الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد حسن فقي >> صراع >>
قصائدمحمد حسن فقي
- تنْهَشُني الأَثامُ نَهْشَ الذَّئابْ
- وتَنْثَني عنَّي جياعاَ غِضابْ!
- يا نفس قد أَوْرَدْتني مَوْرِداً
- ذَهابُه يُصِدُ دُوني الإِيابْ!
- حاوَلتُ أَنْ أَرْجِعَ لكنَّني
- وَجَدْتُني أَشْتاقُ عَذْبَ الشَّرابْ!
- فكيف لي يا نفسُ أَنْ أَرعَوِي؟!
- كيف.. وأَنتِ الغَيُّ. أَنْتِ العَابْ؟!
- ظَمِئْتُ للماء فأَدْنَيْتِني
- لا لِلفُرات العَذْبِ. بل للسَّرابْ
- يا لَيْتَني عاصَيْتُ داعي الهوى
- حتى ولو أَدْمتْ جُنُوبي الحِرابْ!
- مضى شبابي واغِلاً في الخَنى
- وخَيْرُ ما نَمْلِكُ.. نحن .. الشَّبابْ!
- وها أنا اليَوْمُ بِشَيْخوُخةٍ
- وانِيةٍ تَسْلُكُ تِلْكَ الشَّعابْ!
- متى أَراني عائداً لِلْهُدى
- ما أَشْتَهي الكَأْسَ. وحُلْوَ الكِعابْ؟!
- أرى رِفاقي بعد ما أَمْعَنُوا
- في اللَّهْو عادُوا خُشَّعاً للصَّوابْ!
- فهل أنا وَحْدي الذي يَجْتَوي
- رَشادَهُ.. مُسْتَهْدِفاً لِلْعِقابْ؟!
- وهل أنا الغاوِي الذي يَسْتوي
- بِدَرْكِهِ المُظْلِم.. دُونَ الصِحاب؟!
- أمامَه الأخْرى .. ويا وَيْلَتا
- من سوء ما سَطَّرهُ في الكِتابْ!
- يا وَيْلهُ وهو الذَّكِيُّ الذي
- يَعرفُ ما يَلْقاهُ يَوْمَ الحِسابْ!
- كيف تَوارى عَقْلُهُ في القَذى؟!
- كيف تَوارى حِسُّهُ في التُرابْ!
- فَكّرَ في الرُّشْدِ.. ولكنَّهُ
- عاصاهُ.. ما أَوْحَشَ سُودَ الرِّحابْ!
- آثَرَ مِن ضَغْطِ الهوى قِشْرَهُ
- واختارَهُ دُون كريم اللُّبابْ!
- فَيا لهُ مِن بُلْبُلٍ عاثِرٍ
- بَدَّلَ بالشَّدْوِ نعِيقَ الغُرابْ!
- كانَ بِرَوْضِ مُونِقٍ حافِل
- بالثَّمَر الحالي .. بما يُسْتطابْ!
- من زَهْرٍ يَنْفَحُ عِطْراً.. ومِن
- جَداوِل تَحْلو كماءِ السَّحابْ!
- كانِ له شِعْرُ بَديعُ الرُّؤى
- مُحَلِّقِ ..مُسْتَشْرِفٍ كالشَّهابْ!
- يُضيءُ بالشِّعْر جميعَ الصُّوى
- فَيُرْشدُ السَّاري. ويَشْفي المصابْ!
- يُجلُّهُ الرَّبْعُ.. ويَعْلو بِهِ..
- لأّنهُ يَرْفَع عَنْه الحَجابْ!
- لأَِنَّه يُسْدِي إليه المُنَى
- تَخْطُرُ بالحِلْيِ وغالي الثَّيابْ!
- مُهَنْدسِاً كانتْ له حِكْمةُ
- تُعِيدُ للْعُمْرانِ .. بعد الخَرابْ!
- كأَنَّما يَغْرفُ مِن عَلْيًم..
- دُرَّا يُحَلِّي زَيْنَباً والرَّباتْ!
- وتَقْتَنِيهِ النَّاسُ ذُخْراً لهم
- لأَنَّه يَحْمِلُ فَصْلَ الخِطابْ!
- فَما لَهُ يَهوي إلى حفرة
- لَيْس بِها إلاَّ طَنِينُ الذُبابْ!
- مُظْلِمَة.. مُفْضِيَةٌ للِردَّى
- كالقَبْرِ ..يالَ الخِزْي . يالَ التَّبابْ!
- ماضِيةِ يَسْتَصْرِخُ مِن حاضِرِ
- هُداهُ.. والحاضِرُ يُخْفي الجَواب!
- لأَِنه اسْتَلًم في شِقْوَةٍ
- بِسَطْوَةِ أَلْوَتْ به فاسْتَجابْ!
- ***
- يَرْحَمْهُ الله.. وكم أَنْقَدَتْ
- رَحْمَتُه. كم أَخْصَبَتْ من يَبابْ!
- كم أَكْرمَتْ مِن خاسِرِ آبِقٍ
- فطابت العُقْبى. وطابَ المتابْ!
- لقد رَأىِ بَعْد العَمى نَيْزكاً
- يُضيءُ. فاسْتَأَنس بَعد اغْتِرابْ!
- قال.. لَعَلَّ النَّجمَ مِنَ بَعْدِهِ
- يَأْتي. ويَأتي البَدْرُ بَعْد الغِيابْ!
- فَيَرْجعُ الطَّيْرُ إلى رَوْضِهِ
- مُغَرِّداَ بعد طَويل النُّعابْ!
المزيد...
العصور الأدبيه