الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أمل دنقل >> مقابلة خاصة مع ابن نوح >>
قصائدأمل دنقل
مقابلة خاصة مع ابن نوح
أمل دنقل
- جاء طوفانُ نوحْ!
- المدينةُ تغْرقُ شيئاً.. فشيئاً
- تفرُّ العصافيرُ,
- والماءُ يعلو.
- على دَرَجاتِ البيوتِ
- - الحوانيتِ -
- - مَبْنى البريدِ -
- - البنوكِ -
- - التماثيلِ (أجدادِنا الخالدين) -
- - المعابدِ -
- - أجْوِلةِ القَمْح -
- - مستشفياتِ الولادةِ -
- - بوابةِ السِّجنِ -
- - دارِ الولايةِ -
- أروقةِ الثّكناتِ الحَصينهْ.
- العصافيرُ تجلو..
- رويداً..
- رويدا..
- ويطفو الإوز على الماء,
- يطفو الأثاثُ..
- ولُعبةُ طفل..
- وشَهقةُ أمٍ حَزينه
- الصَّبايا يُلوّحن فوقَ السُطوحْ!
- جاءَ طوفانُ نوحْ.
- هاهمُ "الحكماءُ" يفرّونَ نحوَ السَّفينهْ
- المغنونَ- سائس خيل الأمير- المرابونَ- قاضى القضاةِ
- (.. ومملوكُهُ!) -
- حاملُ السيفُ - راقصةُ المعبدِ
- (ابتهجَت عندما انتشلتْ شعرَها المُسْتعارْ)
- - جباةُ الضرائبِ - مستوردو شَحناتِ السّلاحِ -
- عشيقُ الأميرةِ في سمْتِه الأنثوي الصَّبوحْ!
- جاءَ طوفان نوحْ.
- ها همُ الجُبناءُ يفرّون نحو السَّفينهْ.
- بينما كُنتُ..
- كانَ شبابُ المدينةْ
- يلجمونَ جوادَ المياه الجَمُوحْ
- ينقلونَ المِياهَ على الكَتفين.
- ويستبقونَ الزمنْ
- يبتنونَ سُدود الحجارةِ
- عَلَّهم يُنقذونَ مِهادَ الصِّبا والحضاره
- علَّهم يُنقذونَ.. الوطنْ!
- .. صاحَ بي سيدُ الفُلكِ - قبل حُلولِ
- السَّكينهْ:
- "انجِ من بلدٍ.. لمْ تعدْ فيهِ روحْ!"
- قلتُ:
- طوبى لمن طعِموا خُبزه..
- في الزمانِ الحسنْ
- وأداروا له الظَّهرَ
- يوم المِحَن!
- ولنا المجدُ - نحنُ الذينَ وقَفْنا
- (وقد طَمسَ اللهُ أسماءنا!)
- نتحدى الدَّمارَ..
- ونأوي الى جبلٍِ لا يموت
- (يسمونَه الشَّعب!)
- نأبي الفرارَ..
- ونأبي النُزوحْ!
- كان قلبي الذي نَسجتْه الجروحْ
- كان قَلبي الذي لَعنتْه الشُروحْ
- يرقدُ - الآن - فوقَ بقايا المدينه
- وردةً من عَطنْ
- هادئاً..
- بعد أن قالَ "لا" للسفينهْ
- .. وأحب الوطن!
المزيد...
العصور الأدبيه