الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد حسن فقي >> الثمانون؟ >>
قصائدمحمد حسن فقي
- بعْد الثَّمانِينَ خَبَتْ جَذْوتي
- وآدَني السُّقْمُ. وطاب الرَّحيلْ!
- بعد الثمانين أَبَتْ صَبْوَتي
- إلاَّ انْحساراً عن جبيني الأَثِيلْ!
- إلاَّ ابْتِعاداً عن هوًى قاتِلٍ
- يَرْمِي به ثَغْرٌ وطَرْفٌ كحِيلْ!
- عِشْتُ حَياتي مُصْغياً لِلْهوى
- فَكانَ لي –أُوّاهِ بِئْسَ الدَّليلْ!
- كنْتُ حُساماً مُنْتَضًى فاخْتَفى
- بِغِمْدِه ما إنْ له من صَلِيلْ!
- * * *
- عَهْدُ الصَّبا وَلَّى. ومِن بَعْدِه
- وَلىَّ شبابي راكِضاً من السَّبيلْ!
- يا لَيْتَني كنْتُ تَوَقَّيْتُهُ
- هذا الهوى. هذا الضَّلالُ الوبيلْ!
- ما كنْتُ أَدْرِي أْنَّني سابِحٌ
- في حَمْأَةٍ أَحْسَبُها السَّلْسَبيلْ!
- لكنَّها كانَتْ فَفرَّتْ وما
- أضَلَّنِي بالخادِعِ المُسْتَطِيلْ!
- كانتْ حُساماً فَوْقَ رأْسي إذا
- عَصَيْتُه كنْتُ الصَّرِيعَ القَتِيلْ!
- وَيْلي من الرَّمْضاءِ هَلاَّ اسْتَوَتْ
- رِجْلايَ منها بالخَمِيلِ الظَّلِيلْ؟!
- لكِنَّني كنْتُ الفَتى سادِراً
- في الغَيِّ يروى من قَذاةِ الغَلِيلْ!
- يَلُومُني الصَّحْبُ فما أَرْعَوِي..
- بل أَسْتَوِي مُنْتَشِياً بالصَّهِيلْ!
- * * *
- أَشْعُرُ مِن بعد المَشِيبِ الذي
- أنَهكَني.. أَشْعُرُ أَنِّي العلِيلْ!
- عَلِيلُ جِسْمٍ راعِشٍ يَنْحَنِي
- على عَصاهُ. في الضُّحى والأَصِيلْ!
- يَنْشِجُ في صَمْتٍ لِئَلاَّ يرَى
- منه الوَرى الدَّمْعَ. ويُخْفي العَوِيلْ!
- * * *
- وَيْلي من النَّارِ الَّتي اكْتَوَى
- بها. ومن شجوى وسُهدي الطَّويلْ!
- ومِن ضَمِيرٍ لم أُطِعْ نُصْحَهُ
- كأَنَّما يَطْلُبني المُسْتَحِيلْ!
- يَخِزُني وخْزاً تسيل الحشا
- به دَماً يجري. وما من مُقِيلْ!
- فيا لَعِصْيانٍ مَضى يَبْتَلي..
- حاضِرَهُ منه بِهَمٍّ ثَقِيلْ!
- أَيا ضَمِيري.. إنَّني نادِمٌ
- فيا لِعِزٍّ يَشْتَهِيهِ الذَّلِيلْ!
- قد كنْتُ بُوماً ناعِباً من الدُّجى
- فكيف أَشْدُو في الضُّحَى بالهَدِيلْ؟!
- والشِّعْرُ كم أَرْسَلْتُهُ شادِياً
- فَصاغَ دُرّاً في الأَثيث الأَسِيلْ!
- من الحَوَرِ السَّاجي يُذِيبُ الحَشا
- والقَدِّ يختال طَرِيداً.. نَحِيلْ!
- وكادني الحبُّ كما كِدْتُهُ
- ورُبَّما بَزَّ النَّشِيطَ الكَليلْ
- بالشِّعْرِ كنْتُ الشَّامِخَ المُعْتَلِي
- الكاسِب الحَرْبَ بِسَيْفٍ صَقِيلْ!
- كم دانَ لي الحُسْنُ فأكْرَمْتُهُ
- من بَعْد أَنْ دانْ. وكان البَخِيلْ!
- ذلك عَهْدٌ كنْتُ ذا مِرَّةٍ
- به. ولم يَبْق لها من قَلِيلْ!
- كم أتَمنىَّ أنَّها لم تَكُنْ
- وأنَّني كنْتُ الضَّعيفَ الهَزِيلْ!
- فقد يكونُ الضَّعْفُ لي عِصْمَةً
- من جَنَفٍ كنْتُ به أَسْتَطِيلْ!
- واليَوْمَ إنَّي هَيْكَلٌ راعِشٌ
- يَبِسُهُ راحَ. وراحَ البَلِيلَ!
- يَدِبُّ.. يَسْتَنْشِقُ بَعْضَ الشَّذا
- من رَوْضِهِ الذاوِي ورَطْب النَّجيلْ!
- مِنْ بَعْدِ أَنْ كانَ كثيرَ النَّدى
- بالثَّمَرِ الحالِي.. زاهي النَّخِيلْ!
- * * *
- أسْتَغْفِرُ الله. وأرجو الهُدى
- منه يُوافِيني بِصَفْحٍ جَمِيلْ!
- هُناكَ ما أَجْمَلَ تِلْكَ الصُّوى
- تَهْدِي. وما أَسْعَدَ فيها النَّزِيلْ!
- ويا أُهَيْلي ورِفاقي الأُلى
- كانوا هَوايَ المُسْتطابَ الحَفِيلْ!
- من كانَ مِنهُمُ لم يَزَلْ بالحِمى
- يَزِينُه.. يَشْرُفُ منه القَبِيلْ!
- ومَن تَناءى. فهو في دارِهِ
- تِلْكَ التي تُكْرِمُهُ بالجَزِيلْ!
- كم طَوَّقُوني بالمُنى حُلْوَةٌ
- وبالرُّؤى رفَّافَةً تَسْتَمِيلْ!
- وكنْتُ لا أَشْكو الوَنى مَرَّةً
- إلاَّ وجاءوا بالمُثِيبِ. المُنيلْ!
- أَسْتَنْزِلُ الرَّحْمَةَ لِلْمُنتَأي
- وأَنْشُدُ النُّعْمى لباقي الرَّعِيلْ!
- وارْتَجي الغُفْران مِنْهُم على..
- ما كانَ مِنِّي قَبْلَ يَوْمِ الرّحَيلْ!
المزيد...
العصور الأدبيه