الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الغفار الأخرس >> جاءَ الرَّبيعُ بوردِهِ وبهارِهِ >>
قصائدعبد الغفار الأخرس
- جاءَ الرَّبيعُ بوردِهِ وبهارِهِ
- فَلْيَسعَ ساقينا بكأس عقاره
- يا أيها الندماء دونكم التي
- تشفي نجيَّ الهمِّ بعد بواره
- صفراء صافية تزيل بصفوها
- ما كابد الإنسان من أكداره
- يسعى بها أحوى أعنُّ كأنَّه
- ريمُ الفلاة بجيده ونفاره
- في مجلس بزغتْ شموسُ مرامه
- وجلى لنا فيه سنا أقماره
- لله ما فعلَ السرور بموطن
- تجري كُمَيْتُ الراح في مضماره
- أمبادرَ اللّذات أيَّة آية
- أجرى بسعي منادمٍ وبداره
- خذها إذا اكتَسَتِ الكؤوس بصبغها
- خلع الوقورُ بها ثياب وقاره
- ومورد الوَجَنات إنْ حيَّيْتَه
- حيّى بوجنته وآس عذاره
- ظبيٌ أسودُ الغاب من قتلائه
- وصوارم الألحاظ من أنصاره
- قمرٌ إذا ما لاح ضوء جبينه
- أصلى فؤاد الصبِّ جذوة ناره
- ويقول ثائر من أبيدّ بلحظه
- من آخذٌ يا للرجال بشاره
- إنّي لأعلمُ أنَّه في ريقه
- ما راح يسقي الراح في مسطاره
- وليشربن الراح ناشد لذة
- خضرٍ تَفُوحُ برنده وعراره
- وتَنَزَّهوا في كلّ روض معشبٍ
- فلهْ اليدُ البيضاءُ في آثاره
- روضٌ محاسنُ أَرضِهِ كسمائه
- وشروقُ بهجة ليله كنهاره
- فاشرب على النغمات من اطياره
- فكأنَّها النغماتُ من أوتاره
- تتراقَصُ الأَغصان من طرب به
- ما بين شدو حمامه وهزاره
- لا تنكروا ميلَ الغصون فإنَّما
- هذي الغصونُ شَرِبْنَ من أنهاره
- وإذا أَتى فصلُ الرَّبيع فبادروا
- لتناهب اللّذات في آذاره
- فكأنَّه وجه الخرائد مسفراً
- كلّ الجمال يلوح في إسفاره
- وتنزَّهزا في كلّ روض معشبٍ
- لاسيما بالغضّ ممن نوّاره
- ولقد أَسَرَّ لي النسيم أَريجَه
- خبراً رواه العطر عن عطّاره
- فإذا تنفَّستِ الصّبا باحت بما
- كتمته بالأنفاس من أسراره
- يا حبذا زمنٌ يزيدك بهجة ً
- يحكي عليَّ القدر باستيثاره
- متهلّل للوافدين كأنَّه
- روضٌ سقاه الغيث من مدراره
- فتعطرتْ أنفاسه وتبرّجت
- أزهاره في وبلهِ وقطاره
- نشرت محاسن طيّه من بعدما
- سَحَبَ السحاب عليه فضلَ إزاره
- ذاك النّقيب له مناقبُ جمة ً
- عَدَدَ النجوم يَلُحْنَ من آثاره
- بأبي الشريف الهاشميّ فإنَّه
- سادَ الأَنام بمجدهِ وفخاره
- زاكي العناصر طيِّب من طيِّبٍ
- فرعٌ، رسول الله أصلُ نجاره
- نورُ النبوَّة ساطع من وجهه
- أو ما ترى ما لاح من أنواره
- عذب النوال لسائليه وإنه
- كالشهد تجنيه يدا مشتاره
- تيّار ذاك البحر يعذبُ ماؤه
- فأغرف نميرَ الماء من تياره
- كرِّرْ حديثك لي يمدح ممجَّدٍ
- يحلو إلى الأسماع في تكراره
- إنْ أمتدحه بألف ألف قصيدة
- لم أبلغ المعشار من عشاره
- جرِّدته لو آنَّ الدهر حاز أمانه
- ما جار معتدياً على أحراره
- هو رحمة ٌ نزلت على أخياره
- وهو الخيار المصطفى لخياره
- فلقدْ تعالى في علوِّ مقامه
- حتى رأيت البدر من أنظاره
- أمِنَ المخوفَ من الزّمان كأنّما
- أخَذَ العهودَ عليه من أخطاره
- اليمنُ كوّن واليسارُ كلاهما
- في الدّهر طوع يمينه ويساره
- أميسّر الأمر العسير أعِدْ إلى
- عبدٍ يراك اليسر في إعساره
- نظراً تريه به السعادة كلّها
- يا من يراه السعد في أنظاره
- مستحضر فيك المديح وحاضرٌ
- منك الغنى أبداً مع استحضاره
- يا سيّداً لا زال في إحسانه
- من فضله بلجينه ونضاره
- أوليته منك المكارم فاجتنى
- ثمرات غرسِ يديك من أفكاره
- فكلم غرست من الجميل مغارساً
- كان الثناء عليك من أثماره
- وکقبَلْ من الدّاعي لمجدك عُمْرَه
- ما يستقلّ لديك من أشعاره
المزيد...
العصور الأدبيه