الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الغفار الأخرس >> أتراكَ تعرفُ عِلتي وشفَائي >>
قصائدعبد الغفار الأخرس
- أتراكَ تعرفُ عِلتي وشفَائي
- يا داءَ قلبي في الهوى ودوائي
- ما رقَّ قلبك لي كأن شكايتي
- كانت لمسمع صخرة ٍ صمّاء
- والشوق برّح بي وزاد شجونَه
- يا شدَّ ما ألقى من البرحاء
- عجباً لمن أخذ الغرامُ بقلبه
- أنّى يعد به من الأحياء
- هل يعلم الواشون أن صبابتي
- كانت بلحظ مها وجيد ظباء
- وتجرُّعي مضضَ الملام من التي
- حلت عقيب الجزع في الجرعاء
- لم يحسن العيش الذي شاهدته
- من بعد ذات الطلعة الحسناء
- فمتى أبلُّ صدى ً بمرشف شادن
- نقص العهود ولا وفى لوفائي
- وجفا وملّ أخا الهوى من بعد ما
- كنا عقيدي ألفة ٍ وإخاء
- ونأى بركب الظاعنين عشية
- أشكو طعان الصعدة السمراء
- وأجيبُ سائلَ مهجتي عن دائها
- دائي هواك فلا بليت بدائي
- لم يدر واللمس الممنع طبّه
- أن الدواء بمقتضى الأدواء
- عُج يا نديم على الكؤوس ميمِّماً
- وأدر عليَّ سلافة الصهباء
- وأعد حديثَك لي بذكر أحبة ٍ
- أين الركابُ وأينَ ذاك النائي
- مرت بنا أخبارهم فكأنها
- أرَجُ الصبّا عن روضة غناء
- وتحاكمتْ بي في الهوى أشواقُهم
- فقضى عليَّ الحبُّ أيَّ قضاء
- لو كنت أدري غدركم بمحبكم
- ما كنتُ أمكنكمْ على أحشائي
- لامَ النصيحُ فما سمعتُ ملامه
- وصددتُ عنه لشقوتي وعنائي
- ما كان أرشدني إلى سبل الهوى
- لو أنني أصغي إلأى النصحاء
- كيف المنازلُ بعد ساكنة الحمى
- عهدي بها قمريَّة الأرجاء
- لما وقفت على منازلها ضحى ً
- حَيَّيتُها بتحيَّة ِ الكرماء
- عَادتنيَ الأيّام في سُكانها
- كعداوة الجُهَّال للعلماء
- هل أصبح الدهر الخؤون معاندي
- أم كانت الأيام من خصمائي
- إني أصون الشعر لا بخلاً به
- عن أن يذل بساحة اللؤماء
- أن كنت تثني بالجميل على امرىء
- فعلى جميلٍ أبي الثناء ثنائي
- أعيى المناضلَ والمناظرَ فارتقت
- علياؤه قدراً على العلياء
- متوقد مثل الضرام فطانة
- وبلطف ذاك الطبع لطف الماء
- فتبلّجت منه شموس فضائلٍ
- ظهرت على الدنيا بغير خفاء
- وعلت على أفهامنا ألفاظه
- فتمثَّلت بكواكب الجوزاء
- تلك الرويّة والسجيّة لم تزل
- أقمار أفقٍ أو نجوم سماء
- كم قد أفيضت من يديه لنا يدٌ
- شكراً لهاتيك اليد البيضاء
- إيْ والذي جعل العلى من مجده
- فرح الصديق وغمَّة الأعداء
- شمنا بوارق نائل من سيله
- متتابع الإحسان بالآلاء
- هيهات يحكي جوده صوب الحيا
- والغيث موقوف على الأنواء
- بحر إذا التمس المؤمِّلُ ورده
- فاضت عليه زواخر الأنداء
- إن قيل في الزوراء أصبح قاطناً
- فاعلم بأنَّ المجدَ في الزوراء
- نشرت علومك في البلاد جميعها
- كالصبُّح إذ ملأ الفضا بضياء
- ولك الذّكاءُ كأنما برهانه
- يكسو سناه تبلّج ابن ذكاء
- ونظرتَ في الأشياء نظرة عارف
- حتى عرفت حقائق الأشياء
- وكشفت من سر العلوم غوامضاً
- فيهن كانت حيرة الحكماء
- أجريت حكم الله بين عباده
- فعلتْ بحكمك راية الإفتاء
- وكأنما يوحى إليك فقد بدت
- لك معجزات النظم والإنشاء
- فعلت لك الأقلام في مهج العدى
- ما تفعل الأبطال في الهيجاء
- خرسٌ إذا أنطقتها بأنامل
- أخرستَ فيها ألسن الفصحاء
- أبكيتها فتضاحكت لبكائها
- روضُ الفضائل لا رياض كبار
- فإذا مدحت مدحت غير مراهن
- فيها وغير معرض لرياء
- فاهنأ بهذا العيد إنك عيده
- يا فرحتي دون الورى وهنائي
- وأجزْ عبيدك في رضاك فإنه
- ـ وأبيك ـ غاية ُ مطلبي ورجائي
- لا زلت منفرداً بما أدَّيته
- من رفعة ٍ وفضيلة وعلاء
المزيد...
العصور الأدبيه