الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> فدوى طوقان >> بعد الكارثة >>
قصائدفدوى طوقان
- يا وطني ، مالك يخني على
- روحك معنى الموت ، معنى العدم
- أمضّك الجرح الذي خانه
- أسأته في المأزق المحتدم
- جرحك ؛ ما أعمق أغواره
- كم يتنزّى تحت ناب الألم
- أين الألى استصرختم ضارعاً
- تحسبهم ذراك والمعتصم
- ما بالهم قد حال من دونهم
- ودون مأساتك حسٌ أصم
- قلبّت فيهم طرف مستنجد
- فعزّك المندفع المقتحم . . .
- واخلجتا ! حتّام أهواؤهم
- تغرقهم في لجّها الملتطم!!
- هم الأنانيون . . قد أغلقوا
- قلوبهم دون البلاء الملم
- لا روح يستنهض من عزمهم
- لا نخوة تحفزهم ، لا همم !
- أحنوا رقاب الذل ، يا ضعفهم
- واستسلموا للقادر المحتكم
- يا هذه الأقدار لا ترحمي
- فرائس الضعف ، بقايا الرمم
- بالمعول المحموم أهوي على
- تلك الجذوع الناخرات الحطم
- كوني أتياً عارماً واجرفي
- كل ضعيف الروح ، واهي القدم
- كوني كما شئت ، لظىً يغتلي
- أو عاصفاً يقذف حمر الحمم
- واكتسحي أنقاض هذا الحمى
- من كل ركن خائرٍ . . منهدم
- اكتسحيها وانفضي أمّتي ممّا
- علاها من رماد القدم !
- ستنجلي الغمرة يا موطني
- ويمسح الفجر غواشي الظلم
- والأمل الظامىء مهما ذوى
- لسوف يروى بلهيب ودم
- فالجوهر الكامن في أمتي
- ما يأتلي يحمل معنى الضرم
- هو الشباب الحر ، ذخر الحمى
- اليقظ المستوفز المنتقم
- غلّوا جناحيه وقالوا : انطلق
- وشارف الأفق وجز بالقمم
- واستنهضوه لاقتحام اللظى . .
- والقيد ، ياللقيد ، يدمي القدم
- لكن للثأر غداً هبّةً
- جارفة الهول ، عصوفاً عمم
- فالضربة الصماء قد ألهبت
- في كل حرٍ جذوةً تضطرم
- لن يقعد الأحرار عن ثأرهم
- وفي دم الأحرار تغلي النقم !
- مع لاجئة في العيد
- أختاه ، هذا العيد رفّ سناه في روح الوجود
- وأشاع في قلب الحياة بشاشة الفجر السعيد
- وأراك مابين الخيام قبعت تمثالا شقيا
- متهالكاً ، يطوي وراء جموده ألماً عتيّا
- يرنو الى اللاشيء . . منسرحاً مع الافق البعيد
- أختاه ، مالك إن نظرت الى الجموع العابرين
- ولمحت أسراب الصبايا من بنات المترفين . .
- من كل راقصة الخطي كادت بنشوتها تطير
- العيد يضحك في محيّاها ويلتمع السرور
- أطرقت واجمة كأنك صورة الألم الدفين ؟
- أختاه ، أيّ الذكريات طغت عليك بفيضها
- وتدّفعت صوراً تثيرك في تلاحق نبضها
- حتى طفا منها سحاب مظلم في مقلتيك
- يهمي دموعاً أو مضت وترجرجت في وجنتيك
- يا للدموع البيض ! ماذا خلف رعشة ومضها؟
- أترى ذكرت مباهج الاعياد في (يافا) الجميلة ؟
- أهفت بقلبك ذكريات العيد أيام الطفوله؟
- اذ أنت كالحسون تنطلقين في زهوٍ غرير
- والعقدة الحمراء قد رفّت على الرأس الصغير
- والشعر منسدلٌ على الكتفين ، الجديلة ؟
- إذ أنت تنطلقين بين ملاعب البلد الحبيب
- تتراكضين مع اللّدات بموكب فرح طروب
- طوراً الى ارجوحة نصبت هناك على الرمال
- طوراً الى ظل المغارس في كنوز البرتقال
- والعيد يملأ جوّكن بروحه المرح اللعوب ؟
- واليوم ؛ ماذا اليوم غير الذكريات ونارها ؟
- واليوم ، ماذا غير قصة بؤسكنّ وعارها
- لا الدار دارٌ ، لا ، ولا كالأمس ، هذا العيد عيد
- هل يعرف الأعياد أو أفراحها روحٌ طريد
- عان ، تقلبّه الحياة على جحيم قفارها ؟
- أختاه ، هذا العيد عيد المترفين الهانئين
- عيد الألى بقصورهم وبروحهم متنعمين
- عيد الألى لا العار حرّكهم ، ولا ذلّ المصير
- فكأنهم جثث هناك بال حياة او شعور
- أختاه ، لا تبكي ، فهذا العيد عيد الميّتين!
المزيد...
العصور الأدبيه