الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الغفار الأخرس >> لأسماءَ دارٌ حيثُ منقطع الرَّمل >>
قصائدعبد الغفار الأخرس
- لأسماءَ دارٌ حيثُ منقطع الرَّمل
- سَقاها برجَافِ العَشِيَّة ِ منهلِّ
- وَجَرَّتْ عليها الذَّيلَ وطفاءُ أبرَقَتْ
- وراحت ومن جلجالها زجلُ الفحل
- وإنّي لأستسقي لها وابلَ الحيا
- وإنْ كان دمعي ما ينوب عن الوبل
- عهدتُ الهوى فيها وكانت كانّما
- مواقيتها الأولى مواسم للوصل
- حلفتُ بأحشاءِ يحرّقها
- وكلّ قريحِ الجفن بالدمع مبتلّ
- وما رُمِيَتْ من مهجة صادها الهوى
- بمحكولة ِ العينين من غير ما كحل
- لقد فتكتْ بي أعينٌ بابليَّة ٌ
- فويحك يا قلبي من الأعين النجل
- وقد فعل الشوق المبّرح في الحشا
- كما تفعل النيران بالحطب الجزل
- وإنْ فاض دمعي لا أزال أريقه
- فمن كبدٍ تصلى ومن لوعة تصلي
- وجور زمان لو أرى فيه منصفاً
- لحاكمْتُه فيه إلى حكم عدل
- أمثلي يطوف الأرض شرقاً ومغرباً
- على أرب يرضى من الكثر بالقلّ
- وتقذفني الأسفار في كلّ وجهة
- فمن مهمهٍ وعرٍ إلى مهمهٍ سهلٍ
- وتحرمني الأيام ما أستحقُّه
- فلا كانت الأيام إذ ذاك في حلّ
- وأرجع أختارُ الإقامة خاملاً
- حليف الجهول الوغد والحاسد النذل
- وقد عكفت قومٌ على كلّ جاهلٍ
- كما عكفت أقوامُ موسى على العجل
- يطاولني من لستُ أرضاه موطئاً
- وأُكْرِمُ نعلي أنْ أقيسَ به نعلي
- وفاخرني من يحسب الجهل فخره
- وناظري من لم يكن شكله شكلي
- فتبّاً لدهر تستذلُ قرومه
- وتستكبِرُ الأنذال فيه وتستعلي
- أقاموا مقامي من جهلت بزعمهم
- فما قام في عقدٍ هناك ولا حلِّ
- ولو طلبوا مثلي نفسَ حرٍّ أبيِّة ٍ
- شديدٍ عليها في الدنا موقفُ الذلّ
- أواعدها والدهر يأبى بساعة ٍ
- تَبُلُّ غليلي حين تنزعني غلّي
- ويعذلني من ليس يدري ولو درى
- لما عجَّ في لومي ولا لجَّ في عذلي
- على أنّني ما بين شرّ عصابة ٍ
- حريصين لا كانوا على الخلق الرذل
- لقد أنكروا أشياء أفضلهم بها
- وما عرفوا في الدهر شيئاً سوى البخل
- وما أشفقوا من وخز دهياءَ طخية ٍ
- كما أشفقوا يوم النوال من البذل
- مدحتُ شهاب الدين بالعلم والحجى
- ومدح شهاب الدينفرضٌ على مثلي
- وما يَمَّمَتْ بي ناقة ٌ غير بابه
- ولا وَقَّرتْ إلاَّ بإحسانه رحلي
- هو الشرف الأعلى هو العلم والتقى
- تورَّثه عن جدّه سيّد الرسل
- متى حاولته اليعملات حثثتها
- إلى السيّد المحمود بالقول والفعل
- إلى دوحة من هاشم نبويّة ٍ
- نعم إنّ هذا الفرع من ذلك الأصل
- وإلاَّ تُحِطْ علماً بأعلم من بها
- فَسَلْ من شجاع القوم عن جوهر النصل
- وإنّي إذ أصغي لمعنى حديثه
- ثملتُ وتردادي بأمداحه نقلي
- كلامك لا ما راع من كلّ باهرٍ
- ولفظك لا ما کشتير من كورة النحل
- وكتبك أمثال الشموس طوالع
- فلا الليل يغشاها إذ الشكّ كالليل
- هديتَ بها من كان منها بحيرة
- وأوْضَحْتَ في تبيانها غامضَ السبل
- وأمْلَيْتَ ما حارَتْ عقولُ الورى به
- وأصبحت الأقلام تكتبُ ما تملي
- وما تنكر الدنيا بأنَّك عالمٌ
- وإنْ كان هذا الدهر أَمْيَلَ للجهل
- وإنْ عدَّت الأشياخ بالعلم والحجى
- فإنَّك شيخٌ الكلّ مولاي في الكلّ
- وأنتَ إمام المسلمين بأسرهم
- عليك اعتماد القول بالنقل والعقل
- فلا أخذَ إلاّ عنك في الدين كلّه
- ألا إنَّ حقَّ الأخذ من قولك الفصل
- وإنْ قال قومٌ قد عُزِلْتَ فإنّما
- عُزِلتَ ولم تُعزَل عن العلم والفضل
- يحطُّ سواك العزلُ عن شرف العلى
- ومثلُك لا يَنْحَطُّ ما عاش بالعزل
- وهل للمعالي لا أباً لأبيهم
- سواك وإنْ يأبَ المعاند من بعل
- وهبها لدى أسرٍ لدى غير كفوها
- فلو خليتْ جاءتك تمشي على رجل
- تحنُّ إلى محياك وهي مشوقة
- إليك حنين المستهام إلى الوصل
- وكم منصب قد قال يوماً لأهله
- إليكَ إذاً عنّي فما أَنْتَ من أهلي
- أَغَظْتُ بك الحُسّاد في كلِّ مدحة
- أشدَّ علىا لأعداء من موقع النبل
- وقُلّتُ ولم أرجع إلى غير مثله
- ويا كثرَ ما أخرتُ أشياء من قولي
- يغيظ كلامي فيك كلّ مناضلٍ
- يرى من كلامي فيك نضنضة الصلّ
- وفيك أقولُ الحقّ حتّى لو کنّني
- أذوقُ الرّدى فيه مريراً وأستحلي
المزيد...
العصور الأدبيه