الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> خليل حاوي >> ضباب وبروق >>
قصائدخليل حاوي
- طَالَمَا أَوْغَلْتُ في بَحْرٍ خَفيٍّ
- لا يُداني
- شَطَّهُ المَرْصودَ إيقاعُ الثّواني,
- حيْثُ لا يَشْتدّ هَوْلُ المَوْجِ
- حتّى يمّحي نَجْمٌ وصُبْحٌ ومواني
- حيْثُ لا يَنْشَقُّ مَرْعى الغَيْمِ
- عَنْ وَهْجِ البُروقْ
- غَابةً سَوْدَا وأَدْغالاً
- يُدَمّيها الحَريقْ
- شَبَحٌ يُبحِرُ في البُحْرَانِ
- يُغويه السَرابْ
- تَلْتقيهِ في ضَبابِ التَّبْغِ
- أَشْباحٌ يُغَشّيها الضَبابْ,
- وسَوَادٌ صامِتٌ
- يَهْبطُ في المَقْهى
- على وَهْجِ الشّرَابْ
- ***
- طالَمَا عايَنْتُ رَسْمًا
- في ضَبابِ التَّبْغِ يَنْمو بَيْنَ
- عَيْنيَّ ويَنمو في وُجُومْ
- يَتَخَطَّى فُسْحَةَ المَقْهى
- ويُخْفي ظلُّه سَيْلَ الرُّسومْ,
- كَيْفَ كانَتْ تَلْتَوي الشَّهْوَةُ
- في وَجْهِ خَصِيٍّ
- سَخِرَتْ مِنْه الجَواري
- يَمْتطي الفُرْسانَ
- مَرْهوبًا, وليًّا, لا يُدَاري
- كَيْفَ ساقَتْني إلى غَيْب الصّحَارِي
- لَعْنةُ العارِ القَديمْ,
- (...)
- فتَجَلَّتْ فيه نارٌ صَلْبةٌ
- تَعْصى عَلى نارِ الجَحيمْ
- تَتَعالى شُهُبًا
- من رَحِمِ الأَرضِ لأبْراجِ النُّجُومْ
- ***
- طالما أَغْمَضْتُ دون البَرْقِ
- عَيْنيّ, وأَرْخَيْتُ الستائرْ
- وتَرَكْتُ اللّيْلَ
- يَنهَالُ على أَشْلاَءِ مِصْباحٍ يَموتْ
- وتَلَحَّفْتُ السّكُوتْ
- فَتَلَوْتُ خَلْفَ جَفْنَيّ
- مِنَ البَرْقِ التِماعاتُ الخَنَاجرْ:
- أنْتَ يا مَنْ غوَّرَتْ
- في جَوْفه الرّؤْيَا وغَصّتْ
- فاسْتحالتْ جَمْرةً مُلْتهمَهْ
- تلْكَ رؤْيا اخْتَنَقَتْ
- في الكَلِمَهْ
- حين ثَارَتْ, وتَحَدَّتْ
- لعنةً ما بَرِحَت تَشْتدُّ
- من جيلٍ لجيلْ,
- لعنةَ الأرْضِ البغيِّ الهَرمَهْ
- يَوْمَ كانَ الصّبْحُ يَنْهلُّ على
- أَرْضٍ بَتُولْ
- فَجّرَتْ فيها سُيولاً وَسُيولْ
- مِنْ خُيولِ الفَتْحِ
- رؤْيا التَمَعَتْ في كَلِمَهْ
- ***
- أَتُرَى هَلْ كَان ما عَايَنْتَهُ يَوْمًا
- سِوى صُبْحٍ غَريبْ
- شَمْسُهُ تَطْلعُ مِنْ صَوْبِ المَغيبْ
- وَسِوى نَهْرٍ عَجِيبْ
- تمَّحي اللّعنةُ فيه,
- والتّجاعيدُ, وَيَنْحَلُّ المَشيبْ?
- ***
- كان أَجْدَى
- لَوْ بَنَتْ كفَّاكَ بُرْجًا مُتَعالي
- في حنايا صَمْتِهِ
- يَرْفلُ وَهْجُ الطّيبِ
- في وَهْج اللآلي
- وَغُلالاتٍ مِنَ الوَهْمِ المُغَالي
- وشَّحَتْهَا حَنْوةُ اللّيْلِ الطّري
- وصفاءٌ مُخْمَليٌّ قَمَرِي
- يَلْتوي عَنْها جُنُونُ الشَّمْسِ
- تَرتدُّ ظُنونُ الأَعْيُنِ المُتَّهمَهْ
- كان أَجدَى
- لو تَبَرَّجْتَ
- وبَرَّجْتَ البَغِيَّ الهِرمَهْ
- ***
- طَالمَا غَرَّبْتُ في الخَمرةِ
- عَنْ طَبْعي وحالي
- غِبْتُ في طَبْعِ صَبيٍّ لا يبالي
- غِبْتُ في طَبْعِ الدّوالي
- أَرتوي من مَرَحِ الشّمْسِ
- وما يَنْهَلُّ مِنْ صَحْوِ السّحَابْ.
- ضَجَّةُ المَقْهَى,
- ضَبابُ التَّبْغِ
- مِصْباحٌ وأشْباحٌ يُغَشّيهَا الضَّبابْ
- لا أُبالي
- إِنّ لي طَبْعَ الدّوالي
- وَطِباعًا وطباعًا وطِباعْ:
- شررًا, مَوْجًا, غُيومْ,
- بَعْضُهَا يَنْحَلُّ في بَعْضٍ
- ولا يُبقي
- سِوى طَعْمِ الصّراعْ
- وسوى طَعْمِ الضّياعْ.
- إِن يَكُنْ يَطْمَعُ بالغُفْرَانِ
- مَنْ يَبْكي, يُصَلّي, وَيَصومْ
- فأَنا طَبْعٌ غَريبٌ لا يَدومْ
- يكتوي بالرّعبِ مِنْ طَبْعٍ
- غريبٍ لا يَدومْ
- ***
- في جبالٍ مِنْ كوابيسِ التّخلّي والسّهَادْ
- حَيْثُ حَطَّت بومةٌ خَرْسَاءُ
- تَجْترُّ السّوادْ
- اَلصّدى, وَالظِّلُّ, والدّمعُ جمادْ,
- يَتَجلّى فارسٌ غَضٌّ مَنيعْ
- فارسٌ يَمْسَحُ غَصّاتِ الحزانى والجِياعْ
- ويُعَرّي الفِعْلَ
- من اِسْمٍ وظَرْفٍ وقِناعْ,
- وتَودُّ البومةُ الخَرْسَاءُ
- لَوْ ماتَ الجَميعْ
- لو تَوارَى الفارِسُ الغَضُّ المَنيعْ
- مَوْجَةً يلهو بها, يَهْدمُهَا
- مَوْجُ الطّباعْ
- وَأَرى الفارِسَ يَهوي وَيغيبْ
- وأَرى البُومَةَ تَهْوي وتَغيبْ
- بَيْنَ شطَّيْنِ مِنَ المَوْجِ العُبابْ
- وَأَرى عبْرَ الغيابْ
- شَبَحًا يُبحرُ في البُحْرَانِ
- يُغويهِ السّرَابْ
- تَلتقيهِ في ضَبابِ التّبْغِ
- أَشْباحٌ يُغَشِّيهَا الضَّبابْ
المزيد...
العصور الأدبيه