الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد حسن فقي >> هذا أنا .. وهذه أنت ! >>
قصائدمحمد حسن فقي
- كم تعذَّبْتُ في الحياةِ .. وكم
- صِرْتُ رسيفاً ما بين شتَّى القُيودِ
- وتعَذَّبْتُ بالرَّفاء. وبالشَّدَةِ
- فالوصْلُ كان مِثْلَ الصُّدودِ!
- يالَ هذي النَّفْسِ العجيبةِ
- مما كانتْ سوى شَوْكةٍ بِدُنيا الوُرُودِ!
- يَجْتَوِيها المُرفَّهون بلا ذَنْبٍ
- كَخَصْمٍ من الأُباة لدُودِ
- الورى كلُّهمْ سوى النَّزْرِ لاقوا
- مثلها في قيودهم والسُّدودِ
- رَبَطَتْنيِ بهم أواصِرُ شَتَّى
- من شقاء مُسَلَّطِ.. وكُنُودِ
- عَرَفوا أنَّهم. وإنْ بَذلوا الجُهْدَ
- وما بعد جُهْدِهم من جُهودِ!
- فَسَيَلْقَوْنَ من نَكيرٍ . ومن
- سُخْطٍ عليهم مُدَلَّلٍ الجُحودِ!
- فاستكانوا كما اسْتكنْتُ إلى
- العُزْلةِ . خوفاً من اعْتِسافِ الحَقُودِ!
- ***
- وتطلَّعتُ للسَّماء. وقد ضاقت
- بيَ الأرض مثل ضيق اللَّحودِ!
- واسْتضاقَ المدىَ الرَّحِيبُ
- فأَحْسَسْتُ كأّني مُسَمَّرٌ الحُدُودِ!
- في الدُّجى الحالِكِ الرَّهيبِ
- تَنَوَّرْتُ شُعاعاً لِطَرْفِيَ المكْدُودِ!
- فرأَيْتُ الُّعُودَ بعد نُحوسٍ
- عايَشَتْني دَهراَ وأَصْلَتْ جُلُودي!
- صِحْتُ في نشوة تباركت ربي
- حين أكرمتني بهذا الصُّعودِ!
- حين أكْرَمَتْني وقد عِشْتُ أَهْوِي
- لِحضيضٍ داج بهذا السُّعودِ!
- وتَبَدَّي رهْط قَليلٌ من الخَلْقِ
- وما كان بَيْنَهم من حَسُودِ!
- فَكأَنَّي بهم شُهُودٌ.. وما
- أَسْعَدَ نَفْسي بهؤُلاءِ الشُهود!
- شِمْتُ منهم نَدى الوِدادِ فأشجاني
- فما شِمْتُ قَبْلَهم من وَدُودٍ!
- ما أحَيْلى الوُجُودَ في هذه الدُّنْيا
- إذا كان مِثْلَ هذا الوُجودِ!
- وَيْكَأَنَّ الفِرْدَوْسَ عاد لعَيْنَيَّ وروحي فَلُذْتُ بالمَفْقُودِ!
- وكأَنَّي وُلِدتُ أُخرى بُدُنْيا
- غَيْر تشلكَ الدنيا. وذاكَ الكُنُودِ!
- صِرْتُ في الذُّرْوَةِ العَليَّةِ
- من بَعْد مُقامي بِظُلْمَةِ الأُخدُودِ!
- ***
- يا رِفاقي . ما أَكْرَمَ العَيْشَ
- إنْ كان طَمُوحاً يَرْنُو لِمَجْدِ الخُلُودِ!
- والكِفاحُ المَرِيرُ أَجْدَرُ بالمَرءِ
- وأَولى من الوَنى والرُّقُودِ!
- واللُّغوبُ المُضني أجَلُّ من الراحةِ
- عُقْبى تَحُطُّ فوق النُّجودِ
- ردَّني الغابرُ السَّحيقُ إلى الرُّشْدِ
- فَلَم أَخْشىَ من دَوَّي الرُّعُودِ!
- واسْتَبانَتْ لِيَ الدروب. فَهذي.. بوَعيدِ. ولهذهِ بِوُعُودِ!
- فَسَلَكْتُ المُخِيفِ منها. وما خَفْتُ
- فَلَيْس المَسِيرُ مَثلَ القُعُودِ!
- ولقد تُثْقِلُ الحُظُوظُ الموازينَ
- فَيَغْدُو المُحِسُّ كالجُلْمودِ!
- كم قرودٍ ساءَتْ أُسُوداَ فعَزَّتْ
- وغَدَتْ سادَةً لِشُمَّ الأُسودِ!
- ***
- إيهِ يا فِتْنَتي . ويا رَبَّةَ الطُّهرِ
- أَطِلَّي بكل مَعْنًى شَرُودِ!
- أَلْهِميني بما يَرُوعُ من الشَّعْرِ
- لأِشْدُو بِفاتِناتِ القُدُودِ!
- بِعُيُونٍ تذيبنا .. وثُغُورٍ
- وخُصُورٍ ضَوامِرِ ونُهُودِ..!
- أنا أَهْوى الأُمْلُودَ منها. فمَرْحى
- بِعُيونٍ تهِيمُ بالأُمْلُودِ!
- ولأَنْتِ السَّنامُ منها.. وما
- تَمَّ سنامٌ سِواكِ بالمَشْهُودِ!
- إِكْتَسي بالُبرُودِ. أو فاخْلَعيها
- باحْتِشامٍ. فَأنْتِ مَجْدُ البُرُودِ!
- ***
- أًَنْتِ . يا أًَنْتِ من أَجِلُّ وأَهْوى
- وسواءٌ أَنْ تَبْخَلي أَو تَجُودي!
المزيد...
العصور الأدبيه