الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد حسن فقي >> القمة والحضيض >>
قصائدمحمد حسن فقي
- ذكْرياتُ أكادُ منها أّذوبُ
- وهي في القَلبِ غِبْطةُ ونُدوبُ!
- كيف لي بانتزاعها من حَنايايَ
- وفيها حَدائقٌ وسُهوبُ؟!
- وسلامٌ يُضْفي على الحِسَّ والفِكْر هناءٍ مُناغِياً.. وحُروبُ!
- منذ أَنْ كنْتُ يافِعاً .. وأنا
- الصَّبُّ.. شُروقٌ في المُشْتهى. وغُروبُ!
- ما أرى في الحياةِ طَعْماً إذا لم
- يَكُ فيها مَفاتِنٌ وطُيوبُ!
- كلُّ حَسْنَاءَ تَسْتَثيرُ وتُشْجي.ز
- فَتْرَةً .. ثم أَجْتَوِي وأتُوبُ!
- ثم أَصْبُو إلى سواها. فَما انفْكَّ
- فؤادي تَجْني عَلَيْه الثُّقوب!
- ورأني الحِسانُ أَصْبُو وأَسلُو
- فَتَاَلَّبْنَ. وابتلتْني الخُطوبُ!
- فَنَزَتْ مِنَّيَ الجِراحُ فَزَغْ
- رَدْنَ فهذا المُتَيَّمُ المنْخوب!
- وتَجَلَّدْتُ فارْعَوَيْنَ .. فقد كانت
- لُحوني تَهْتَزُّ مِنْها القُلوبُ!
- وتُذِيعُ الجمالَ حِيناً.. وتَطْوِيِهِ
- فَتُشْقِيه صُفَرَةٌ وشٌحوبُ!
- ولقد تُصْبِحُ العُيوبُ خِلالاً
- من قَوافِيه.. والخِلالُ عُيُوبُ!
- رُبَّما راقني وراع الذي كانَ
- فإِنَّي أنا الجَرِيحُ الطَّروبُ!
- ولقد أَسْتَوي بِلَيْلٍ بَهيمٍ..
- فيه لي راحةٌ .. وفيه لُغُوبُ!
- بَيْنَ وَصْلٍ يَسْخُو به عَلَيَّ غَزالٌ
- وصُدُودٍ يَقْسو به يَعْسُوبُ!
- ***
- وتحَولَّتْ من شَبابي إلى الشَّيْبِ
- وفي القَلْبِ جَنَّةٌ وسَعِيرُ!
- قُلْتُ عَلَّ المشِيبَ يُطفِىءُ مِنَّي
- لَهَباً .. فهو راشِدٌ وقَرِيرُ!
- فلقد كنْتُ في الشَّبابِ. وحَوْلي
- كُلُّها طَلِيقٌ.. أَسِيرُ!
- راكِضٌ للْهوى .. سَريعٌ إلى اللَّهْوِ
- خَبِيرٌ به .. عَلَيه قَديرُ!
- ومَضى الدَّهْرُ راكِضاً .. فإذا
- الشَّيْبُ عَلَيهم بما أساؤوا.. نَذيرُ
- ولقد يُصْبحُ النَّذِيرُ بَشِيراً إنْ
- أفاؤوا .. واهْتَزَّ منهم ضَمِيرُ!
- أَو هُو الَخَسْفُ والعذابُ..
- فلن يَحْنُو عليهم . ولن يَجُودَ مَصِيرُ!
- ***
- وتَلَفَّتُّ لِلرِّفاقِ.. فما بانَ
- صغيرٌ بِجانِبي .. أَوْ كَبيرُ..!
- أَيْنَهُم .. أَيْنَهًم.. ؟!فلم يَبقَ في
- الدَّرْبِ سوائِي. والطَّرْفُ مِني حَسِيرُ!
- فَارَقُوني . والدَّرْبِ مِنَّي ظلامٌ
- وجَفَوْنِي. والدَّرْبُ منهم مُنِيرُ
- صاحَ فِيهِم من الرَّشادِ نَفيرٌ
- فاستجابُوا له . فَنِعْمَ النَّفِيرُ
- يا رفاقي .. ألَيْسَ فيكم حَفيٌّ.ز
- بالمُعَنَّى ..أَلَيْس مِنكم مُجِيرُ؟
- إنَّ طَوْق النَّجاةِ فيكم فَهاتُوهُ
- فإني هنا القَعِيدُ.. الضَّرِيرُ
- ***
- واذْكروا الأَمسَ حينَ كُنَّا سَويّاً
- في غُرُور. وفي ضَلالٍ مُبينِ!
- فَسَعِدْتُم.. وما أَزالُ شَقِيّاً
- أشْتهِي مِثْلكُمْ وُرُودَ المَعِينِ!
- إنَّنا إخْوَةٌ.. فإنْ أَظْلَمَ الأَمْسُ
- وأَضْنى بِمثَلِ قطْع الوَتِينِ!
- فإذا كنْتُ بَيْنكم ثُبْتُ لِلرُّشْدِ.. وأفضيت لِلْهُدى بحَنِيني!
- فَتَحَرَّرْتُ من قُيُودي .. ومن سِجْني
- وما عُدْتُ بالرَّسيفِ السَّجِينِ!
- وكأَنَّي خَرَجْتُ من رحِمِ الغيْبِ
- إلى النَّاسِ طاهِرا كالجَنِينِ!
- ***
- وتَخَيَّلْتُ أَنَّني في عَماءٍ..
- حالِكٍ .. حالِكٍ بِغَيَّ سِنيني!
- فَذَرَفتُ الدَّمع السَّجِينَ
- فناجاني هَتُوفٌ أَصْغى لِطُولِ أنِيني!
- قال . لا تَبْتِئِسْ .فقد يَرْحَمُ
- الله غَريقاَ فَيَهْتَدي للِسَّفِيِنِ!
- كم تبعت الشَّيطانَ حتى تَمَزَّقْتَ
- وما كان لِلورى من خَدِين!
- ولقد كِدْتَ أَنْ تكونَ جُذَاذاً
- من شَباهُ. فيا له مِن لَعِين!
- فَحماك الرَّبُّ الكريمُ فحاذِرْ
- بَعْدَها أنْ تكُونَ بالمُسْتَهِينِ!
- سرْ مَعَ الرَّكبِ.. إنَّهم في اشْتِياقٍ
- لك . ما أَنْتَ بَعْدها بالغَبِينِ!
- فَقَد أعييْتُ .. ثم أَهَوَيْتُ لِلأرْضِ
- سُجُوداً يَشْدو بِرَبّي المُعِين..!
- حَوَّلَ الغَيَّ لِلرَّشادِ. فما أّكْرَمَ هذا من القوِيَّ المتِينِ
- ***
- رُبَّما كانَت الضَّلاَلَةُ لِلمَرْءِ
- صِراطاً إلى الهُدى مُسْتقِيما!
- والشَّقاءُ المَرِيرُ يَغَدو على الـ
- مَرْءِ اغْتِباطاً. وجَنَّةً ونَعيما
المزيد...
العصور الأدبيه