قصائدسعدي يوسف



البريد الليلي
سعدي يوسف



  • هذه الرسالةُ – النصُّ ، وصلتني البارحةَ . كنتُ عائداً من مشرب القريةِ

  • بعدَ أن أدّيتُ طقسي المسائيّ باحتساءِ كأسي الكبيرة

  • من البيرة السوداء . عند أُولى درْجات السُّلَّمِ ، في منزلي ،

  • وجدتُ المُغَلَّفَ ، وكان شِبه مدعوكٍ . كان الأمرُ مفاجِئاً

  • إذْ ليس من بريدٍ في مثل هذه الساعة ، كما أن المغلّفَ كان بلا طوابعَ

  • أو أختامٍ . قلتُ : البريدُ أمرٌ غامضٌ عبر التاريخ . سككُ البريدِ ( كما

  • سمّاها الفرزدقُ ) كانت للملِك . للخليفة . لِظِلِّ الله .

  • إذاً ، ثمّتَ ما يصلُ بين البريدِ واللامعقولِ … خُذْ هذه الرسالةَ مثلاً …

  • مَن كتبها ؟ المرسِلُ لم يذكر اسمَه . كلّفني المشقّةَ .

  • ومع قراءتي الرسالةَ ، فهمتُ أنّ أُمّةً كاملةً من الجنِّ كانت في المتْنِ.

  • خمسةَ عشرَ قرناً من الجنونِ … ما شأني أنا بهذا ؟ أنا المترهِّبِ في منزلٍ

  • ريفيٍّ ، في رَبْضٍ من أرباضِ لندنَ ؟ النرجسُ البرِّيُّ مبكرٌ جداً ،

  • وأسرابُ السنونو أيضاً . المطرُ المنهمرُ دوماً ينهمرُ دوماً ، وأنا شِبهُ

  • دائخٍ . قلتُ : فَلأَمضِ مع الرسالة . امضِ ، فرُبّتَما هدأتْ هواجسُكَ .

  • على أي حالٍ … أنا لم أتوقّفْ في قراءتي ، لأتَثَبّتَ من النصوصِ ،

  • وأدقِّقَ في روايتِها . خُذي عَبَراتِ عينِكِ عن زَماعي

  • وصونِي ما أذَلْتِ من القناعِ . أآلِفةَ النحيبِ كم افتراقٍ أجَدَّ فكانَ

  • داعيةَ اجتماع . وليستْ فرحةُ الأوباتِ إلاّ لموقوفٍ على ترَحِ الوداعِ .

  • أُسائلُها أيَّ المَواطنِ حَلَّتِ ، وأيَّ بلادٍ أوطأتْها وأيَّةِ …؟

  • وماذا عليها لو أشارتْ فودّعتْ إلينا بأطرافِ البنانِ وأومَتِ . ولي دونكم

  • أهلونَ : سِيْدٌ عُملَّسٌ ، وأرقطُ زهلولٌ وعيفاءُ جَيهَلُ . تمنيتُ أني

  • بين روضٍ ومنهلٍ مع الوحشِ لا مِصراً حللتُ ولا كَفْراً . ولَمّا

  • قضينا من مِنىً كلَّ حاجةٍ ومَسَّحَ بالأركانِ مِن هو ماسحُ ، وشُدّتْ

  • على حُدْبِ المَطايا رِحالُنا ، ولم يعرف الغادي الذي هو رائحُ …

  • أخذْنا بأطرافِ الأحاديثِ بيننا ، وسالتْ بأعناقِ المَطيِّ الأباطحُ .

  • لقد زِدتَ أوضاحي امتداداً ولم أكُنْ بهيماً ولا أرضى من الأرضِ مَجْهَلا

  • ولكنْ أيادٍ صادفَتْني جِسامُها أغرَّ فأوفتْ بي أغرَّ مُحَجَّلا .

  • إذا الملِكُ الجبّارُ صَعَّرَ خدَّهُ مشَينا إليه بالسيوفِ .

  • كأنكَ لم تسمَعْ بقتلِ مُتَوَّجٍ مليكٍ ، ولم تسمَعْ … رمى واتَّقى

  • رميي ، ومِن دونِ ما اتّقى هوىً . ما كان ضرَّكَ لو عفوتَ وربّما يعفو

  • الفتى وهو المَغِيظُ المُحْنَقُ . ظلّتْ سيوفُ بني أبيه تنوشُهُ

  • لِلّهِ أعراضٌ هناكَ تُمَزِّقُ ! لَربّيتُهُ حتى إذا آضَ شَيظَماً

  • أخا الفحلِ واستغنى عن المسحِ شاربُهْ ، تَغَمَّطَ حقي ظالماً ولوى يدي

  • لوى يدَهُ اللهُ الذي هو غالبُهْ . ربّيتُهُ مثلَ … حتى إذا آضَ كالفُحّالِ

  • شذَّبَهُ أبّارُهُ ونفى عن متنِهِ الكَرَبا ، أضحى يمزِّقُ أثوابي

  • يؤدِّبُني … أبعدَ شيبيَ عندي يبتغي الأدبا؟ أعائشُ : لولا أنني كنتُ طاوياً ثلاثاً

  • لألقيتُ ابنَ أُمِّكِ هالكا ، غداةَ ينادي والرماحُ تنوشُهُ كوقع الصياصي ، اقتلوني

  • ومالِكا ! قومي همو قتلوا أُمَيمَ أخي ، فإذا رميتُ أصابَني سهمي

  • ولَئِنْ عفَوتُ لأَعْفُوَنْ جللاً ، ولَئِنْ قسوتُ لأُوهِنَنْ عَظْمي !

  • إليكِ ، إليكِ يا بغدادُ عنِّي

  • فإني لستُ منكِ ولستِ منِّي

  • ولكني وإنْ كثُرَ التجنِّي

  • يَعزُّ عليَّ يابغدادُ أني …

  • فلِمَنْ تغنِّي والمقاهي أغلقتْ أبوابَها ؟

  • …………...........

  • …………………

  • …………………

  • مطرْ

  • مطرْ

  • وفي العراق جوعْ .



أعمال أخرى سعدي يوسف



المزيد...

العصور الأدبيه

تعرف على تاريخ الدول عن طريق عملاتها

تعرف على تاريخ الدول عن طريق عملاتها



ماذا يجب أن تعرف عند شراء شقتك؟