الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إبراهيم محمد إبراهيم >> للنخل عيون >>
قصائدإبراهيم محمد إبراهيم
- هل حَدَّقْتَ بوجهِ النَّخْلَةِ
- إذْ هَمَسَتْ نسمةُ صبحٍ شاردةٌ
- في أذنِ الزيتونْ ؟
- أو باغتَكَ الفجرُ،
- فجئتَ على خيطِ الشَّمْسِ
- لتمسحَ دمعَتَها .. ؟
- هل تدري أن النَّخْلَةَ لا تسقُطُ
- في الحدِّ الفاصلِ بين القلبينِ
- وتمتَدُّ إلى اليامونِ
- إذا سَقَطَتْ زهرةُ لوزٍ
- سهواً في اليامونْ.
- هل داعبَكَ الشَّوْقُ
- وأنت تَشُقُّ عُبابَ الصُّّلْحِ
- بخارِطةِ الجَوْعى ؟
- أم أنّكَ أحْرَقْتَ الزيتَ على بابِ أريحا،
- ونثرتَ على طاولةِ البيعِ أهازيجَ الزَّعْتَرْ ؟
- وَوَثَبْتَ بِخِنْجَرِكَ الثَّوْرِيِّ
- على خاصِرَةِ القُدسِ
- ونحنُ نراقِبُ عن كثبٍ
- كالثورِيّينَ جميعاً،
- ونَفَضْتَ يَدَيْكَ بلا خَجَلٍ
- وأدنْتَ الخِنْجرْ.
- يالغةً
- تورثُني الموتَ وأعشقُها.
- ماذا يُجدي الشِّعْرُ ؟
- إذا غُلِّقَتِ الأبوابُ إزاءَ الشَّمْسِ
- وآثَرَتِ الأزهارُ فصولاً أُخرى
- وتَنَكَّرَتِ الأرضُ لقافيتي ..
- يالغَةً
- تَتَكَسَّرُ فوقَ رصيفِ الشِّعْرِ
- وتَحْمِلُها الرِّيحُ بعيداً،
- كم أنتِ مُكابرةٌ في هذا الليلْ.
- تتقاسَمُكِ الأقلامُ
- ولا يقرأُ عينيكِ سوايْ.
- من لي في هذا البحرِ
- إذا ما اشْتَقْتُ لحرفٍ
- يَفْضَحُ قلبي،
- أو لصلاةٍ تحتَ القُبَّةْ ؟
- من منكم يقرأُني ثانيةً
- قبل تمامِ البَيْعَةِ ،
- من منكم يَمْنَحُني قَلْبَهْ ؟
- سَفَرٌ هذا العُمْرُ
- وقارِبي المَشْحونُ
- يسيرُ وحيداً ..
- تتلوهُ الأمْواجُ،
- ويمضي ..
- كالنجمةِ،
- يصغرُ يصغرُ يصغرُ ..
- والساحلُ ينأى ..
- حتى صارَ كخيطٍ
- يَلْتَفُّ على عُنُقِي ..
- يَدْفَعُني البحرُ
- إلى البحرِ
- وأدفعُهُ،
- كي أغرقَ في بحرِ الشَّفَقِ.
- سَفَرٌ وبِحارٌ ورِياحٌ وأُكابِرُ
- حتى في غَرَقِي.
- رُحْماكَ إلهيَ
- أهْلَكَنا السّوءُ،
- ومازِلْنا نَتَمَسَّحُ
- في ذيلِ الدُّنيا
- ونُخَضِّبُ نَعْشَ كرامتِنا
- بدموعِ الزَّنْبَقِ والحَبَقِ.
- عبثاً تتصابى الثورةُ
- في هذا العُمْرِ
- وتحلُمُ بالزهرِ وبالورقِ.
- تَتَأَبَّطُ غُصْنَ الزَّيْتونِ المُنْهَكِ،
- تَفْرِشُ كوفِيَّتَها للرَّشّاشِ ليغفو،
- فالشّارعُ يغفو ..
- والفارسُ يُسْدِلُ جفنيهِ
- على وهمِ العودةِ
- ثم ينامْ.
- ماكانَ معي
- غيرُ حفيفِ النخلةِ
- حينَ تَسَلَّلْتُ إلى كَبِدِ الرِّيحِ
- وَأَوْقَدْتُ بها حطبَ الأَيّامْ.
- ودَسَسْتُ الحَرْفَ
- بكأسِ زنادِقةِ اللَّيْلِ
- وعَلَّقْتُ الفأْسَ
- على غارِبِ أكبرِهِمْ.
- كانَ الشَّرْقُ
- يَغُصُّ بِلَحْنٍ يَمَنيٍّ
- يَنْبُشُ ما خَلَّفَهُ الأجْدادُ
- بِصَحْراءِ القلبِ،
- يَغُصُّ بقافيةٍ
- تشربُ كُلَّ بُحورِ الشِّعْرِ،
- وتَغْرَقُ في دمعةِ سَوْسَنَةٍ،
- تسجدُ للهِ
- وتبكي ..
- في النصفِ الآخِرِ
- من ليلِ الغُرَباءْ.
المزيد...
العصور الأدبيه