هي أعشاب أفاويه ذات شذا خاص، تتبل بها الأطعمة لتحسين مذاقها وجعلها شهية , واستعملت هذه الأعشاب في المطبخ القديم.
فمنذ أخذ الانسان يطهى طعامه، أخذ يتفنن في جعل هذه الأطعمة شهية، خصوصا وأن الطهي يفقد الخضار منها بعض خواصها ونكهتها.
وبعض أعشاب المطبخ ينبت بريا، وبعضه الآخر يزرع ليكون دائما في متناول اليد.
وأعشاب المطبخ ليست مستوطنة كلها في جزء واحد من الكرة الأرضية، بل إن الغريب منها نقل من موطنه الأول، وزرع في مختلف أنحاء العالم، حيث أصبح في كل بلد مجموعة كبيرة منها، من مختلف الأنواع.
ولما توسعت التجارة العالمية، وأخذ الشرق الأقصى يرسل ما عنده، من أنواع التوابل الكثيرة، إلى جميع أنحاء العالم، أهمل استعمال الأعشاب، واستعيض عنها بالتوابل من الهند والهند الصينية وغيرهما، من بلدان الشرق الأقصى.
ولكن الدراسات الحديثة عن تغذية الانسان، أعادت لأعشاب المطبخ أهميتها إذ أثبت العلم ان غذاء الانسان لا يكتمل بوجود العناصر الأساسية الثلاثة (الزلال، والنشا أو الكاربوهدرات، والدهن) كما كان يزعم من قبل، بل إن هناك عناصر أخرى، لا تقل عن العناصر الثلاثة المذكورة أهمية، في تغذية الانسان، وان فقدان واحد منها يحدث اضرارا صحية.
وهذه العناصر أصبحت معروفة عند الجميع، وهي الفيتامينات بجميع أنواعها، والعناصر المعدنية كالكالسيوم والحديد والبوتاس، والصوديوم، والفوسفور، والنحاس ... الخ. فهذه العناصر يحتاجها الجسم، ولا يمكنه الاستغناء عن أي منها، دون أن يصاب بضرر صحي كبير.
ويحتاج الجسم إلى كميات كبيرة من بعضها نسبياً، في حين انه يكتفى بوجود (آثار) فقط من بعضها الآخر.
ومن المعلوم أن هذه العناصر كلها موجودة في النباتات، (الخضار)، وأن الطهي يفسد البعض منها
(الفيتامينات) كما يفقد بعضها الآخر (الأملاح المعدنية).
وأعشاب المطبخ عادة لا تطهى بل تضاف طازجة، إلى الأطعمة، أو بعد تجفيفها وسحقها، وبذلك تظل محتفظة بعناصرها، وتسد ما أحدثه الطهي من ثغرات في الغذاء.
وفيما عدا ذلك فان لكل عشبة من أعشاب المطبخ شذى (رائحة عطرية أفاوية) خاصا، من شأنه إذا ما أحسن استعماله ان يزيد في لذة مذاق الطعام، ولذة المذاق (تسيل اللعاب)، وهذه السيولة - تسهل الهضم كما شرحنا في مواضع مختلفة من كتب (السلسلة الطبية).
وبعض أعشاب المطبخ يمكن الحصول عليها طازجا في جميع الفصول تقريبا، كالمقدونس مثلا، وبعضها الآخر لا يعيش طويلا فيستعمل طازجا في موسمه، ثم يجفف ويسحق ويحفظ في أوان زجاجية محكمة السد، لاستعماله في غير موسمه كالزعتر والنعناع.
على أن استعمال أعشاب المطبخ يحتاج إلى دراية في فن الطبخ، وفن تقديم الأطعمة، مزينة بالعشبة الطازجة أو بمسحوقها المجفف.
وسنوضح ذلك عند التحدث عن كل عشبة منها على انفراد.
ويلاحظ أخيراً أن بعض أعشاب المطبخ، تدخل ضمن الأعشاب الطبية السابقة في هذا الكتاب، وقد تحدثنا عنها بهذه الصفة فقط.
وإذا أعدنا الآن التحدث عنها مرة أخرى، فإن حديثنا سيتناولها من جانب صفتها الثانية، أي من وجهة استعمالها في المطبخ فقط.