الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد حسن فقي >> الراعية >>
قصائدمحمد حسن فقي
- أراعِيتَي لقد أَخْطَأْتُ دَرْبي
- فَرُدِّي الدَّرْبَ. واسْتَدْني المزارا!
- شقيتُ وكنتُ أرْتَعُ من رِياضٍ
- فعادت بعد نَضْرتِها قِفارا..!
- فما أنا واجِدٌ فيها زُهوراً
- ولا أنا واجِدٌ فيها ثِمارا..1
- وما أَدْرِي لعلَّ غَدي يُوافِي
- بما أَلْقى به المِنَنَ الكِبارا..!
- * * *
- أراعِيَتي لقد أَمْسَيْتُ عَبْداً
- لأَهْوائي.. وقد أَلْقى التَّبارا!
- إذا ما شِئْتُ إذْعاناً لِرُشْدي
- تَباعَدَ وانْثنى عنِّي فِرارا!
- وكيف وقد رأى حُوباً مُخِيفاً..
- يُعَرِّيني ويَسْلِبُني الإِزرا؟!
- فما أَقْوى على صَدِّ نَفُورٍ
- له بَلى وأُطِيعُه فأَزِيدُ عارا!
- * * *
- أَراعِيَتي. وإنَّ المالَ يَطْوي
- كَمِثْلِ المجْدِ لِلْخُسْرِ الضَّميرا..!
- أُطِيعُ جَداهُما رَغَباً فأَهْوِي
- إلى دَرَكٍ. وما أَخْزَى الحَفِيرا!
- ولكنِّي أعِيشُ به قَرِيراً
- فَلَيْتَني كنْتُ في الدَّرَكِ الحَسِيرا!
- ولوْ كنْتُ البَصِيرَ لما احْتَوانِي
- ولكنِّي اسْتَوَيْتُ. ضَرِيرا..1
- * * *
- أراعِيَتي. وصارَ هَوايَ مَوْلًى
- يُسَيِّرُني فما أَشْكو المَسيرا!
- فيَسْلِبُني الحِسانُ نُهًى وحِسّاً
- وأَرْضاهُنَّ لي سِجْناً ونِيرا!
- وأُبْدِلُهُنَّ بِالبأْساءِ نُعْمى
- فَيَلْقَيْنَ العَسيرَ بها يَسيرا!
- وأُهْدِرُ بَيْن أَيْدِيهِنَّ رُشْدي
- بلا وَعْيٍ. فقد كنْتُ الغَرِيرا!
- * * *
- أراعِيتي. وكانَ الحِقْدُ يُغْرِي
- حَشايَ على الذين فَرَوْا أَدِيمي!
- وما كنْتُ الحَقُودَ فَأَرْغَمَتْني
- مثالِبُهُم على الطَّبْعِ الذَّمِيم!
- وما يَرْتَدُّ ذو حِقْدٍ بِعَفْوٍ
- فما كان الحَقُودُ سوى اللَّئِيمِ!
- فَأَبْرَأَني بِصَفْعِ قَفاهُ حتى
- رأيْتُ مَدامِعَ العَبْدِ الزَّنِيمِ!
- * * *
- أَراعيتي. ولولا الغَيُّ يُفْضي
- بِصاحِبِه لِمَرْتَعِهِ الوَخِيمِ..!
- لَكُنْتُ عَفَوْتُ عن شَرٍّ حَقُودٍ
- وأَصْدُرُ فيه عن طَبْعي القدِيمِ!
- ولكنِّي انْقَلَبْتُ إلى عَتِيٍّ
- يَرى نُعْماهُ في قَهْرِ الغَرِيمِ!
- لقد كنْتُ المَلاكَ فكيف أغدو
- وقد دَهَمَ المشِيبُ إلى رَجِيمِ؟!
- * * *
- أراعِيَتي. وقد عادَتْ خِلالي
- مَباذِلَ حَيَّرَتْ أَهْلي وصَحْبي!
- فما عادَتْ أَشِعَّتُها بِعَقْلي
- تُضَوِّئُهُ. ولا عادَتْ بِقَلْبي!
- لماذا يَسْتَحِيلُ التِّبْرُ يَغْلُو..
- إلى صَخْرٍ يُجَرِّحُني.. وتُرْبِ؟!
- لماذا لا يَحُولُ الضِّيقُ يُدْمي
- ويُرْمِضُ مُهْجَتي الحَرَّى لِرَحْبِ؟!
- * * *
- أراعِيَتي. وقد أَحْنُو وأَقْسُو
- وأَسْلُكُ مَنْهَجيْ سَهْلٍ وصَعْبِ!
- وأَفْتَرِعُ الذُّرى صَعَداً. وأَهْوِى
- بِدُونِ تَحَرُّجٍ بقَرارِ جُبِّ!
- وقد أَدْنو لِسِربي ثم أُنْأى
- خَؤُوفاً منه. وهو يرِيدُ قُرْبي!
- وما أَدْرِي أكنْتُ على ضَلالٍ
- وإلاَّ كنْتُ ذا صَفْوٍ وحُبِّ؟!
- * * *
- أراعِيَتي. وأَنْتِ ملاذُ رُوحي
- وأَنْتِ المَجْدُ لي بِذُرًى عَوالى!
- فَكُوني لي كما كنْتِ قَبْلاً..
- أَعُدْ لِحياةِ طُهْرٍ وامْتِثالِ!
- فإِنِّي نُؤْتُ من ثِقَلِ الخطايا
- وحَسْبُكِ بالخطايا من ثِقالِ!
- وقد عَوَّدْتِني أَنْ تَنْشُلِيني
- مِن الأَدْراكِ. مِن جَنَفِ الضِّلالِ!
- عَمِيتُ فَلسْتُ أُبْصِرُ ما أَمامي
- ولا خَلْفِي. وأَعْياني كَلالي!
- فَرُدِّيني لأَمْسِيَ. إنَّ يَوْمي
- يُجَرِّحُني بِأَشْتاتِ النّصالِ!
- * * *
- تبارَكَ ذو الجلال. فقد بدا لي
- نَهارِي بَيْن أَسْدافِ اللَّيالي!
المزيد...
العصور الأدبيه