الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الغفار الأخرس >> متى يشفى بكَ الصُّب العَميد >>
قصائدعبد الغفار الأخرس
- متى يشفى بكَ الصُّب العَميد
- ويبلغُ من دنوّك ما يريدُ
- شجٍ يُحييه وصلٌ من حَبيب
- ويقلته التجنُّبُ والصُّدود
- ونحن من المسرة في راضٍ
- تُحاكُ من الرَّبيع لها برود
- وبنتُ الكرم قد طلعت علينا
- يكلّل تاجَها الدرُّ النضيد
- معتَّقة ً تسرُّ النفس فيها
- وقد طافت بها حسناءُ رود
- وقد صَدَحَت على الأغصان وُرقٌ
- فأغصان النقا إذ ذاك ميد
- تُعيدُ عليَّ ما تُبدي غَرَاماً
- فكم تُبدي الغرامَ وكم تُعيدُ
- تجاوبها الغَواني بالأغاني
- فيطربنا لها نايٌ وعود
- فحينئذٍ يدارُ على الندامى
- مُذابُ التبر والماء الجَمود
- وَيُرجَم كلُّ شيطانٍ مريدٍ
- بحيث الهمُّ شيطانٌ مريد
- سقى أيامَ لهوٍ في زرود
- وما ضمَّتْ معانيها زرود
- نُجَدِّدُ ذكرها في كلّ يومٍ
- وهل يبقى مع الذكر الجديد
- فقد مَرَّتْ لنا فيها ليالٍ
- كما نظمت قلائدها
- ليالٍ لم نكنْ نصغي للاحٍ
- أينقص بالملامة أم يزيد
- فكم في الحبّ من لاح لصبٍ
- يفيد بزعمه ما لا يفيد
- أحِبَّتَنا لقد طال التنائي
- وحالت بيننا بيدٌ فبيد
- فيا زمنَ الصِّبا هَلْ من رجوع
- ويا عهدَ الشباب متى تعود؟
- سلامُ الله أحبابي عليكم
- إلى بغداد يحملها البريد
- يهيِّجُ لوعتي وجدٌ طريفٌ
- لكم ويشوقني وجد تليد
- فهل أخبرتم أنّي بحالٍ
- يساءُ بها من الناس الحسود
- تقرُّ البصرة الفيحاء عيني
- بما يولي محمدُّها السعي
- فتى ً لا زالُ يُوليني نداه
- ويغمرني له كرم وجود
- تدفَّق مَنهلاً عذباً فراتاً
- فلي من عذب منهله ورود
- ولولا برُّه طِبت نَفساً
- ولم يخضَّر لي في الدهر عود
- أشاهدُ منه إذ يبدو هلالاً
- وبدراً من مطالعه السعود
- وغيثً كلّما ينهلُّ جوٌّ
- وليثاً كلّما خفقتْ بنود
- فدته الناس من رجلٍ كريمٍ
- تنبَّه للجميل وهم رقود
- وشيَّد ما بنته من المعالي
- له الآباء قِدماً والجدود
- فتى ً من هاشم بيض الأيادي
- بحيثُ حوادثُ الأيام سُودُ
- رؤوف بالملِّمِّ له رحيمٌ
- صديقٌ صادقٌ بَرٌّ وَدُود
- ومَن آوى إليه وحلَّ منه
- بأكرام ما تحلُّ به الوفود
- فقد آوى إلى ركن شديد
- وليس كمثله ركن شديد
- همُ آلُ النبّي وكلُّ فضل
- لديهم يستفيد المستفيد
- هُمُ يوم النوال بحارُ جُود
- وفي يوم النزال هم الأسُود
- فمن جودٍ تصوبُ به الغوادي
- ومن بأسٍ يلين له الحديد
- همُ الأقطاب والأنجاب فينا
- إذا دارت دوائرها الوجود
- وإنْ عُرِضَت كرامتهم علينا
- فما للمنكرين لها جحود
- وما احتاج النهار إلى دليل
- وقد شهدتْ به منه شهود
- فمنها ما نشاهده عياناً
- إذا ما النار أضرمها الوقود
- وللأكفاء يومئذٍ عَلَيْهم
- هبوطٌ في الحضيض ولا صعود
- رجال كالجبال إذا اشمخرَّتْ
- تَبيدُ الراسياتُ ولا تبيد
- يخلّدُ ذكرهم في كل عصر
- وما للمرءِ في الدنيا خلود
- فيا بيت القصيد إليك تهدى
- من العبد الرقيق لك القصيد
- فيطربك النشيد وكلَّ حرٍّ
- كريم الطبع يطربه النشيد
- فأنّك والثناءُ عليك منّي
- وما أملَيته طوق وجيد
- كما خَدَمَتْ سواليها العبيد
- فمثلك في الأكارم من يسود
- وما استغنيتُ بكلِّ حال
- وهل يغني عن الماء الصعيد؟
- ونِلْتُ بك المرادَ من الأماني
- فنلتَ من المهيمنِ ما تريد
المزيد...
العصور الأدبيه