المثير الرهيب
- لحظة ثم أطبق الأمس جفني
- ه على الحاضر المقيت الجديب
- وحشاها التراب صمتا وبردا
- بعد دفء الشعور والألوان
- لحظة ثم مرّغت مدن الأح
- لام أبراجها الضخام القباب
- حيث كان الجمال يفرش ضوء الش
- مس روحا وفتنة وطيوفا
- أصبحت ترسل الخرائب صوت الص
- مت والموت غيهبّيا مخيفا
- كل شيء فيها تحوّل صمتا
- ليس فيه من خلجة أو شعور
- غير معنى مكبل ربما استي
- قظ في رقدة الرخام الحزين
- لا تعيه إلا القلوب التي تق
- رأ سرّ الذهول في عينين
- وتحس البغضاء ترجف كأسا
- وتحسّ الجنون في شفتين
- وتواريخ كاملات يغني
- ها العمود الكابي لحزن الجدار
- وتلال الأنقاض تروي الأقاصي
- ص لسمع الظلام والأشباح
- عن أغان مرّت بأعمدة الأب
- هاء غرقى بالدفء والأحلام
- ناعمات تغوص في رجعها الآ
- هات سكرى الخطوط والأنغام
- نام فيها لغز الجمال وأغفت
- فتنة الحبّ والشباب اللاهي
- جفّ عرق الحياة فيها وعادت
- ذكريات مطموسة الألحان
- وتلول الأنقاض تروي الأقاصي
- ص لسمع الظلام والأشباح
- عن فلول الذين عادوا من الحر
- ب حطاما وحفنة من جراح
- كيف عادوا يرتلون نشيد ال
- موت ملء الفضاء لحنا فلحنا
- كيف ألقى الحرمان ظل السنين الص
- فر فوق العيون فوق الشفاه ؟
- وخطاهم كأنّ وقع صداها
- جرس الموت رنّ ملء الفضاء
- منشدا للحياة أغنية الفو
- ضى ولحن الجنائز السوداء
- هذه الأعين الرمادية الأس
- رار هل خلف صمتها من بريق ؟
- هل حديث عن الليالي البطيئا
- ت وعن ثلجها الكثيف الثقيل
- عن سهاد الأحزان في أعين الحرّ
- اس في الخندق الرهيب الدامي
- رسب الليل فوق أهدابهم ثل
- جا ومات الإحساس في الأقدام
- مات في ذكرياتهم وتر الأح
- ساس بالبرد والسكون العاري
- يرصدون الحياة في ملل مرّ
- التلوّي مسنّن الأصفاد
- والجنود الذين أغفوا مع المو
- تى وناموا على الثرى الثلجي
- كل أحلامهم كوابيس من نا
- ر وقتلى ووحشة ودويّ
- من جديد يمرّ يحصد لا يب
- قى على الأرض غير ذكرى وظلّ
- ويطلّ السلام ذات ضحى حطّ
- مه الليل والمدى المستحيل
- السلام الحزين هذا الطريد ال
- تائه الخطو ما له من مقر
- ذو العيون الزرقاء ينبع منها الش
- عر والحبّ في صفاء وطهر
- في دماء السنين تتكىء الخي
- بة في مقلتيه في الشفتين
- يعبر الّميتين والمدن الصمّ
- اء والجدب والأسى والذهولا
- اتركوه يهيم في الجدب والفو
- ضى ويحصي الجراح والآهات
- اتركوه مضّيعا دون مأوى
- تائها في مجاهل الظلمات
- ويغّني له الغراب نشيد الش
- رّ والموت في اربداد المساء
- أيّ قلب يؤويه ؟ كيف يعيش الض
- وء في رفقة الدجى والشرور ؟
- أيّ عينين تدركان صفاه
- وتحسّان سرّه المكنونا ؟
- هل تبقّت إلا كهوف شقيّا
- ت تسمّى مآقيا وعيونا
- أين يأوي السلام والحب ؟ يا لل
- حرب لم تبق في الثرى إنسانا
- ليس إلا قوافل من حيارى
- نام في ذكرياتهم كلّ صوت
- بردت في عيونهم قصة الحب
- وأبقت صمتا عميقا طويلا
- وخبت في جفونهم ومضة المع
- نى وأبقت غشاوة وذهولا
- وجنون الحياة من أجل ماذا؟
- أيّ مغزى وراءها ؟ أيّ معنى ؟
- الحيارى أبقت لهم قصّة الحر
- ب اضطرابا ممزّقا لا يقرّ
- يعبرون الأيّام أجنحة شلاّء
- قصّت زوابع الأيام
- ريشها فهي في الثرى تبصر التح
- ليق في غطّة من الأحلام
- فهم لا يرون ما يختفى خل
- ف جمود الأشياء من ألوان
- ربما أبصروا على الأفق النع
- سان قوس الأمطار يقطر شعرا
- وهم يسحبون أقدامهم فو
- ق تراب الملال والبغضاء
- ومآقيهم الرمادّية الجد
- باء قبر الجمال والإيحاء
- ولمن يشرق الجمال ؟ أللنس
- يان ؟ للإحتراق ؟ للتبديد ؟
- ولمن تضحك النجوم ؟ لمن تس
- كب أهدابها كؤوس الضياء
- ولمن هذه العذوبة في الأز
- هار ؟ في نعسة الشذى النشوان ؟
- في غناء الجداول العذبة الوس
- نى لأرض عشبيّة الأحضان
- في دموع الندى على زهرة بي
- ضاء نامت على حفاف الغدير
- ولمن ترسل العصافير لحن ال
- حبّ والضوء والشذى كلّ فجر؟
- أغناء ولا مسامع تؤوي ال
- لحن والحبّ في كؤوس الشعور ؟
- وجمال ولا عيون تحوك ال
- حبّ منه لحلمها المسحور ؟
- وورود حمراء يحترق العط
- ر عليها في الجدب والنسيان
- ومهاد من الشذى رخصة العش
- ب تذيع اخضرارها في الفراغ
- كلّ هذا العطر المبعثر ملء الأ
- رض ملء الحياة والآفاق
- لم يعد يوقظ العروق التي أغ
- فت عن اللون والسّنا البرّاق
- الشعور العميق تدعوه وهما
- وتسّمي حبّ الجمال خيالا
- هذه الأنفس الممزّقة العم
- ياء , هذي المدافن الجوفاء
- وتبّقت فيها مقابر للشرّ
- ولليأس جهمة الآفاق
- عكست بعض جدبها وأساها
- صرخات الفراغ ملء المآقي
- ما معاني الألفاظ في صمتها ال
- مسكون بالحزن والرجاء الكسير ؟
- إنّهم يقطعون أرض الأسى وال
- جدب حيث الجمال لا يستقرّ
- حيث يبنى الفراغ عشّا رماد
- ّيا ينمّي فيه الأذى والشقاء
- وطيورا شوهاء حاقدة الأن
- غام مملوءة الصدى بغضاء
- ودعينا هنا مع النقم الّسو
- داء نهب السهاد والتبريح
- في دويّ الرياح موكبنا يز
- حف نحو الضياء تحت الظلام
- من بعيد خلف الغيوم التي تف
- غر فاها في دربنا المجهول
- ربما لاح بارق كشراع
- أبيض الوعد في الظلام الثقيل
- بعض كأس تنال حافتها البي
- ضاء إغماءة الشفاه الظوامي
- ذلك النبع بعد هذا السّرى العط
- شان بعد الصراع بعد الجراح
- ذلك النبع حيث نغمس شكوا
- نا ونسقي تعطّش الأحلام
- من جديد نعيش تعرفنا الري
- ح وتتلو نشيدنا للغمام
- وتقول الحياة أن لنا ظلاّ
- لنا بعض قصّة وكيانا
- إننا لم نمرّ بالعالم المّي
- ت صرعى ولم نعش أمواتا
- ستقول الحياة إنّا مررنا
- وملآنا الحياة شعرا وفنا
- أن شيئا منّا عميقا سيبقى
- في سكون الوجود لحنا يغنّى
- في بروق الشتاء تقتحم اللي
- ل وفي عاصف الرياح المخيف
- في ارتشاف الظلام للقمر الأب
- يض في الصيف في سكون المساء
- ستقول الحياة إنّا بحثنا
- في الدياجير أشهرا وسنينا
- عن رحيق مغلّف بالأساطي
- ر جهلنا وعاءه المكنونا
- ذلك اللغز , ذلك الحلم المح
- جوب خلف الضباب أين تراه ؟
- في أناشيدنا يعيش ضبابا
- تائها في مدى فسيح عريض
- نتغنّى به ونجهل ما كن
- ه شذاه وأين يحيا ضياه ؟
- أهو جنّية مجنّحة الأق
- دام تحيا في عالم لا نراه ؟
- من جناح الفراش ملمس خدّي
- ها ومن رّقة الشذى المسحور
- مقلتاها العميقتان وجود
- أزرق اللون ناعم وّضاء
- من غبار النجوم جدران مأوا
- ها الغريب المشيد فوق الزمان
- في مكان من الوجود على با
- ب رؤاه يضيع حدّ المكان
- أنبتته حدائق القمر النا
- ئي لتلك الجنّية البيضاء
- ويداها المسحورتان تقودا
- ن النجوم الشقراء عبر الفضاء
- تلك جنّية السعادة في قص
- ر بعيد يقوم خلف الغيوم
- عنده تنتهي رغائبنا الول
- هى وأشتات حلمنا المحطوم
- في انفعال ندقّ أبوابه الصمّ
- اء والصمت ساخر من أسانا
- وهي تلك الجنّية الفظة الوح
- شية القلب من بنات السعالي
- ربما شيدّت اريكتها الفض
- ّية النسج من حطام منانا
- ربما لوّنت ملابسنا الفج
- رّية اللون من لهيب دمانا
- وتغّذي نيران موقدها من
- كل حلم نصوغه ورجاء
- هذه الرّبة النحاسّية الإح
- ساس لو لان قلبها الصخريّ
- لو حنا سمعها واصغى إلى رج
- ع الأغاني المسوّدات الرنين
- يتلّوى الحنين فيها وينساب
- ب كأمواج جدول مفتون
- لم تعد تعرف العذوبة فاليأ
- س حشاها وازدراء
- آه أصغي يا ربة الأفق المف
- قود من سترك الذي لا يزاح
- وانظري من ضباب قصرك من لغ
- زك من صمت جوّك المجهول
- أرسلي نظرة كما يعبر البر
- ق إلينا من جفنك المعسول
- الملايين مرسلين مع الأح
- زان حلم المستقبل الموهون
- مات في ذكرياتهم وتر الأح
- ساس بالبرد والسكون العاري
- يرصدون الحياة في ملل مرّ
- التلوّي مسنّن الأصفاد
- كل عينين فيهما قصة تت
- لى وتروي لليل سهد الرّماد
- والجنود الذين أغفوا مع المو
- تى وناموا على الثرى الثلجي
- كل أحلامهم كوابيس من نا
- ر وقتلى ووحشة ودويّ
- ثم يأتي الصباح ثانية يص
- حبه الموت أسود الأنياب
- من جديد يمرّ يحصد لا يب
- قى على الأرض غير ذكرى وظلّ
- ويطلّ السلام ذات ضحى حطّ
- مه الليل والمدى المستحيل
- ملء عينيه نعسة الحلم الخج
- لان والصمت والرجاء الهزيل
- السلام الحزين هذا الطريد ال
- تائه الخطو ما له من مقر
- ذو العيون الزرقاء ينبع منها الش
- عر والحبّ في صفاء وطهر
- ها هو الآن يستقرّ على الأر
- ض غريبا ممرّغ الجنحين
- في دماء السنين تتكىء الخي
- بة في مقلتيه في الشفتين
- يعبر الّميتين والمدن الصمّ
- اء والجدب والأسى والذهولا
- باسما في مرارة ليس يدري
- كيف بالأمس القديم ذبولا ؟
- اتركوه يهيم في الجدب والفو
- ضى ويحصي الجراح والآهات
- اتركوه مضّيعا دون مأوى
- تائها في مجاهل الظلمات
- يتغذى بالذكريات ويأوي
- لتلال الأنقاض والأشلاء
- ويغّني له الغراب نشيد الش
- رّ والموت في اربداد المساء
- أيّ قلب يؤويه ؟ كيف يعيش الض
- وء في رفقة الدجى والشرور ؟
- كيف يحيا البياض في هذه الأو
- عية السود في خمود الصدور ؟
- أيّ عينين تدركان صفاه
- وتحسّان سرّه المكنونا ؟
- هل تبقّت إلا كهوف شقيّا
- ت تسمّى مآقيا وعيونا
- ملؤها اليأس والمرارة حينا
- ملؤها الشرّ والأذى أحيانا
- أين يأوي السلام والحب ؟ يا لل
- حرب لم تبق في الثرى إنسانا
- ليس إلا قوافل من حيارى
- نام في ذكرياتهم كلّ صوت
- يذرعون الحياة في حيرة الأش
- باح يمشون ميّتا إثر ميت
- بردت في عيونهم قصة الحب
- وأبقت صمتا عميقا طويلا
- وخبت في جفونهم ومضة المع
- نى وأبقت غشاوة وذهولا
- الحيارى لا يدركون لماذا
- يملآون الوجود ضحكا وحزنا
- وجنون الحياة من أجل ماذا؟
- أيّ مغزى وراءها ؟ أيّ معنى ؟
- الحيارى أبقت لهم قصّة الحر
- ب اضطرابا ممزّقا لا يقرّ
- وجحودا يكاد يكفر بالرو
- ح وشكّا في كل شيء يمرّ
- يعبرون الأيّام أجنحة شلاّء
- قصّت زوابع الأيام
- ريشها فهي في الثرى تبصر التح
- ليق في غطّة من الأحلام
- وانطوت في عيونهم قدرة التل
- وين والخلق واصطياد المعاني
- فهم لا يرون ما يختفى خل
- ف جمود الأشياء من ألوان
- ربما أبصروا على الأفق النع
- سان قوس الأمطار يقطر شعرا
- كلّ لون يذيع في خاطر الغي
- م نشيدا يذوب شهدا وعطرا
- وهم يسحبون أقدامهم فو
- ق تراب الملال والبغضاء
- ومآقيهم الرمادّية الجد
- باء قبر الجمال والإيحاء
- اشحبي يا غيوم وانطفأي يا
- مقلة الشمس في الفضاء البعيد
- ولمن يشرق الجمال ؟ أللنس
- يان ؟ للإحتراق ؟ للتبديد ؟
- ولمن تضحك النجوم ؟ لمن تس
- كب أهدابها كؤوس الضياء
- ولمن ترقص الفراشات سكرى
- بعيون البنفسج الزرقاء ؟
- ولمن هذه العذوبة في الأز
- هار ؟ في نعسة الشذى النشوان ؟
- في غناء الجداول العذبة الوس
- نى لأرض عشبيّة الأحضان
- في ابتسام المروج بعد مساء
- ممطر الصمت دافىء الديجور
- في دموع الندى على زهرة بي
- ضاء نامت على حفاف الغدير
- ولمن ترسل العصافير لحن ال
- حبّ والضوء والشذى كلّ فجر؟
- والحفيف المفتون إن لم توّسد
- ه رؤانا لمن يذوب ويسري ؟
- أغناء ولا مسامع تؤوي ال
- لحن والحبّ في كؤوس الشعور ؟
- وجمال ولا عيون تحوك ال
- حبّ منه لحلمها المسحور ؟
- وينابيع تسكب السكّر الذا
- ئب ماء وليس من عطشان
- وورود حمراء يحترق العط
- ر عليها في الجدب والنسيان
- ومهاد من الشذى رخصة العش
- ب تذيع اخضرارها في الفراغ
- وعطور تظل تجرفها الأ م
- طار في عاصف الرياح الطاغي
- كلّ هذا العطر المبعثر ملء الأ
- رض ملء الحياة والآفاق
- لم يعد يوقظ العروق التي أغ
- فت عن اللون والسّنا البرّاق
- وانطوت فوق ذاتها ترقب الأي
- ام مملوءة أسى وملالا
- الشعور العميق تدعوه وهما
- وتسّمي حبّ الجمال خيالا
- هذه الأنفس الممزّقة العم
- ياء , هذي المدافن الجوفاء
- هدّمتها مخالب الحرب وامتصّ
- ت شذاها الدماء والأشلاء
- وتبّقت فيها مقابر للشرّ
- ولليأس جهمة الآفاق
- عكست بعض جدبها وأساها
- صرخات الفراغ ملء المآقي
- أين تمضي هذي الملايين في العت
- مة ؟ ماذا يجرّها للمسير ؟
- ما معاني الألفاظ في صمتها ال
- مسكون بالحزن والرجاء الكسير ؟
- إنّهم يقطعون أرض الأسى وال
- جدب حيث الجمال لا يستقرّ
- حيث فكّ الملال يبتلع الل
- وان حيث الذكرى ظلام وشرّ
- حيث يبنى الفراغ عشّا رماد
- ّيا ينمّي فيه الأذى والشقاء
- وطيورا شوهاء حاقدة الأن
- غام مملوءة الصدى بغضاء
- اشحبي يا غيوم وانطفئي يا
- مقلة الشمس في الفضاء الفسيح
- ودعينا هنا مع النقم الّسو
- داء نهب السهاد والتبريح
- في دويّ الرياح موكبنا يز
- حف نحو الضياء تحت الظلام
- عاثرا بالأشلاء أشلاء من ما
- توا وأبقوا هياكلا من عظام
- من بعيد خلف الغيوم التي تف
- غر فاها في دربنا المجهول
- ربما لاح بارق كشراع
- أبيض الوعد في الظلام الثقيل
- بعض دفء ناد يسيل على الأف
- ق وراء الوهاد والآكام
- بعض كأس تنال حافتها البي
- ضاء إغماءة الشفاه الظوامي
- ذلك النبع بعد هذا السّرى العط
- شان بعد الصراع بعد الجراح
- لو لمسناه لو غسلنا به كلّ
- أسانا ويأسنا الملتاح
- ذلك النبع حيث نغمس شكوا
- نا ونسقي تعطّش الأحلام
- من جديد نعيش تعرفنا الري
- ح وتتلو نشيدنا للغمام
- من جديد يعود يبني لنا التا
- ريخ في ظلّه الفسيح مكانا
- وتقول الحياة أن لنا ظلاّ
- لنا بعض قصّة وكيانا
- إننا لم نمرّ بالعالم المّي
- ت صرعى ولم نعش أمواتا
- إن في ذكرياتنا وترا يخ
- فق بالضوء إن فيها حياة
- ستقول الحياة إنّا مررنا
- وملآنا الحياة شعرا وفنا
- أن شيئا منّا عميقا سيبقى
- في سكون الوجود لحنا يغنّى
- في حفيف الأوراق تسحبها الري
- ح على الأرض في وجوم الخريف
- في بروق الشتاء تقتحم اللي
- ل وفي عاصف الرياح المخيف
- في ارتشاف الظلام للقمر الأب
- يض في الصيف في سكون المساء
- في أغاني فلاّحتين تجوبا
- ن مع الفجر دولة الأنداء
- ستقول الحياة إنّا بحثنا
- في الدياجير أشهرا وسنينا
- عن رحيق مغلّف بالأساطي
- ر جهلنا وعاءه المكنونا
- نحن ندعوه بالسعادة لكن
- ليس منّا من ذاقه أو رآه
- ذلك اللغز , ذلك الحلم المح
- جوب خلف الضباب أين تراه ؟
- في أناشيدنا يعيش ضبابا
- تائها في مدى فسيح عريض
- في حكاياتنا يظلّ أساطي
- ر ولغزا محجبا بالغموض
- نتغنّى به ونجهل ما كن
- ه شذاه وأين يحيا ضياه ؟
- أهو جنّية مجنّحة الأق
- دام تحيا في عالم لا نراه ؟
- من حرير السحاب أثوابها النا
- عمة النسج من خدود الزهور
- من جناح الفراش ملمس خدّي
- ها ومن رّقة الشذى المسحور
- مقلتاها العميقتان وجود
- أزرق اللون ناعم وّضاء
- منهما تنبع السماء ولون ال
- بحر من نعستيهما الأضواء
- من غبار النجوم جدران مأوا
- ها الغريب المشيد فوق الزمان
- في مكان من الوجود على با
- ب رؤاه يضيع حدّ المكان
- وعلى رأسها جدائل بيض ال
- عطر من زنبق غريب الرواء
- أنبتته حدائق القمر النا
- ئي لتلك الجنّية البيضاء
- ويداها المسحورتان تقودا
- ن النجوم الشقراء عبر الفضاء
- وتسوقان ركب أحلامنا الحو
- راء نحو الضياع والإنطفاء
- تلك جنّية السعادة في قص
- ر بعيد يقوم خلف الغيوم
- عنده تنتهي رغائبنا الول
- هى وأشتات حلمنا المحطوم
- وعلى سوره تصبّ أماني
- نا وأشواقنا ونار صبانا
- في انفعال ندقّ أبوابه الصمّ
- اء والصمت ساخر من أسانا
- وهي تلك الجنّية الفظة الوح
- شية القلب من بنات السعالي
- ربما أقتات روحها بصدى آ
- هاتنا في الفراغ ملء الليالي
- ربما شيدّت اريكتها الفض
- ّية النسج من حطام منانا
- ربما لوّنت ملابسنا الفج
- رّية اللون من لهيب دمانا
- وصداها ترويه من عطش السا
- رين في كل قفزة ربداء
- وتغّذي نيران موقدها من
- كل حلم نصوغه ورجاء
- هذه الرّبة النحاسّية الإح
- ساس لو لان قلبها الصخريّ
- لو أراقت ضياءها فوق هذي الأ
- رض وافترّ وجهها الزئبقيّ
- لو حنا سمعها واصغى إلى رج
- ع الأغاني المسوّدات الرنين
- يتلّوى الحنين فيها وينساب
- ب كأمواج جدول مفتون
- أرسلتها حناجر نسيت أنّ
- الأغاني قد لا تكون بكاء
- لم تعد تعرف العذوبة فاليأ
- س حشاها وازدراء
- آه أصغي يا ربة الأفق المف
- قود من سترك الذي لا يزاح
- ربما لم تزل حناجرنا تم
- لك لحنا لم تبتلعه الجراح
- وانظري من ضباب قصرك من لغ
- زك من صمت جوّك المجهول
- أرسلي نظرة كما يعبر البر
- ق إلينا من جفنك المعسول
- نحن جئنا بيأسنا بأماني
- نا بأشلاء أمسنا المدفون
- الملايين مرسلين مع الأح
- زان حلم المستقبل الموهون
المزيد...
العصور الأدبيه