الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إبراهيم محمد إبراهيم >> احتضار المساء >>
قصائدإبراهيم محمد إبراهيم
- صباحُكَ أَزهَى ..
- دَعِ النائِحاتِ،
- فما أنتَ أوَّلُ كبشٍ
- تُسَنُّ المُدى حولهُ ..
- لستَ إلا احتضاراً
- لهذا المساءْ.
- صباحُكَ رجعٌ
- لهمسِ القُبورِ جديدٌ،
- صهيلٌ على بابِ غَزّةَ،
- زنبقةٌ عندَ مرجِ الزُّهورِ،
- تُخَبِّئُ في صدرِها جمرةً للشِّتاءْ.
- دَعِ النائِحاتِ يُمَزِّقْنَ أَثْوابَهُن
- على شُرُفاتِ المنازِلِ،
- يُطلينَ أَوْجُهَهُنَّ بِقارِ الهزيمةِ،
- يُشْعِلْنَ في كُلِّ ناحِيَةٍ كربلاءْ.
- بلا دفَّةٍ هذه الفُلكُ تجري ..
- ونحنُ الشِّراعُ الذي مااعْتلى الفُلكَ
- إلا إلى ضَفَّةٍ وارِفةْ.
- سُدًى نَتَفَيَّأُ ظِلَّ السَّحابِ
- سُدًى نُحسِنُ الظَّنَّ بالبحرِ
- كيْ نَأْمَنَ العاصِفةْ.
- هُنا بينَ هذي الجِفانِ
- المليئةِ بالجوعِ
- يَفْتَرِشُ الفُقراءُ الزمانَ.
- هنا حيثُ تَنْتَصِبُ الخَيْمَةُ القُرَشِيةُ
- تَنْتَصِبُ الضِّفتانِ،
- بيوتاً وأَرْصِفةً ومآذنَ
- تَسْتَشْرِفُ الفَجْرَ
- خَلْفَ الجِبالِ القَريبةِ.
- توغِلُ في الصَّمْتِ
- شَيْئاً فَشيْئاً،
- فَثمَّةَ قطرةُ زيتٍ هُنالِكَ
- تُشْعِلُ كُلَّ المَصابيحِ،
- كُلَّ القُلوبِ التي نالَ منها الظلامُ.
- استعِرْ أَيها الحَنفِيُّ المُكبَّلُ بالحُزنِ
- فالحربُ أَوَّلُها السِّلمُ،
- أَوَّلُها وقفةٌ عند مَفْرَزَةِ الجُندِ،
- طَرْقٌ على رَأْسِ هذا الغُثاءِ،
- استعِرْ أيها المُتَحَفِّزُ مُنذُ الوِلادةِ
- فالصُلْحُ والمَلَكِيَّةُ والنفطُ
- جِسْرٌ لأحْذِيةِ العابرينْ.
- أتيتَ غريباً منَ العُمْقِ،
- لكنَّهمْ يُدرِكونَ الحقيقةَ
- أنَّ الذي يَتَعَقَّبُ أَوْثانَهُمْ
- كان يوماً هُنا،
- نالَ من هذهِ الأرضِ شُرَّتَها
- واسْتَقى الأَبْجَدِيَّةَ في الحُبِّ
- منْ صَدرِها
- جُرعَةً للطَّريقْ.
- وهُم يُدركونَ
- بأن الطُّيورَ تعودُ
- إذا حانَ موسِمُها
- والعناقيدُ تَدنو من الأرضِ
- في ألقٍ،
- واحتضارُ المساءِ بشيرٌ
- بما تعدُ الشَّمسُ حين تَفيقْ.
- كأَنِّي بِهمْ
- يَضْرِبونَ المساميرَ حولَ المساجِدِ
- فالفجرُ يقتربُ الآنَ،
- والقهْوةُ اليمنِيَّةُ
- تغْلي كشارِعِ غَزّةَ،
- والنّيلُ ينفضُ عن كتفيهِ الزبَدْ.
- أجلْ إِنَّها الطَّلْقَةُ الفَصْلُ
- تُكْمِلُ دَوْرَتَها اليومَ،
- فالشَّارِعُ الرَّطْبُ
- واللاّفِتاتُ القديمةُ
- تُنْبِئُ عن جيفةٍ
- سوفَ يَحْمِلُها النَّسْرُ
- هذا الصباحْ .
المزيد...
العصور الأدبيه