الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> فدوى طوقان >> نار و نار >>
قصائدفدوى طوقان
- بجسمي قفقفة و انخذال
- فيا نار زيدي لظى و اشتعال
- و مدّي يجوّي دفيء الجناح
- فللبرد عربدة و اجتياح
- و أما تسعين احتدام النضال
- نضال العواصف فوق الجبال
- وأنت اعصفي ، واملئي ليلني
- بدفء بهدّيء من رعدتي
- فحولي يدب صقيع الشتاء
- فبثّي الحرارة في غرفتي
- ألا يا إبنة الأعصر البائدة
- ألا قدّست روحك الخالدة
- ثبي وازفري ، ننضنضي والهبي
- بلى ، هكذا ، هكذا واسربي
- بروحك في عزلتي الهامدة
- وفي قلب جدرانها الباردة
- بلى ، هكذا عانقي ذاتية
- بموجة أنفاسك الدافيه
- أحسّ بقرب لظاك الحبيب
- شعوراً غريب
- خفياً كألغازك الخافيه
- فها أنا أطفىء مصباحيه
- وأعنو لغمرة إحساسيه
- فتحملني نحو ماضٍ سحيق
- وأرنو هناك لطيف رقيق
- لطيف طفولتي الفانيه
- بأيامها المرة القاسية
- وإذ أنا يا نار شيء صغير
- يفتش عن نبع حب كبير
- سدّي ، ويظل لقىً مهملا
- فيمضي الي
- رؤاه ، وفي أفقهنّ يطير
- وإذ انت دنيا غموض تلوح
- لعين خيالي الطليق السبوح
- فكنت رفيقة أوهاميه
- ومسرح أحلام يقظاتيه
- وادفع نحوك جسماً وروح
- وأخشع قرب لظاك الجموح
- وأمضي ، وفيّ انجذاب عميق
- أحدّق مأخوذة بالحريق
- وأرقب في سكرة وانذهال
- جموح الظلال
- ترجرج فوق الجدار العتيق
- وألمح خلف اشتعال الحطب
- وقد شبّ في ثورة والتهب
- خيالا لدوحٍ قديم وريف
- نمته الحياة بغابٍ كثيف
- قد ازدحمت في حشاه الحقب
- . . . وكنت إخال كأن اللهب
- تعانق فيه ضياء القمر
- ولون الغروب ، ولون السحر
- وكل شعاع على الدوح مر
- وظل عبر
- قد ارتدّ في اللهب المستعر
- وفي سبحاتي بدنيا الأوار
- تباغتني حزمة من شرار
- قد انقذفت من فم الموقد
- تؤزّ ؛ فأرسل فيها يدي
- هنا وهناك بشوقٍ مثار
- لأخطف تلك النجوم الصغار
- فكانت تروغ وتركض في
- مداها ، وسرعان ما تختفي
- وأسأل نفسي : أين يغيب
- شرار اللهيب
- وهل تحزن النار إذ ينطفي
- وها أنا يا نار لو تعلمين
- فتاة طوت حزمةً من سنين
- وما زلت رغم العهود الطوال
- تثيرين فيها جموح الخيال
- وحين تفورين أو تزفرين
- كأنك نفسٌ تقاسي الحنين
- أغوص الى عمق أغواريه
- أجوس عوالمها القاسيه
- فألمس فيها أواراً غريب!
- وما من لهب !
- أوار شعوري وإحساسيه!
- أمن عنصر النار أعماقيه؟
- أروحك يا نار بي ثاويه
- فما هذه العاطفات الحرار
- لها في الجوانح أيّ استعار
- وما هذه اللهفة العاتيه
- تشب فتلهب خلجاتيه
- وتعكس وهجاً على مقلتيّه
- وتلفح لفحاً على شفتيّه
- وهذا الحنين ، وهذا القلق
- وهذي الحرق
- كأن بذاتي ّ ناراً خفيّه!
- مضى الليل غير هزيع قصير
- و أنت همدت كأهل القبور
- و حبّات جمرك بعد اتّقاد
- خبت و استحالت تلول رماد
- أتخمد مثلك نار شعوري
- غدا ، و تؤول لهذا المصير ؟
- أيغشى أواري رماد السنين ؟
- أيهمد قلبي كما تهمدين ؟
- لماذا ؟ أتدرين ؟ أم أنت مثلي
- أسيرة جهل
- أجيبي أجيبي، أما تسمعين ؟!
المزيد...
العصور الأدبيه