الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الغفار الأخرس >> عفا الله عن ذاك الحبيب وإنْ جنى >>
قصائدعبد الغفار الأخرس
- عفا الله عن ذاك الحبيب وإنْ جنى
- دعاني به المشتاقُ في صدِّه العنا
- قَسا قَلْبُه في قول واشٍ وحاسدٍ
- وعهدي به رطب المحبّة ليّنا
- من الغيد فتّاك بقدٍّ ومقلة
- إذا لاح وسنانُ النواظر بالسنا
- ففي لحظه استكفى عن الضرب بالظبا
- وفي قدّه استغنى عن الطعن بالقنا
- فأَينَ غصونُ البان منه إذا انثنى
- وأينَ الظباء العُفر منه إذا رنا
- فيا سالبي صَبري على البعد والنوى
- ويا مُلبسي ثوباً من السُّقم والضنى
- لقد فتنتني منك عينٌ كحيلة ٌ
- وما خُلِقت عيناك إلاّ لتفتنا
- وليلٍ بإرغام الرقيب سهرته
- كأنَّ علينا للكواكب أعينا
- نَعْمنا به من لذّة العيش ليلة
- وقد طافت الأقداح من طرب بنا
- فمنْ كأس راح للمسرات تحتسي
- ومن ورد خدٍّ ما هنالك يجتنى
- إلى أنْ ذوى روض الدجى بصباحه
- وبدَّلَ من وردِ البنفسج سوسنا
- أعدْ ذكر هاتيك الليالي وإنْ مضت
- ولم تَكُ بعد اليوم راجعة لنا
- إذا ما جرت تلك الأحاديث بيننا
- أَمالَ عليها غصنَه البانُ وکنحنى
- وإنْ عرض اللاّحي ولام على الهوى
- فصرّح بمن تهوى ودَعْني من الكنى
- إلى الله أشكو من تجنّيه شادناً
- أَحِلُّ مكاناً في الحشى فتمكّنا
- أشيرُ إلى بدرِ الدجنّة طالعاً
- وإيّاه يعني بالإشارة من عنى
- ويا ويحَ قلبي كيفَ يرمين أعينٌ
- تعلَّمنَ مرمى الصيد ثم رميننا
- خليليَّ هلْ أحظى بها سنة َ الكرى
- لعلَّ خيالاً يطرقُ العينَ موهنا
- فما أنا لولا النازحون بمهرقٍ
- فُرادى دموع ينحدرنَ ولا ثُنا
- رعَيْتُ لهم عهداً وإن شطّت النوى
- بهم وکستبين الودُّ بالصدق معلنا
- وإنّي لأرعى للمودَّة حقّها
- ولا يهدمنَّ الودَّ عندي من بنى
- ولا خير في ودّ امرئٍ إنْ تلوّنت
- بيَ الحال من ريْب الزمان تلوُّنا
- حبيبٌ إليَّ الدهرَ من لا يريبني
- ويرعى مودّات الأخلاّءِ بيننا
- وكلّ جواد يقتني المال للندى
- وينفق يوم الجود أنفس ما اقتنى
- لئن كنت أغنى الناس عن سائر الورى
- فما لي عن سلمان في حالة غنى
- إذا هَتَفَ الداعي مجيباً بکسمه
- زجرتُ به طيراً من السعد أيمنا
- تأمَّلتُ بالأشراف حسناً ومنظراً
- فلم أرَ أبهى من سناه وأحسنا
- بأكرمهم كفّاً وأوفرهم ندى ً
- وأرفعِهم قَدَراً وأمنعِهم بِنا
- وكم حدَّثوا يوم الندى بحديثه
- فقلتُ أحاديث الكلام إلى هنا
- وما زال يروي الشعر عن مكرماته
- حديث المعالي عن علاه معنعنا
- بكلّ قصيدٍ يحسُد العقد نظمها
- تفنَّنَ فيها المادحون تفنّنا
- بروحي من لا زال منذُ عَرَفْتُه
- إذا ما أساءَ الدهرُ بالحرّ أحسنا
- نبا لا نبا عنّي بجانب ودّه
- ومن لي به لو كان بالوَرْدِ قد دنا
- وبي فيه من حُرِّ الكلام وجَزله
- مقالٌ من العتبى وعتبٌ تضمَّنا
- إذا برزت لي حجة في عتابه
- أعادت فصيح النطق بالصدق ألكنا
- أبا مصطفى إني وانْ كنتأخرساً
- فما زال كلّي في ثنائك أسنا
- أبا مصطفى أمّا رضاك فمُنْيَتي
- ومن عَجَبٍ فيك المنيَّة والمنى
- إذا كان عزّي من لدنك ورفعتي
- فلا ترتضِ لي موطن الذل موطنا
- ألستُ امرأً أنزلتُ فيك مقاصدي
- بمنزلة تستوجب الحمد والثنا
- وشكرانُ ما أوليتنيه من النّدى
- لمتخذِ المعروف في البرّ ديدنا
- وما كان ظنّي فيك تصغي لكاذب
- وتقبل قول الزور من ولد الزنا
- فتبدلني بعد المودَّة ِ بالقلى
- وتغضب ظلماً قبلَ أنْ تتبينا
- وأنْتَ الذي جَرَّبتني وَبَلْوتَني
- وأَنْتَ الذي في الناس تعرف من أنا
- أبيٌّ أشمُّ الأنف غيرُ مداهن
- قريب من الحسنى بعيدٌ عن الخنا
- صددت وأيم الله لا عن جناية
- وما كان لا والله صدّك هيّنا
- أبنْ واستبن أمراً تحيط بعلمه
- لعلك أنْ تَستكشِفَ العذر بيننا
- وهبني مسيئاً ما يزعمونني
- بلائقة ٍ منهم فكن أنتَ محسناً
- وسرَّ إذنْ نفسي ودع عنك مامضى
- فلا زلتَ مسروراً ولا زلتَ في هَنا
المزيد...
العصور الأدبيه