الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الغفار الأخرس >> طهِّر فؤادك بالرّاحات تطهيرا >>
قصائدعبد الغفار الأخرس
- طهِّر فؤادك بالرّاحات تطهيرا
- ودُم على نَهبِكَ اللَّذاتِ مَسرورا
- بادر إلى أخذ صفو العيش مبتهجاً
- فما أوَدُّ لوقت الأنس تأخيرا
- فالوقت راق وقد راقت مَسَرَّتُه
- واليومَ أصبَحَ طيَّ الزهر منشورا
- أما ترى الوُرْقَ بالأوراق صادحة
- كأنّها ضربتت بالروح صنطيرا
- والبرق مثل انقضاض الصقر وامضه
- تخاله من غراب الليل مذعورا
- يبدو فتحسبه في جنح داجية ٍ
- بكف حام حساماً لاح مشهورا
- وربَّ ليلة ِ أنسٍ بتُّ أسهَرَها
- مستَّراً بظلام الليل تستبرا
- غصبت فيها الهنا من كأس غانية
- فطاعني الدهر مغصوباً ومجبوراً
- مزجت بالريق صرفاً من معتقة
- وبتُّ ملتثماً وجنات ذي حور
- وبات يلثم ليث الغيل يعفورا
- فالواشي يعذلني والوجد يعذرني
- والصَّبُّ غزال معذولاً ومعذورا
- وعنبَر الليل ما ولَّت عساكره
- حتى رأى من جيوش الصبح كافورا
- لله أحوى إذا صالت لواحظه
- أمسى بصارمها المشتاق منذورا
- إذا تجلّى بأنوار الجبن على
- عشّاقه دك من أحشائهم طورا
- كأنَّ صورته للعين إذ جُلِيَتْ
- من فضة ِ قُدِّرت بالحسن تقديرا
- قد خطَّ في خده لامُ العذار به
- مِسكاً فأصبَحَ تخطيطاً وتحريرا
- يا أيها الرشأ المغري بناظره
- قد عاد هاروت من جفنيك مسحورا
- لقد نصرت على كسر القلوب به
- مالي أرى طرفك المنصور مكسورا
- عهدي وعهدك لا زال اختلافهما
- كانا كحظّي منسياً ومذكورا
- صفا لي العيش مخضراً جوانبه
- فما وَجدْتُ بحمد الله تكديرا
- لم لا أسرُ بأيام الهنا وأنا
- إنْ سرَّ محمود يوماً كنت مسرورا
- هو المشار إذا أمَّت حوادثها
- فهماً وعلماً وأخلاقاً وتدبيرا
- بالسعي لا بالمنى والعجز أدركها
- هذا الإمام شهاب الدين ثاقبه
- أزال في نور صبح الحق ديجورا
- كم ملحدٍ هو بالبرهان أفحمه
- من ينصر الله يوماً كان منصورا
- إنَّ الشريعة باهت منه في بطل
- حامي حماها وباني حولها سورا
- لو لامست حجر الصمّاء راحته
- تفجَّرت بزلال الماء تفجيرا
- سعى إلى المجد في سيفٍ وفي قلم
- وعانق البيض حتى عانق الحورا
- لو صُوِّر المجد تصويراً على رجل
- ما كان إلاّك أوصافاً وتصويرا
- وكم نَثْرَت على الأسماع درّ فمٍ
- فكان ذيالك المنثور منثورا
- فأنْتَ أدْرَكُ من فيها غوامضها
- وأنْتَ أفصَحُ أهل العلم تقريرا
- حجَّت لبيتك أهلُ العلم أجمعُهُم
- فكان حجّهمُ إذ ذاك مبرورا
- لقد زهت بك دار العلم حيث غدت
- غمرتنا بأياديك التي سلفت
- لا زالت في نعماء الله مغمورا
- أرى اجنماع الغنى لي والكمال إذا
- رأيتني منك ملحوظاً ومنظورا
- وإنْ أنخت لدى علياك راحلتي
- كنت الأمير وكان الدهر مأمورا
- ليهنك اليوم أبناءٌ لهم نسب
- أضحى على جبهة الأيام مسطورا
- إنّ الرواة التي تروي مناقبهم
- عنهم روتْ خبراً بالمجد مأثورا
- اليوم إنْ كنتَ مولانا مطهِّرهم
- فالله طهَّرهم من قبلُ تطهيرا
المزيد...
العصور الأدبيه