الأدب العربى >> الشعر >> العصر الجاهلي >> زهير بن ابي سلمى >> كأنك تعطيه الذي أنت سائلـه >>
قصائدزهير بن ابي سلمى
- صَحا القَلبُ عن سلمى وأقصرَ باطِلُهْ
- وَعُرّيَ أفْرَاسُ الصِّبَا وَرَوَاحِلُهْ
- وأقصَرْتُ عَمّا تَعلَمينَ وسُدّدَتْ
- عليّ سوَى قصْدِ السّبيلِ مَعادِلُهْ
- وقالَ العَذارَى: إنّما أنتَ عَمُّنا،
- وكانَ الشّبابُ كالخَليطِ نُزَايِلُهْ
- فأصْبَحْتُ ما يَعرِفْنَ إلاّ خَليقَتي
- وإلاّ سَوادَ الرّأسِ والشّيبُ شامِلُهْ
- لِمَنْ طَلَلٌ كالوَحْيِ عافٍ مَنازِلُهْ
- عَفا الرَّسُّ منهُ فالرّسيسُ فعَاقِلُهْ
- فَرَقْدٌ فَصاراتٌ فأكنافُ مَنعِجٍ
- فشَرْقيُّ سلمَى حَوْضُهُ فأجاوِلُهْ
- فَوَادي البَدِيّ فالطّوِيُّ فَشَادِقٌ
- فَوَادي القَنَانِ جِزْعُهُ فأفاكِلُهْ
- وَغَيْثٍ منَ الوَسميّ حُوٍّ تِلاعُهُ
- أجابَتْ رَوَابيهِ النّجَا وهَوَاطِلُهْ
- هَبَطْتُ بمَمْسُودِ النّواشِرِ سابِحٍ
- مُمَرٍّ أسِيلِ الخَدّ نَهْدٍ مَراكِلُهْ
- تَميمٍ فَلَوْناهُ فأُكْمِلَ صُنْعُهُ
- فَتَمّ وعَزّتْهُ يَداهُ وكاهِلُهْ
- أمِينٍ شَظاهُ لم يُخَرَّقْ صِفاقُهُ
- بمِنْقَبَةٍ وَلم تُقَطَّعْ أباجِلُهْ
- إذا ما غَدَوْنَا نَبْتَغي الصّيدَ مَرّةً
- مَتى نَرَهُ فإنّنا لا نُخاتِلُهْ
- فَبَيْنَا نُبَغّي الصّيدَ جاءَ غُلامُنَا
- يَدِبّ ويُخْفي شَخصَهُ ويُضائلُهْ
- فقالَ: شِياهٌ راتِعاتٌ بقَفْرَةٍ
- بمُسْتَأسِدِ القُرْيانِ حُوٍّ مَسائِلُهْ
- ثَلاثٌ كأقْواسِ السَّراءِ ومِسْحَلٌ
- قدِ اخضرّ منْ لَسّ الغَميرِ جحافِلُهْ
- وقدْ خَرّمَ الطُّرّادُ عنْهُ جِحاشَهُ
- فلَمْ تَبقَ إلاّ نَفسُهُ وحَلائِلُهْ
- فقالَ أميري: ما ترَى رَأيَ ما نَرَى،
- أنَخْتِلُهُ عَن نَفسِهِ أمْ نُصَاوِلُهْ
- فبِتْنَا عُراةً عندَ رَأسِ جَوَادِنَا
- يُزاوِلُنَا عَنْ نَفسِهِ ونُزَاوِلُهْ
- ونَضْرِبُهُ حتى اطْمَأنّ قَذَالُهُ
- وَلم يَطْمَئِنّ قَلْبُهُ وخَصَائِلُهْ
- ومُلْجَمُنَا ما إنْ يَنالُ قَذَالَهُ
- وَلا قَدَماهُ الأرْضَ إلاّ أنَامِلُهْ
- فَلأياً بلأيٍ ما حَمَلْنا وليدَنَا
- على ظَهْرِ محْبُوكٍ ظِماءٍ مَفاصِلُهْ
- وقُلتُ لـهُ: سَدّدْ وأبصِرْ طَريقَهُ
- وما هوَ فيهِ عَن وَصاتيَ شاغِلُهْ
- وقُلْتُ: تَعَلّمْ أنّ للصّيدِ غِرّةً
- وَإلاّ تُضَيّعْها فإنّكَ قاتِلُهْ
- فَتَبّعَ آثَارَ الشّيَاهِ وَلِيدُنَا
- كشُؤبوبِ غَيثٍ يحفش الأُكمَ وابلُهْ
- نَظرْتُ إلَيْهِ نَظْرَةً فَرَأيْتُهُ
- على كلّ حالٍ مَرّةً هوَ حامِلُهْ
- يُثِرْنَ الحَصَى في وَجهِهِ وهوَ لاحقٌ
- سِراعٌ تَوَاليهِ صِيابٌ أوَائِلُهْ
- فرَدّ عَلَيْنَا العَيرَ مِنْ دونِ إلْفِهِ
- على رَغْمِهِ يدْمَى نَسَاهُ وفائِلُهْ
- فرُحْنَا بهِ يَنْضُو الجِيادَ عَشِيّةً
- مُخْضَّبَةً أرْساغُهُ وعَوَامِلُهْ
- بذي مَيْعَةٍ لا موْضعُ الرّمحِ مُسلِمٌ
- لبُطْءٍ ولا ما خلفَ ذلكَ خاذِلُهْ
- وأبيَضَ فَيّاضٍ يَداهُ غَمَامَةٌ
- على مُعْتَفيهِ ما تُغِبّ فَوَاضِلُهْ
- بَكَرْتُ عَلَيْهِ غُدْوَةً فَرَأيْتُهُ
- قُعُوداً لَدَيْهِ بالصّريمِ عَوَاذِلُهْ
- يُفَدّينَهُ طَوْراً وطَوْراً يَلُمْنَهُ
- وَأعْيا فَما يَدْرِينَ أينَ مَخاتِلُهْ
- فأقْصَرْنَ مِنْهُ عَنْ كَريمٍ مُرَزّإٍ
- عَزُومٍ على الأمْرِ الذي هوَ فاعِلُهْ
- أخي ثِقَةٍ لا تُتْلِفُ الخَمرُ مالَهُ
- ولكنّهُ قد يُهْلِكُ المالَ نائِلُهْ
- تَرَاهُ إذا ما جِئْتَهُ مُتَهَلّلاً
- كأنّكَ تُعطيهِ الذي أنتَ سائِلُهْ
- وذي نَسَبٍ نَاءٍ بَعيدٍ وَصَلْتَهُ
- بمالٍ وما يَدري بأنّكَ واصِلُهْ
- وذي نِعْمَةٍ تَمّمْتَها وشكَرْتَها
- وَخَصْمٍ يكادُ يَغلِبُ الحَقَّ باطِلُهْ
- دَفَعْتَ بمَعرُوفٍ منَ القوْلِ صائبٍ
- إذا ما أضَلّ النّاطقِينَ مَفاصِلُهْ
- وذي خَطَلٍ في القوْلِ يحسبُ أنّهُ
- مُصِيبٌ، فما يُلمِمْ به فهوَ قائِلُهْ
- عَبَأتَ لَهُ حِلماً وأكرَمتَ غَيرَهُ
- وَأعرَضْتَ عنهُ وهوَ بادٍ مَقاتِلُهْ
- حُذَيْفةُ يَنْمِيهِ وبَدْرٌ كِلاهُمَا
- إلى باذِخٍ يَعلُوا على مَنْ يُطاوِلُهْ
- ومَنْ مِثلُ حصْنٍ في الحروبِ ومِثلُه
- لإنْكارِ ضَيْمٍ أوْ لأمْرٍ يُحاولُهْ
- أبَى الضّيمَ والنّعمانُ يحرُقُ نابُهُ
- عليهِ فأفضَى والسّيوفُ مَعاقِلُهْ
- عَزيزٌ إذا حَلّ الحَليفانِ حَوْلَهُ
- بذي لَجَبٍ لَجّاتُهُ وَصَوَاهِلُهْ
- يُهَدّ لـهُ ما دونَ رَمْلَةِ عالِجٍ
- ومَنْ أهْلُهُ بالغَوْرِ زالَتْ زَلازِلُهْ
- وأهلُ خِباءٍ صالِح ذاتُ بَيْنِهِمْ
- قدِ احترَبوا في عاجِلٍ أنَا آجِلُهْ
- فأقْبَلْتُ في السّاعِينَ أسألُ عَنهُمُ
- سُؤالَكَ بالشّيْءِ الذي أنتَ جاهِلُهْ
المزيد...
العصور الأدبيه