الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الغفار الأخرس >> ذكرتُ على النّوى عهد التّصابي >>
قصائدعبد الغفار الأخرس
- ذكرتُ على النّوى عهد التّصابي
- فأشجاني وهيَّجَ بعضَ ما بي
- وشوَّقني معالم كنتُ فيها
- بأنعم طيبِ عيشٍ مستطاب
- فبتُّ أحنُّ من شوق إليها
- كما حنَّ المشيبُ إلى الشباب
- سقى تلك الديار وساكنها
- مُلِثُّ القَطر منهلّ الرباب
- فكم ظبيٍ هنالك في كناسٍ
- ينوب بفتكه عن ليث غاب
- بنفسي من أفدّيه بنفسي
- ويعذب في تجنّبه عذابي
- ولي قلبٌ تَوَقَّدَ في التهابٍ
- ولي دمع توالى بکنسكاب
- وليلٍ طال بالزفرات منّي
- ولم يقصر لحزني واكتئابي
- وكم همٍ أساءَ إلى فؤادي
- وطال مع الزمان به عتابي
- وأزعجني عن الأحباب بينٌ
- وبالبينِ أنزعاجي واظطرابي
- تعلِّلُني بموعدها الأماني
- وما التعليل بالوعد الكذاب
- وتطمعني بما لا أرتجيه
- وهل أرجو شراباً من سراب
- وما فَعَلَتْ بأصحابي المنايا
- فأَبْقَتْني وقد أَخَذَتْ صحابي
- وما لي من أُنيب إليه يوماً
- إذا ما عضّني يوماً بناب
- وما كتبتْ يداي له كتابا
- ولكن كان في أمِّ الكتاب
- أَذاقَنِي النّوى حلواً ومرّاً
- وجرعني الهوى شهداً بصاب
- أطوِّف في البلاد وأنتحيها
- فما أغنى کجتهادي في الطّلاب
- وأيَّة ُ قفرة لم أَرْمِ فيها
- ولم أزعجْ بمهمهها ركابي
- لبستُ غبارها وخرجت منها
- كما آستُلَّ الحُسام من القراب
- ولم ألغْ مقام العزِ إلاّ
- بعد القادر العالي الجناب
- وما نلنا المنى في السّعي حتّى
- نَزَلْنَا في منازله الرِّحاب
- كريم طيب الخلاق برٍّ
- بيوم الجود أندى من سحاب
- فما سُئِل النّدى والجودَ إلاّ
- وأسرعَ بالثواب وبالجواب
- إذا ما أُبْت بالنَّعماء عنه
- حَمِدْتُ بفضله حُسنَ المآب
- أو کنتَسَبَ کنجذابٌ من قلوب
- فما لسواه ينتسبُ انجدابي
- فيا بدرَ الجمال ولا أماري
- سَأشكرُ فضلَك الضّافي وأدعو
- لمجدك بالدعاء المستجاب
- على نعمِ بجودك قد أفيضتْ
- ولا ترجو بها غير الثواب
- وممّا سرَّني وأزالَ همّي
- دُنُوِّي من جنابك وکقترابي
- ولم أَبْرحْ أهيمُ بكلّ وادٍ
- وأقْرَعُ في ثنائك كل باب
- وأرغَبُ عن سواك بكل حالٍ
- وأطْمَعُ في أياديك الرغاب
- ولم تبرح مدى الأيام تدعى
- لكشف الضر أو دفع المصاب
- أصاب بما حباك به مشيرٌ
- مشيرٌ بالحقيقة والصواب
- وولاّك العمارة إذ تولى
- أمورَ الحكم بالبأس المهاب
- فقمت مقامه بالعدل فيها
- وقد عمرتها بعد الخراب
- وذلَّلتَ الصّعاب وأنتَ أحرى
- وموصوف بتذليل الصعاب
- فلا يحزنك أقوال الأعادي
- فما جَزِعَتْ أسُودٌ من كلاب
- لقد حلَّقتَ في جوّ المعالي
- فكنتَ اليومَ أمنعَ من عقاب
- عَلَوْتَ بقَدْرِك العالي عليهم
- كما تعلو الجبال على الرّوابي
- وما ضاهاك من قاصٍ ودانٍ
- بعدل الحكم أو فصل الخطاب
- وحزتَ مكارم الأخلاق طرّاً
- ومنها جئت بالعجب العجاب
- ألا يا سيّدي طال اغترابي
- فرخِّصْ لي فَدَيْتُك بالذهاب
- فأرجعُ عنك مُنَقَلِباً بخير
- وأحمدُ من مكارمك انقلابي
- وأنظم فيك طول العمر شكراً
- كما انتظم الحباب على الشراب
- وليس يهمُّني في الدهر همٌّ
- وفيك تَعَلُّقي ولك کنتسابي
- فمن شوقٍ إلى وطنٍ وأهلٍ
- غوتُ اليومَ ذا قلب مذاب
- ومن مرضٍ اقاسيه ووجدٍ
- رضيتُ من الغنيمة بالإياب
المزيد...
العصور الأدبيه